إردوغان يوسع هجومه بسورية... وترامب يسحب ألف جندي

• واشنطن تبتعد عن مسار المعارك وتهدد بضرب «فصائل تركيا»
• فرار مئات سجناء «الدواعش»
• أنقرة: التهديدات الأوروبية لن توقف «نبع السلام»
• اتفاق بين دمشق والأكرد بشأن منبج وكوباني

نشر في 14-10-2019
آخر تحديث 14-10-2019 | 00:05
وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية جديدة في شمال سورية، احتدمت المعارك لليوم الخامس على التوالي بين الوحدات الكردية والقوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، على شريط الحدود شرق نهر الفرات، الذي تسعى أنقرة إلى السيطرة عليه وإنشاء منطقة آمنة فيه.
في خامس أيام عمليته، التي لاقت تنديداً عربياً ودولياً، وسع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، نطاق توغّل قواته في شمال سورية إلى ما بين 30 و35 كلم، مشددا على أن التهديدات الغربية بفرض عقوبات وحظر تصدير الأسلحة لن تدفعه لوقف استهداف الوحدات الكردية.

وقبل أن يعلن إردوغان، في خطاب متلفز، سيطرة الجيش التركي وحلفاؤه من المعارضة السورية على تل أبيض في الرقة، فر 750 من عوائل تنظيم "داعش" من مخيم عين عيسى للاجئين، على وقع تحذيرات الأمم المتحدة من وصول عدد النازحين إلى 400 ألف شخص.

وأكدت الإدارة الذاتية الكردية أن عناصر الأمن الداخلي (الأسايش) انسحبت من مخيم عين عيسى، الذي يقطنه 13 ألف نازح، ليصبح بلا حراسة وبلا إدارة بعد أعمال شغب قام بها عوائل "داعش"، إثر استهدافه من قبل القوات التركية، مطالبة بالتدخل السريع لمنع حدوث كارثة وخروج الأمور عن السيطرة.

وأوضحت وزارة الدفاع التركية أنها دخلت تل أبيض، وهي واحدة من النقاط الرئيسية، التي يركز عليها هجومها، مشيرة إلى توغل قواتها وفصائل المعارضة الموالية لها بعمق يتراوح بين 30 و35 كم داخل سورية، وسيطرت على طريق "إم 4" الواصل بين الحسكة وحلب واللاذقية.

وفي وقت شنت الوحدات الكردية (YPG) وقوات سورية الديمقراطية (قسد) هجوماً معاكساً في رأس العين، تحاول القوات التركية قطع الإمداد عنها بوضعها أكثر من 20 دبابة ومصفحة في محطة المبروكة على الطريق الدولي الموازي مع الحدود.

وأفاد المرصد السوري بسيطرة القوات التركية على قطاعات كبيرة من بلدة سلوك في ريف الرقة، إثر اشتباكات وضربات جوية استهدفت مناطق محيطة بها، مؤكدا تمكّن الوحدات الكردية من استعادة مواقعها مؤقتا برأس العين، مع استمرار الاشتباكات على الأطراف الغربية لها.

القوات الأميركية

ووسط أنباء عن خروج القوات الأميركية من قاعدة مشتل نور في كوباني ونقل عدد قليل بعيداً عن عين عيسى، كشف وزير الدفاع مارك إسبر عن خطة لإجلاء ألف جندي من شمال سورية.

وقال إسبر: "بعد أن وجدنا أنفسنا عالقين بين جيشين متحاربين في الشمال السوري"، أمر الرئيس دونالد ترامب القوات بالتحرك جنوبا، بعيدا عن هجمات تركيا ضد الأكراد، وليس مغادرة سورية.

وقبله، نبّه مسؤول في "البنتاغون"، أمس، إلى أن القوات الخاصة المنتشرة في الشمال السوري مهددة بأن تصبح محاصرة، محذرا من أن الوضع "يتدهور بسرعة"، ويمكن أن تشتبك مع الفصائل المدعومة من تركيا في أي لحظة.

قتلى وإعدامات

وإذ أكدت "قسد"، أمس، خسارتها 31 من أفرادها في الهجوم التركي بإجمالي 104 منذ بدء عملية "تبع السلام" يوم الأربعاء، أعلن إردوغان مقتل جنديين تركيين و16 مقاتلاً و18 مدنيا وإصابة 147 آخرون خلال الهجوم وفي قصف للمدن والقرى الحدودية، مشيرا إلى أنه تم تحييد 490 مقاتلا من الوحدات الكردية.

