نقطة : إن شاالله ما حضروا...

نشر في 25-10-2019
آخر تحديث 25-10-2019 | 00:25
 فهد البسام سمة هذه المرحلة من عمر الكويت هي انتشار الإشاعات المتضاربة واللامنطقية أحياناً، يرافقها دائماً ادعاء العلم بما يجري وراء الأسوار العالية مما لا يعلمه إلا الله، مع محاولات حثيثة لتحليل ما بين السطور التي لم تُكتبْ بعد، وقد يكون أكثرها انتشاراً وادعاءً وتحليلاً وانشغالاً من الناس هذه الأيام هي خلافات كبار الوزراء التي ربما كشفها أسلوب تعاطيهم مع مشروع قانون المنطقة الشمالية -الحرير سابقاً- وإجراءات رفعه إلى مجلس الأمة على دفعتين.

فمن طبيعة البشر الرغبة في معرفة ومتابعة ما يجري حولهم، والأذن لا تشبع من الخبر والإشاعة والنميمة، وخصوصاً إذا ما تعلق الأمر بعلية القوم، فحينها كل حركة، فيما بينهم مهما صغر حجمها وأثرها، تكون قابلة للتفسير السياسي، والذي قد يكبّر من حقيقة الموضوع ويعطيه أكثر من قيمته، وفي المقابل يعطي أهمية زائفة للمتابع فيرضى عن نفسه نتيجة لاهتمامه بالشأن السياسي ومستقبل البلد كما يعتقد، وللناقل أو المحلل، فيشعر بقيمته بين جمهوره هو الآخر.

إن غاية الدولة هي الحياة الطيبة، قالها أحدهم قبل آلاف السنين، ومازالت مقولته تلك صالحة إلى يومنا هذا، لهذا يُفتَرض ألا تشغلنا خلافات الكبار والوزراء عن حياتنا وطلب جودتها وسهولتها إلا بقدر انشغالهم هم بنا عندما اختلفوا أساساً، فلا يجب أن نهتم بهم بأكثر من اهتمامهم بنا وبتوفير الحياة الكريمة لنا، فيستمدوا حينئذ قيمتهم لدينا من قدرة أجدرهم على إسعادنا، لا من فراغنا الذي نملأه بأخبارهم، فهم مَن عليهم التنافس علينا فيما بينهم لا نحن من يتنافس على تلقُّط أخبارهم ومناكفاتهم واصطفافاتهم التي لن تؤثر أو تحسن شيئاً من حياتنا اليومية.

جودة الحياة هي ما تعني المواطن العادي، وهذه الخلافات والتنافسات إن لم تكن بسبب التباين في وجهات النظر حول رؤى وأفكار تتعلق بمستقبل البلد وأسلوب إدارته، فإنها بالتالي لا تعدو أن تكون خلافاً عائلياً بروتوكولياً روتينياً لا يعنينا وبالإمكان حله على الغداء لو دعاهم طرف ثالث نزيه، أو في أعمق الأحوال، هي لفة جديدة في لعبة الكراسي الموسيقية المعتادة، ومن سيجلس لا يعلم ما هو فاعل بعد ذلك، فما كان يدفعه إلى الدوران مجرد رغبة شخصية جامحة للفوز بالكرسي وإثبات الذات لا أكثر، وفي هذه الحالة إن جاء زيد أو حضر عمرو... طب وإحنا مالنا إن شا الله ما حضروا.

back to top