آمال : تونس تقود

نشر في 15-10-2019
آخر تحديث 15-10-2019 | 00:25
 محمد الوشيحي أغبى التعليقات التي نقرأها في وسائل التواصل، أو نسمعها ونشاهدها في وسائل الإعلام: "انشغل في بلدك. لا تتدخل في شؤون البلدان الأخرى كي لا تتدخل شعوبها في بلدك"، وهي جملة لو سمعتها الشعوب الأوروبية أو أي شعب حر، لبكي شفقة وحزناً. ولو أن أحداً تجرأ وقال لمواطن أوروبي، يعرف جيداً قيمة حرية الرأي، ذات الجملة، لرزعه على قفاه، وسحبه من أذنه الكريمة إلى أقرب محكمة بحجة التضييق على الرأي.

وأجزم أن هذه الجملة مصوغة استخباراتياً، بمعنى أنها من تأليف وسيناريو وحوار استخبارات بعض الدول العربية القمعية، ومعناها الحقيقي: "لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى كي لا يتدخلوا هم في شؤوننا ويفضحوا فسادنا وطغياننا على شعبنا. دع كل سلطة طاغية تبطش بشعبها، ونبطش نحن بشعبنا، تحت الظلام، بعيداً عن أضواء الإعلام".

وبالطبع، لا تتوقف أوامرهم عليك بالابتعاد عن شؤون الدول الأخرى، بل الأهم من ذلك أن تسكت عن كل فساد تشاهده في بلدك أيضاً، وإلا اعتُبرت خائناً خارجياً عميلاً! وعندما تسألهم بحزن وانكسار: "إذاً علي التزام الصمت وعدم انتقاد أحد؟"، يجيبونك بأبوة الاستخبارات: "لا أبداً، يمكنك انتقاد أفراد الشعب ويمكنهم أيضاً انتقادك. فقط ابتعدوا عن السلطات".

لهذا، ولمثل هذا، تباشر أحرار العرب وحرائرهم بنجاح قيس سعيّد في انتخابات الرئاسة التونسية. باعتبار نجاحه، هو بالذات، نجاحاً للشعب التونسي. وبالتأكيد سيتمدد مفعول هذا النجاح حتى يصل إلى كل الوطن العربي. الموضوع فقط يحتاج إلى وقت. وهذا هو تفسير السبب الرئيسي للفرحة العارمة التي ضج بها "تويتر" العرب بعد إعلان نتائج انتخابات الرئاسة التونسية. إضافة إلى فرحتنا بما يفرح الشعب التونسي الحر، الذي دفع أثماناً باهظة قبل أن يحصل على النجاح الباهر. ألف مبروك لكل حر يؤمن بأحقية الشعوب في إدارة شؤونها بنفسها.

back to top