المخاطر القلبية - الوعائية... تغلَّب عليها بالغذاء المناسب

نشر في 07-10-2019
آخر تحديث 07-10-2019 | 00:00
No Image Caption
تنبه للإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء، واللحوم الباردة، والحلويات، والمثلجات، والمقالي، كذلك حذار نقص الخضراوات والفاكهة الطازجة. صحيح أننا ما زلنا نجهل الكثير في مجال الغذاء، بيد أننا صرنا نملك من المعرفة لنقدم نصائــح تساعدنــــا في الحد من المخاطــر القلبية - الوعائية.
قد لا يعلل النظام الغذائي شتى المسائل (لا ننسى العوامل الجينية مثل ارتفاع معدل الكولسترول العائلي أو الوراثي وعوامل مستقلة مثل التدخين، والسن، والإجهاد)، إلا أنه يؤدي دوراً كبيراً في الوقاية من الأمراض.يؤثر الغذاء بطريقة غير مباشرة في عوامل الخطر التقليدية مثل الوزن الزائد في البطن، والداء السكري، وارتفاع ضغط الدم… لكنه يؤثر أيضاً في مراحل تشكل المرض الشرياني، سواء كان تصلب الشرايين أو الظهور المفاجئ للجلطات الدموية.يرتفع خطر الإصابة بتصلب الشرايين مع تغلغل الكولسترول السيئ، إن كانت معدلاته مرتفعة، في جدران الشرايين حيث يتأكسد وقد يحتجز خلايا تؤدي تدريجياً إلى تشكّل صفيحات التصلب الشرياني. وإذا كانت هذه التهابية، فإنها تصبح هشة، وتتمزق، وتسبب جلطة. وهكذا يُصاب المريض بنوبة قلبية. وقد تلي ذلك بسرعة اضطرابات في نظم القلب. ويؤثر الغذاء في كل مرحلة من مراحل هذه العملية.

ربما لم يعانِ النظام الغذائي الغربي، خصوصاً الأميركي، في نهاية القرن العشرين العيوب كلها، لكنه ابتُلي بالتأكيد بمعظمها. وتبنى عدد كبير من الدول الغربية، وحتى العربية، هذا النظام الغذائي.يفرط هذا النظام في شتى المأكولات المضرة: اللحوم الحمراء، واللحوم المعالجة (النقانق، والهمبرغر...)، والحلويات (المثلجات، والبسكويت، وقوالب الحلوى، والسكاكر...)، والمشروبات المحلاة بالسكر، والمقالي، والدونات، وغيرها من مأكولات مقلية، والبطاطا المقلية، والأطعمة المعالجة التي تفتقر إلى المواد المغذية. ولا ننسى في المقابل غياب الخضراوات والفاكهة الطازجة. أضف إلى هذا كله نقص الوجبات المعدة من الصفر في المطبخ التي يستمتع الإنسان بتناولها وهو جالس مع آخرين إلى طاولة.

السكريات أم الدهنيات: عمَّ نستغني؟

لا نستغني عن أي منهما... ولكن من الضروري أن نحسن الاختيار. الأنظمة الغذائية الرائجة تتشابه بمسارها الثنائي المتطرف. بين عامَي 1960 و1990، سيطر التخلي عن الدهون على عقول الأميركيين من دون أي تأثير إيجابي سواء في وزن الجسم أو الصحة القلبية الوعائية. ركّزت هذه الموجة على الدهون المشبعة التي أُدينت استناداً إلى دراسات بيئية أو عملية انتقال أسيء تفسيرها: اعتُبر مؤشرٌ في نمط غذائي (الأحماض الدهنية المشبعة) عاملاً مسؤولاً عن الأمراض القلبية الوعائية.لا شك في أن الأحماض الدهنية المشبعة ترفع معدل الكولسترول (المعدل الإجمالي، والكولسترول الجيد، والكولسترول السيئ). لكن الدراسات واضحة: ليست مسؤولة عن الأمراض القلبية الوعائية، حتى إن تناولها يرتبط بتراجع خطر السكتات الدماغية. هل يُعقل هذا؟ تمكن الباحثون من توضيح الجواب أخيراً. بدل التركيز على المواد المغذية (الأحماض الدهنية...)، من الضروري التنبه للأطعمة. على سبيل المثال، إذا كان استهلاك اللحوم الحمراء (بإفراط) يرتبط بارتفاع خطر الاضطرابات القلبية الوعائية، فإن تناول مشتقات الحليب يرتبط بتراجعها، علماً بأنها أيضاً غنية بالأحماض الدهنية المشبعة.يعني هذا أن الدهون المشبعة، مع أننا لا ننصح باستهلاكها بإفراط، ليست مسؤولة عن الأمراض القلبية الوعائية، وأن ثمة مكونات سلبية من جهة وعناصر إيجابية من أخرى. ندرك اليوم أن بعض الأحماض الأمينية في اللحوم، مثل الكارنيتين، قد يتحول في الأمعاء، ثم في الكبد، تحت تأثير مجموعة بكتيرية غير ملائمة في الأمعاء (بسبب الغذاء)، إلى مركب يسبب تصلب الشرايين يُدعى مركب ثلاثي ميثيل أمين أكسيد (TMAO). في المقابل، ندرك أن في مشتقات الحليب عدداً كبيراً من العناصر المفيدة للصحة القلبية الوعائية: البروبيوتيك، والبيبتيدات، وأحماض دهنية محددة، والكالسيوم...

