خاص

المستشار المرشد لـ الجريدة•: المساواة بين خريجي «الحقوق» و«الشريعة» في سلك المحاماة مجحفة وظلم فادح

أكد اختلاف خريجي الكليتين في التأهيل القانوني والإعداد الحقوقي

نشر في 29-10-2019
آخر تحديث 29-10-2019 | 00:05
 رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة الدستورية رئيس محكمة التمييز السابق المستشار فيصل المرشد
رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة الدستورية رئيس محكمة التمييز السابق المستشار فيصل المرشد
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى عرض قانون مهنة المحاماة مجددا على مجلس الأمة، للنظر في التعديلات التي وافق عليها المجلس في دور الانعقاد الماضي، والتي تتضمن استبعاد أساتذة «الحقوق» والنواب والمحامين من ممارسة المهنة، طالب عدد من القانونيين مجلس الأمة بالنظر في استبعاد خريجي كلية الشريعة من ممارستها أو ضم كليتي الحقوق والشريعة مجددا، لعدم سلامة الوضع القانوني الحالي الذي يسمح بمساواة خريجي الكليتين.
أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة الدستورية رئيس محكمة التمييز السابق المستشار فيصل المرشد أن المساواة بين خريجي «الحقوق» و«الشريعة»، في سلك المحاماة، مجحفة بحق خريجي الحقوق، ومن المستقر عليه أن المساواة بين غير المتساوين في الحقوق غبنٌ بيّن وظلم فادح بخريجي الحقوق؛ لاختلافهما في التأهيل القانوني والدستوري، وفي الإعداد الحقوقي والعملي للمحاكمات؛ فقد تلقوا علومهم من أساتذة متخصصين في هذه العلوم والدراسات؛ بخلاف الحال في كلية الشريعة.

وأوضح أن هذه المساواة ستجعل الشباب والشابات يتجهون الى الالتحاق بكلية الشريعة التي تحقق لهم نفس الميزة التي تحققها كلية الحقوق، وهو القبول في سلك المحاماة والوظائف الرديفة لها، مع سهولة مناهج كلية الشريعة مقارنة بمناهج ومقررات كلية الحقوق أو القانون؛ والبون الشاسع بين الكليتين في مستوى المقررات وفي تخصص الأساتذة الذين تلقوا الدراسات والعلوم على أيديهم.

وتابع: «ومن ثم سنصل إلى نظرية الهرم المقلوب؛ وسينقلب الحال ليكون التكدس في كلية الشريعة بدلا من الحقوق، مع الأخذ في الاعتبار أن مجالات مخرجات كلية الشريعة محدودة، وأغلبها لا يُقبل عليها خريجوها، والأولى دمج كلية الحقوق في كلية الشريعة؛ لتحقيق المساواة العادلة في الدراسة والمهنة على السواء كما كانت من قبل، حتى لا يظلم خريجو الشريعة، ولا يجدون الوظائف المناسبة لهم التي تحقق طموحهم».

عدد ضئيل

وأردف المرشد: «تأمل معي العدد الضئيل الذي يُقبل من خريجي الشريعة في القضاء أو بالأحرى في النيابة العامة، التي لا ينجح أغلبهم في القيام بواجبات الوظيفة كخريج الحقوق الذي يُقبلُ منهم أضعاف ما يُقبل من خريجي الشريعة؛ وذلك لمحدودية تخصصهم في الأمور الشرعية، وهي محدودة جدا في النيابة العامة في نيابة الأسرة، التي لا تحتاج الى عدد كبير من وكلاء النيابة، وكذلك الحال في القضاء عملهم محدود في قضايا الأسرة التي تمت تغطية حاجتها بالعدد المناسب والكافي».

واستطرد: «ثم تأمل معي أعداد خريجي الشريعة في العقود الثلاثة الفائتة على فصلها عن الحقوق؛ وكم منهم التحق بوظيفة تدخل ضمن تخصصه الشرعي، وكم منهم عمل في وظيفة خارج تخصصه، وستجد الفئة الأخيرة أعدادهم أضعاف من عَمِلَ في تخصصه؛ لأنهم يُركزون على القضاء (النيابة العامة) والتدريس بالجامعة كمعيد وأستاذ، وهذه وتلك لا يُقبَلُ فيها إلا أعداد محدودة جدا لمحدودية تخصصهم».

وقال: «علاوة على أن خريجي الشريعة لا يميلون للعمل في الخطابة بالمساجد أو الدعوة أو الإمامة؛ علما أن من يقوم بالخطابة لا يزيدون عن مئة مواطن، وأغلبهم متطوع ولديه وظيفة أساسية أخرى».

وظائف قانونية

وأضاف المرشد: «خالص القول أن فصل كلية الشريعة عن توأمها كلية الحقوق (القانون) ألحقَ ظُلما فادحا بطلبة الشريعة، وغبنا بيّنا يشعرون به حينما يجدون أغلب أبواب الرزق مغلقة أمامهم، ليس لعيبٍ فيهم ولكن لمحدودية تخصصهم؛ بينما يرون إخوانهم من خريجي الحقوق يلتحقون بوظائف قانونية، سواء على مستوى القطاع الحكومي أو الخاص الذي لا يستغني عن تخصصهم».

وتابع: «للتوفيق بين الرأيين في حالة ضم الحقوق للشريعة لتكون كلية واحدة لتعود سيرتها الأولى التي تخرج فيها جُل قياديي الدولة، وأوائل من التحق بالمحاماة وأبلوا جميعهم بلاء حسنا، بإمكان خريجي كلية الشريعة، بعد الضم، ممن يهوى التعمق والتخصص في الدراسات الشرعية أن يصبح معيدا في الكلية، ليكون فيما بعد أستاذا في الشريعة ويدرس مادتها بذات الكلية بتوأمتها المذكورة، وبذلك نكون وفقنا بين الرأيين وأنصفنا الخريجين جميعهم، والذين سوف يُقبَلونَ في جميع الوظائف الشرعية والقانونية على السواء».

