الحريري يقرّ «إصلاحات جريئة»... والشارع لا يتجاوب

أيّد انتخابات مبكّرة
عون: تعميم الفساد فيه ظلم كبير
جنبلاط وجعجع لإزاحة باسيل
● هتافات وشتائم لم تستثنِ زعيماً

نشر في 22-10-2019
آخر تحديث 22-10-2019 | 00:05
متظاهرون في  وسط بيروت أمس   (أ ف ب)
متظاهرون في وسط بيروت أمس (أ ف ب)
انتهت مهلة الـ 72 ساعة التي حددها رئيس الحكومة سعد الحريري لشركائه في مجلس الوزراء دون أن يعلن استقالته، بينما أقرت حكومته ورقة إصلاحية وصفت بأنها جريئة، لكنها لم تُرض الشارع الذي شهد تزايداً في الاحتجاجات ودعوات لعصيان مدني.
لليوم الخامس على التوالي تداعى اللبنانيون، أمس، إلى ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء في وسط بيروت، كما شهدت منطقة صور تظاهرة حاشدة. وكان لافتا لليوم الثاني على التوالي حجم المشاركة في تظاهرة طرابلس. كما تجمّع المواطنون عند نقطة «الشيفروليه» في بيروت وجل الديب (كسروان) والنبطية (الجنوب) وحلبا (عكار).

ومع بدء ظهور تباينات سياسية بين القوى والشرائح والروابط المشاركة في التظاهرات وبوادر انقسامات قد تتزايد في الأيام المقبلة، أعلنت جمعية المصارف استمرار إغلاق البنوك، كما قالت المدارس الكاثوليكية إنها ستواصل تعليق الدروس لليوم الثاني على التوالي. ووسط دعوات لعصيان مدني، أفادت معلومات بأن أنصار التيار الوطني الحر، يتجهون الى التظاهر دعماً للرئيس، وأن مناصري حزب الله قد ينضمون إليهم في وقت لاحق.

وعلى وقع استمرار الاحتجاجات في مختلف المناطق اللبنانية وتواصل قطع الطرقات، عقد مجلس الوزراء جلسة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون في غياب وزراء «القوات اللبنانية» الذين قدّموا استقالاتهم فيما انتهت مهلة 72 ساعة التي حددها رئيس الحكومة سعد الحريري لنفسه دون أن يقدم استقالته.

وقد أقرت الحكومة خلالها ورقة الإصلاحات التي أعدها الحريري ومشروع موازنة 2020.

وقال الرئيس عون في مستهل الجلسة إن «ما يجري في الشارع يعبّر عن وجع الناس، ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير، لذلك يجب على الأقل أن نبدأ باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً أو مستقبلا».

كما وقّع الرئيس عون مرسوم إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب. وأفيد بأن سجالا حصل بين وزراء «التقدمي» ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية ورقة الإصلاحات، مما أدى إلى مغادرة وزيري «الاشتراكي» الجلسة قبل انتهائها.

الحريري

وقال الحريري، إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس إن «هدف الممارسة السياسية هو تأمين كرامة الناس والشعور بالسيادة والاستقلال، وأن يكون هناك خدمات للناس وطبابة وضمان». وقال: «الشباب والصبايا صبروا لوقت طويل، واليوم انفجروا للتعبير عن غضبهم والمطالب كثيرة ومحقة، والمهلة التي طلبتها لم أطلبها من الشعب إنّما من الشركاء في الحكومة».

وأعلن عن إقرار:

• الموازنة بعجز 0.6 من دون أيّ ضرائب.

• خفض موازنة مجلس الجنوب والإعمار بنسبة 70%.

• خفض رواتب الوزراء والنواب بنسبة 50%.

• 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية.

• إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة وقانون لإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد.

• إلغاء وزارة الإعلام، ووضع خطة لإلغاء المؤسسات غير الضرورية.

• إقرار المشاريع الأولى من «سيدر» لخلق فرص عمل خلال الـ5 سنوات المقبلة.

وتابع: «القرارات التي اتخذناها لا تحقق مطالبكم، ولن أطلب منكم التوقف عن التظاهر، ولا أسمح بتهديدكم، وعلى الدولة حمايتكم لأنّكم البوصلة». وختم: «من موقع مسؤوليتي قمت بواجبي، وأنتم تطالبون بكرامتكم وصوتكم مسموع، وإذا كانت الانتخابات النيابية المبكّرة هي مطلبكم، فأنا مستعد». وأكد المتظاهرون رفضهم للإصلاحات التي أقرتها الحكومة، ودعوا إلى مواصلة الاحتجاجات لحين إجراء إصلاحات حقيقية واستقالة الحكومة. وهتفوا من وسط بيروت: «لا ثقة بحكومة ليست متفقة على هذه الإصلاحات، أين كانت إصلاحاتكم منذ سنوات».

بري

واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث صحافي، أمس، أن «جريمتي أنني مع وحدة لبنان والحفاظ عليه»، مشيرا الى أن «من يقود الحملات ماكينات ممولة من الداخل والخارج تقوم بهذا الفعل، لكنّني مستمر في حماية لبنان الى آخر يوم في حياتي».

في السياق، رأى رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط في حديث إلى قناة الميادين، مساء أمس الأول، أن «الحراك الشعبي غير مقتنع بالورقة الإصلاحية، وهو يريد إسقاط النظام، وعلينا تلبية ذلك بتنظيم الانتخابات المبكرة وتقبّل نتائجها»، مشددا على أن «الحل بانتخابات خارج القيد الطائفي».

