العراق «خارج السمع»... والتظاهرات لم تهدأ

نشر في 04-10-2019
آخر تحديث 04-10-2019 | 00:12
محتجون عراقيون يساعدون مسنّة خلال تظاهرات في بغداد
محتجون عراقيون يساعدون مسنّة خلال تظاهرات في بغداد
بينما بلغت حصيلة احتجاجات العراق في ثالث أيامها، ألف جريح ونحو 20 قتيلاً، غرقت معظم المدن في صمت حين قُطعت عنها شبكة الإنترنت، وفرض حظر التجوال في العاصمة بغداد ومحافظات الجنوب، وسط تحذير أطلقه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من مخطط خطير للقمع.

وأشار آخر الفيديوهات الواصلة من بغداد قبيل منتصف ليل أمس، إلى إطلاق نار كثيف جداً على كورنيش دجلة حيث مدخل المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، مما يعكس وجود أعداد كبيرة من المتظاهرين قدرت بعشرات الآلاف، لم تعد إلى منازلها حتى الفجر، ضمن احتجاجات بدأت بشكل غامض ودون دعوة من جهة معروفة، ثم اتسعت لتضم، بشكل عفوي، آلاف الساخطين على عجز الحكومة.

ولم يتمكن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي من تهدئة الجمهور، أو حشد دعم سياسي لقراراته بين الأطراف الأكثر نفوذاً، وأدى العنف المفرط الذي استخدمته قوات الأمن مع المحتجين إلى ظهور اتهامات واسعة له بأنه يخضع لتأثير الميليشيات الموالية لطهران، ومطالبات برحيل حكومته التي لم يتعدَّ عمرها عاماً واحداً.

وقطع زعيم التيار الصدري صمته بضع مرات، محذراً من وجود مخطط خطير يختفي وراء حظر التجوال وقطع الاتصالات خصوصاً عن بغداد ذات التسعة ملايين نسمة، في وقت دعا إلى دعم المحتجين باعتصامات أو إضراب عام.

وقال شهود عيان إن عناصر الميليشيات يحاولون الاشتراك في ضرب المحتجين، وإن الجيش يمنعهم، في وقت حذر ناشطون من وجود عناصر مسلحة تابعة لهؤلاء بين قوات الشرطة، مشيرين كذلك إلى مقتل ناشط مدني وزوجته اغتيالاً في منزلهما بالبصرة فجر أمس.

وتحاول جهات مقربة من طهران اتهام المدونين والمثقفين العلمانيين بالتخطيط للاحتجاجات وتحريكها، وربط ذلك بتحريض سفارات غربية وعربية، لكن الناشطين يسخرون من ذلك مع توافد مكثف للشباب من أكثر الأحياء فقراً في بغداد ونحو خمس مدن أخرى.

ولم يفلح حظر التجوال ولا قطع الإنترنت في وقف حشود المحتجين ومعظمهم من فئة الشباب، التي يقول المراقبون إنها تمثل جيلاً جديداً وعنيداً لا يكتفي بالتظاهر بل يعمد إلى حرق مقرات الأحزاب المقربة من طهران خصوصاً، ولا يرفع شعارات إصلاح النظام بل يعبر عن يأس عميق ويطالب بإسقاطه برمته.

وواصل المتظاهرون التلويح بصور واسم الجنرال عبدالوهاب الساعدي، الذي أطاحه عبدالمهدي في وقت سابق، وبات رمزاً في المواجهة بين الفصائل غير النظامية، وأنصار الجيش المعترضين على النفوذ الإيراني.

ورغم بقاء الاحتجاجات خالية من أي شعار قومي أو طائفي، فإن بعض المراقبين يحذرون من استغلالها من جانب أطراف دخيلة، وسط دعوات لحماية المحتجين وعدم جعلهم طرفاً منبوذاً يصبح لقمة سهلة لجهات متطرفة تشيع الفوضى.

وتأتي هذه التظاهرات الناقمة على الفشل الحكومي، وسط تداعيات عميقة لأزمة مضيق هرمز، تضرب السياسة العراقية، ويرجح المراقبون أن تكون حكومة عادل عبدالمهدي في وضع حرج غير مسبوق إذا لم تعد الحياة إلى ائتلاف الأطراف المعتدلة لتحاول استثمار الاحتجاجات في إعلان حزمة إصلاحات عاجلة كما حصل في أوائل حكومة حيدر العبادي السابقة عامي 2015 و2016.

back to top