سوق العمل

بدوره، أكد المحـــــامــــي د. جمال الفضلي أن سماح النصوص الحالية بقانون مهنة المحاماة لخريجي كلية الشريعة بممارسة المهنة رغم انفصال كلية الحقوق عن «الشريعة» عام 1982 يستدعي بعد فشل المجلس في استبعاد خريجي «الشريعة» من ممارسة المهنة أن تعمل جامعة الكويت مجددا لضم الكليتين، لضبط سوق العمل القانوني، الذي يمارسه خريجو «الشريعة» رغم أنهم لا يخضعون لدراسة جميع مواد القانون التي تؤهلهم للعمل بهذا السوق.

وأضاف الفضلي أن العمل القانوني يتطلب فيمن يمارسه أن يكون ملما بالقوانين الإجرائية المعنية بتنظيم المحاكمات المدنية والجزائية كقوانين المرافعات المدنية والتنفيذ والإجراءات والمحاكمات الجزائية، مبينا أن دراسة تلك القوانين لا تعادلها في الدراسة أي قوانين أخرى لأنها القوانين المعمول بها عمليا في ممارسة المهن القانونية، سواء المحاماة أو النيابة العامة أو القضاء، ولانها القوانين التي تحدد الشكل والاطار الذي تجرى به إجراءات التقاضي أو التحقيق والمحاكمات المدنية أو الجزائية التي تجرى أمام المحاكم باختلافها، وهي قوانين يخضع لدراستها خريجو كلية الحقوق دون سواهم.

وأشار الى ان قرار فصل «الحقوق» عن «الشريعة» كان نتيجة مطالبات في حينها، ثبت عدم سلامتها، خصوصا لما يشهده سوق العمل من إقبال خريجي كلية الشريعة على الوظائف والمهن القانونية رغم انهم لم يجتازوا كل المواد القانونية التي تسمح لهم بذلك، واصبحت «الشريعة» اليوم إزاء عدم تنظيم الأمر بوابة عبور على الوظائف القانونية، والتي يتعين أن تكون حكرا على القانونيين لما يتمتعون به من تأهيل يسمح لهم بممارستها، موضحا أن الواقع العملي خير دليل على سلامة تأهيل خريجي «الحقوق» في سوق العمل، نظرا لطبيعة الدراسة فيها.

الغريب: المحامي مرشد للمجتمع ومعاون للمحكمة

قال المحامي حسين الغريب إن «المحامي يقوم بدورين في منتهى الأهمية؛ الأول كمرشد قانوني للمجتمع، والثاني كمعاون قضائي للمحكمة، وهو ما يتطلب تأهيلا عالي المستوى، وإلا ضُيِّعت الحقوق». وتابع: «رغم كل التشريعات المنظمة لمهنة المحاماة، فهي ما زالت تعج بخريجي كليات حقوق لم يدرسوا القانون، في زمن الشهادات المزورة، وسيزيد وضع المهنة سوءاً إذا أُضيف إليهم خريجو «الشريعة»، سواء الدارس منهم أم المزور لشهاداته، إذ من اليقين أنه لم يفقه أحدٌ منهم القانون، فكيف سيرشد المجتمع أو يعاون القضاء؟!».

وعن اقتراح إعادة دمج كلية الشريعة بكلية الحقوق، لتعود كما كانت حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، رأى الغريب أن ذلك أمر لا يخلو من منطق، «فالفقه القانوني والفقه الشرعي في جانب المعاملات يستهدفان إرساء العدالة بين الناس، وكلا الفقهين يسند أحكامه إلى مبررات أخلاقية قبل أي شيء آخر».

وأضاف: «من الناحية التاريخية، يمكن القول إن القوانين وُلدت من رحم الشرائع السماوية، فهناك من يعتقد أن المصدر التاريخي للقانون المدني الفرنسي الأول هو موطأ الإمام مالك، كما أن مجلة الأحكام العدلية كقانون مدني عثماني كُتبت على هدي الفقه الحنفي، وفي الكويت نص الدستور على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع، وأن الميراث حق تنظمه الشريعة الإسلامية، والقانون المدني بدوره نص في مادته الأولى على أن الفقه الإسلامي يحكم ما لم يرد فيه نص من الوقائع المعروضة على المحاكم، كما أن القانون فتح المجال واسعاً لالتزام أحكام الشريعة في المعاملات التجارية للشركات بالمجالات البنكية والتأمينية وغيرها».

وختم: «يبقى أن نشير إلى أن العدالة تحكم سلوك الأفراد والجماعات؛ الحاكم منها والمحكوم، وهي تنهل من ينبوع الفقهين القانوني والشرعي في بعده الدنيوي، فإن وقعا تحت تأثير أصحاب المصالح والنفوذ مالت العدالة عن استقامتها، وضُيِّعت حقوق الأفراد والجماعات، وسقطت الدول».

المساواة ستجعل الشباب يتجهون للالتحاق بكلية الشريعة التي تحقق لهم نفس الميزة

الأولى دمج الكليتين لتحقيق المساواة في الدراسة والمهنة

عدد من يقبل من خريجي «الشريعة» في النيابة والقضاء ضئيل لمحدودية تخصصهم بهما بعكس خريجي «الحقوق» المرشد

ضمهما ضرورة للحفاظ على سوق العمل القانوني جمال الفضلي
back to top