وقال: «طرحنا ورقة اقتصادية، لكن لا بد من الإصلاح من الداخل وتعديل وزارات أساسية»، مضيفا أن «بعض الوزراء ومنهم جبران باسيل يجب أن يتنحّوا، ولا يمكننا البقاء معهم في الحكومة».

واعتبر أنه على «حزب الله أن يتفهّم غضب الشارع»، لافتاً إلى أن «تغطية حزب الله على رمز الاستبداد الحكومي جبران باسيل يجب أن يتغير».

ميقاتي

إلى ذلك، اعتبر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أن «التظاهرات في لبنان حضارية وموقفها وطني وشامل من دون أي طائفية ومذهبية»، مشيرا إلى أن «الورقة الإصلاحية المطروحة جيدة، لكن العبرة بالتنفيذ».

وتمنى ميقاتي أن «يستقيل الرئيس الحريري ويعاد تكليفه ويشكّل حكومة مع فريق عمل متجانس لتنفيذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة والورقة الإصلاحية التي أعدها». وختم: «إذا كانت هناك صعوبة في تشكيل حكومة جديدة، فيجب إجراء تعديل وزاري ووضع حد لاستعلاء البعض وفوقيته، ومنهم الوزير جبران باسيل الذي لم يلامس واقع اللبنانيين بطروحاته».

في موازاة ذلك، أكّد رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع أن «هذه المرة، سيكون احتواء الشارع صعبا من خلال سياسات الترقيع، ويجب أن يقدم رئيس الحكومة استقالته، ولتشكل حكومة الصدمة، على أن تكون بعيدة بالتأكيد عن الطبقة السياسية الحالية».

وقال في حديث لصحيفة «لوريان لو جور»، نشر أمس، «بلغت موجة الاحتجاجات مدينة طرابلس ومناطق أخرى لطالما اعتبرت معاقل مهمة لتيار المستقبل. هذا يعني أن القاعدة الشعبية للرئيس الحريري ما عادت تتقبل خياراته السياسية، وعليه أن يراجع علاقته مع الوزير باسيل».

هتافات وشتائم لم تستثنِ زعيماً

طالت الشعارات والهتافات التي رددها المتظاهرون في ساحات بيروت ومدن أخرى، من شمال البلاد حتى جنوبها، كل الزعماء السياسيين دون استثناء، في مشهد غير مألوف بلبنان كسر «محرمات» لم يكن من السهل تجاوزها، وابتكر المتظاهرون شعارات لكل زعيم سياسي، تتضمن غالبيتها كلمات بذيئة.

كلون يعني كلون

وإلى جانب شعار «ثورة ثورة» وشعار «الشعب يريد إسقاط النظام» المستورد احتل الصدارة هتاف «كلون يعني كلون»، في إشارة إلى المطالبة برحيل الطبقة السياسية كاملة. وفي بلد تحكمه توازنات طائفية يطمئن هذا الشعار البعض إلى أن التحرك الشعبي لن يستهدف طائفة بعينها.

نصرالله واحد منون

وطالت الشعارات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي كان توجيه اتهامات أو انتقادات ذات طابع سلبي إليه من المحرمات في السابق، حتى ان تقليده في برامج فكاهية تسبب أحيانا في ردود فعل غاضبة من أنصاره بالشارع، وكرر المتظاهرون مرارا «كلون كلون كلون، نصرالله واحد منون».

باسيل «هيلا هو»

ونال وزير الخارجية جبران باسيل، صهر الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر، الحصة الأكبر من الشتائم، وردد المتظاهرون بكثافة أنشودة ضمنوها شتائم بذيئة تبدأ بعبارة «هيلا هو»، وحولوها إلى مقطوعات موسيقية تم تداولها عبر مواقع التواصل.

«بي الكل فل»

ورداً على تسمية «بي (أب) الكل»، التي أطلقها مناصرو التيار الوطني الحر على عون بعد انتخابه رئيسا، ردد المتظاهرون «فلّ (ارحل) فلّ فلّ منَك (لست) بي الكل».

«حرامي حرامي»

ولم يغب اسم رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يرأس حركة أمل، عن لسان المتظاهرين الذين اتهموه بالسرقة والفساد، ورددوا هتاف «حرامي حرامي نبيه بري حرامي»، وحملوا عليه لبقائه في منصبه منذ بداية التسعينيات واستهدفوا خصوصا زوجته رندا بشتائم بذيئة.

حكم الأزعر وحكم المصرف

واستعاد المعتصمون شعاراً رددوه خلال أزمة نفايات اجتاحت شوارع بيروت ومناطق أخرى في عام 2015 هو «يسقط يسقط حكم الأزعر»، وهي تسمية تطلق على الأشخاص ذوي السوك السيئ، كما ردد بعضهم شعار «يسقط يسقط حكم المصرف»، في إشارة إلى النفوذ الاقتصادي الكبير للمصارف.

وفي دليل على تضامن اللبنانيين في هذا البلد الصغير، حيث توجد 18 طائفة، ردد بعض المتظاهرين شعار «إسلام ومسيحي مع دولة مدنية».

ولاقت لافتة كتب عليها باللغة الإنكليزية «أسعد مكتئبين قد تلتقونهم على الإطلاق»، في إشارة إلى الاحتفالات الصاخبة التي شهدتها التظاهرات، تداولا على مستوى دولي واسع على وسائل التواصل.

back to top