لماذا يعصرون تركيا؟!

نشر في 20-10-2019
آخر تحديث 20-10-2019 | 00:19
 عبدالمحسن جمعة كان مثيراً للسخرية وسخيفاً التبرير الذي تفتق عنه عقل وزير الخارجية الفرنسي جان لودريان، خلال مؤتمره الصحافي في بغداد، أمس الأول، لتبرير دعوة العالم لنصرة قوات سورية الديمقراطية الكردية (قسد) ضد العملية العسكرية التركية (نبع السلام)، وهو أن الأكراد يحرسون معسكرات حجز أعضاء تنظيم ما يسمى داعش وأهلهم والذين ينتمون لـ 72 دولة ترفض عودتهم إليها، وهو أحد "مسامير جحا" التي يستخدمها الغرب لبقاء التنظيمات الكردية، ومحاولة خلق دولة لهم تتمدد في المستقبل لتجزئة تركيا وجوارها.

العالم كله منتفض في وجه تركيا، لأنها تواجه تنظيماً إرهابياً يهدد كيانها ووحدة أراضيها، فنائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير خارجيته بومبيو وكل أوروبا والكونغرس الأميركي، ومن خلفهم بالطبع المحرك الرئيسي والخفي إسرائيل، يتحركون ضد أنقرة، في حين أنه عندما كانت تُقصف المدن السورية بالأسلحة الكيماوية فلا تحرك ولا كلام، كما أنه عندما يسيطر النظام العلوي السوري على المدن الكردية لا مشكلة لديهم، بينما عندما تطالبهم تركيا بحل مشكلة 4 ملايين لاجئ سوري على أراضيها فهم لا يفعلون شيئاً سوى الصمت، والطلب من السُّلطات التركية منعهم من عبور الحدود إلى أوروبا.

حتى حلف الناتو، العضو فيه تركيا، انقلب عليها، بينما عندما تركت الوحدة العسكرية الهولندية الصرب يقومون بمذبحة سربرنيتشا ضد البوسنيين المسلمين لم ينبس الحلف ببنت شفة، أو يطالب بمحاسبتها، لأن هولندا عضو في النادي المسيحي، بخلاف تركيا.

لا يوجد من يملك ذرة عقل لا يعرف أن المؤامرة تتطلب عصر تركيا، التي تكبر ويكبر معها النفوذ الإسلامي السُّني الحُر، وهبّة العالم الغربي بهذا الشكل لمصلحة تنظيم كردي تعبِّر عن حالة غير طبيعية، بينما عشرات الحركات الانفصالية، بعضها في أوروبا نفسها وحول العالم، يتم تجاهلها.

الأوروبيون لا يريدون أن تنضم تركيا لهم في الاتحاد الأوروبي، لكنهم يريدونها أن تحرس لهم حدودهم الشرقية من المهاجرين، والأوروبيون يريدون أن تستنزف تركيا، من خلال رعاية 4 ملايين لاجئ سوري، ويريدون تنظيمات كردية على حدودها، لتشغل الأتراك، وتجعلهم في حالة استنفار دائم، واللعب بالورقة الكردية حتى النفس الأخير، وربما لتجزئة تركيا، وهو الحلم الأوروبي المتجدد، فالروهينغا والأيغور وغيرهما كثير يقتلون ويهجرون، لكن الغرب كله مستنفر من أجل "قسد"، فما أقبح العنصرية ومؤامرات النادي المسيحي وحليفه الصهيوني الشيطانية.

back to top