نعي أيضاً أننا عندما نبالغ في الحد من الدهون، يقود ذلك تلقائياً إلى ارتفاع استهلاكنا الكربوهيدارات، والسكريات، والنشويات. في هذه الحالة، خصوصاً عندما يعاني الإنسان وزناً زائداً في البطن، تتحوَّل السكريات إلى دهون تتراكم في الكبد وتزيد احتمال الإصابة بالداء السكري. كذلك قد تقود إلى إنتاج الدهون الثلاثية وتشكّل الكولسترول السيئ، الذي يتأكسد ويؤدي إلى ظهور صفيحات تصلب الشرايين.نتيجة لذلك، شاعت إدانة السكريات.

ولكن هل هذا صائب؟ يعتمد الجواب على نمط حياتنا. إذا كنا نمارس نشاطاً جسدياً منتظماً وكبيراً وإذا كان وزن جسمنا سليماً من دون أية زيادة في الوزن في منطقة البطن، لا داعي للقلق ويمكننا أن نستهلك كميات كبيرة من الكربوهيدرات. ولكن من الضروري أيضاً اتباع نظام غذائي متنوع. في المقابل، إن كان نمط حياتنا خاملاً، فقد يتحول نظام غذائي مماثل إلى كارثة، خصوصاً إذا أخطأنا في اختيار أصناف الكربوهيدرات. مثلاً، يتحوَّل الفروكتوز، عند تناوله بإفراط (أكثر من 50 غراماً يومياً)، إلى دهون في الكبد كما أشرنا سابقاً. وللفروكتوز ثلاثة مصادر: السكروز الذي يتألف من الغلوكوز والفروكتوز المتحد به، الفروكتوز الحر (كما في شراب الأغاف وبعض المأكولات الحلوة)، وشراب الغلوكوز-الفروكتوز غير المتحدين في بعض المشروبات المحلاة.

ومن الضروري خصوصاً تفادي استهلاك هذه المشروبات المحلاة بانتظام. في المقابل، علينا أن نركّز على الأطعمة السكرية التي تملك مؤشراً غلايسيمياً منخفضاً، مثل الفاكهة مع أنها تحتوي على مقدار محدود من الفروكتوز. تسمح البيئة الغذائية المعقدة في الفاكهة (مضادات الأكسدة والألياف) أو أطعمة مثل البقول الجافة بجني فوائد الفروكتوز بمقدار محدود، أي مع مؤشر غلايسيمي منخفض. وللبقول الجافة مؤشر غلايسيمي مماثل.

أطعمة حامية

من الضروري التركيز على هذه الأطعمة، وهي كثيرة:

تأتي في المقام الأول الأسماك، خصوصاً الدهنية منها (السردين، والاسقمري، والرنكة، والأنشوفة، والسلمون، والتونة الأحمر...)، لأنها غنية بأحماض أوميغا-3 الدهنية الطويلة السلسلة (EPA وDHA). تسهم هذه الأحماض الدهنية في رفع الكولسترول الجيد قليلاً مع الحد من الدهون الثلاثية (عند الإكثار منها).

وتُعتبر الفاكهة والخضراوات حليف القلب الثاني نظراً إلى احتوائها على كمية محدودة من السعرات الحرارية.

كذلك يجب التركيز على الزيوت الغنية بأحد أحماض أوميغا-3 الدهنية: حمض الألفا-لينولينيك الذي ينتشر خصوصاً في زيوت الكولزا، والجوز، والصويا، فضلاً عن زيوت الكتان، والبيريلا، والكاميلينا (علماً بأن من الضروري ألا تفرط في استهلاك أنواع الزيوت الثلاثة الأخيرة هذه).

كما تسهم ألياف محددة في الشعير والشوفان في خفض مستوى الكولسترول.أما العناصر الصغيرة التي قلما نوليها اهتماماً كبيراً، مثل الثوم، والبصل، وأيضاً الأعشاب والتوابل، فلها خصائص مثيرة للاهتمام. مثلاً، يحتوي الثوم على جزيئات خاصة تبين أن لها تأثيرات في عوامل خطر عدة ترتبط بالجلطات الدموية وتصلب الشرايين.

وتشكّل التوابل مصدراً غنياً بمضادات الأكسدة. علاوة على ذلك، لا يمكنك الاستغناء عن مشتقات الحليب.

back to top