ووثّق المرصد مقتل أكثر من 17 من الفصائل الموالية لتركيا في هجومها المعاكس على رأس العين، إضافة إلى 14 مدنيا في قصف مدفعي وإطلاق نار شمال بلدة عين عيسى وجنوب مدينة تل أبيض شمال الرقة.

إعدامات

وبحسب المرصد ومجلس "قسد" المدني، أعدم مقاتلون موالون لأنقرة 9 مدنيين رمياً بالرصاص على دفعات إلى الجنوب من تل أبيض، بينهم الأمينة العامة لحزب "مستقبل سورية" الكردي هيفرين خلف (35 عاماً).

وقام المسلحون السوريون الذين يعتقد أن بعضهم كان ينتمي الى فصائل متشددة بتصوير قتل الأكراد غير المسلحين وتوزيع الشريط، مما أثار موجة استنكار دولية.

وأكدت "الخارجية" الأميركية متابعتها بقلق بالغ التقارير عن مقتل القيادية الكردية مع عدة أسرى من "قسد"، وإدانتها بأشد العبارات أي انتهاكات أو عمليات إعدام خارج نطاق القانون للمدنيين والأسرى، معتبرة أن تلك الملابسات تعكس زعزعة الوضع بشكل عام في شمال شرق سورية منذ بدء الأعمال القتالية".

تل رفعت ومنبج

وخلافا لما يجري في أقصى الحدود الشمالية الشرقية، يتفادى الجيش التركي مدينة تل رفعت، التي يسيطر عليها النظام السوري، ومنبج القريبة التي تهيمن عليها "قسد"، كي يتسنى له التفرغ لمناطق شرق الفرات لفرض "المنطقة الآمنة".

في هذه الأثناء، وصلت تعزيزات عسكرية للرئيس بشار الأسد إلى مشارف منبج وكوباني تمهيدا للانتشار بهما، بموجب اتفاق توصلت إليه موسكو مع دمشق و"قسد"، يشمل رفع العلم فوق المراكز الحكومية داخلهما وخارجهما، بحسب وكالة "سبوتنيك".

وطالبت العشائر العربية في الحسكة جميع أبنائها المنضوين في صفوف "قسد" للانشقاق الفوري، والانضمام إلى صفوف الجيش السوري، داعية إلى رفع العلم على كامل منطقة شرق الفرات.

تهديد ووساطة

وعلى غرار هولندا وألمانيا، قررت فرنسا التعليق الفوري لأي مشروع لتصدير معدات حربية إلى تركيا يمكن استخدامها بهجوم سورية، مشيرة إلى تنسيق مقاربة في هذا الصدد خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم.

ورغم دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لإردوغان إلى وقف العمليات على الفور، رفض وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الوساطة مع الأكراد لوقف التوغل، مطالبا وحداتهم العسكرية بإلقاء السلاح.

ورداً على تهديد ترامب، قال جاويش أوغلو :"قبل كل شيء رأينا سابقا أنه لا يمكن التوصل إلى نتيجة عبر فرض العقوبات، ولو كنا نخشىاها لما أطلقنا هذه العملية".

وأعلن إردوغان أنه تحدّث هاتفياً مع ميركل وبحث معها مسألة حظر الأسلحة. وقال: "طلبت منها تفسير الأمر لي. هل نحن حقًّا حلفاء في حلف شمال الأطلسي، أم أن المجموعة الإرهابية انضمت إليه من دون علمي؟".

ورفض إردوغان كذلك فكرة أي وساطة بين أنقرة والوحدات الكردية. وقال: "متى رأيتم دولة تجلس على الطاولة ذاتها مع مجموعة إرهابية؟".

وفي وقت سابق، أطلع الرئيس التركي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على أهداف عمليته شرق نهر الفرات، مؤكدا أنها ستستمر حتى القضاء على تهديد الوحدات الكردية وحزب العمال الكردستاني و"داعش" بشكل نهائي، وتوفير عودة طوعية وآمنة للاجئين السوريين.

غضب واستنكار بعد إعدامات ميدانية مصورة نفّذتها ميليشيات موالية لتركيا
back to top