أولاً وأخيراً: ترامب جانٍ أم مجني عليه؟

نشر في 04-10-2019
آخر تحديث 04-10-2019 | 00:05
 مشاري ملفي المطرقّة منذ سنوات طويلة لم يحكم الولايات المتحدة الأميركية رئيس مثير للجدل كالرئيس الحالي دونالد ترامب، وظهر هذا جلياً خلال حملته الانتخابية التي خاضها أمام مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، حيث استخدم معها سلاح التشهير، واتهمها باستخدام بريدها الإلكتروني الخاص وغير الآمن في تحويل رسائل رسمية مصنفة بأنها سرية عندما كانت تتولى منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، حيث كان لهذه القضية تأثير كبير في تراجع شعبية كلينتون وخسارتها الانتخابات لمصلحة ترامب رغم أن كل نتائج استطلاع الرأي كانت تشير إلى فوزها وأنها ستكون أول امرأة تحكم أميركا، لكن هذا لم يحدث.

وكان فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية بمثابة مفاجأة كبيرة للكثيرين في الداخل والخارج، وظهرت مخاوف من عدم قدرته على أداء مسؤوليات هذا المنصب الحساس للدولة العظمى التي تقود العالم، وبالفعل اتخذ ترامب منذ دخوله البيت الأبيض العديد من القرارات المثيرة، ونفذ ما كان ينادي به أثناء حملته الانتخابية، ومن ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وإلغاء نظام "أوباما كير" الصحي، والشروع في بناء الجدار على الحدود الأميركية المكسيكية، وإلغاء اتفاقيتي الشراكة الأطلسية والتجارة الحرة، والمساهمة الفاعلة في هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، ومنع توطين اللاجئين، وغيرها من الإجراءات التي كان يعتقد أنها مجرد دعاية انتخابية.

وخاض ترامب على مدار السنوات الثلاث الماضية العديد من المعارك الشرسة داخل أميركا وخارجها، وأطلق عشرات التصريحات التي وصف بعضها بأنها تسيء إلى الولايات المتحدة، وتهدد أمنها القومي، لكنه لم يكترث، ومضى قدماً في توجهاته وسياساته التي رسمها لنفسه، ولم يغير من نهجه حتى في ظل الأزمة العاصفة التي حدثت له واتهامه بالاستعانة بالروس للفوز بالانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٦، وتم تهديده بالعزل من منصبه، فقبل التحدي واستطاع أن يعبر هذه التجربة الصعبة بأقل الخسائر، وتمت تبرئة ساحته بعد مشوار طويل من التحقيقات والاستقالات والاستماع إلى شهادات من كبار المسؤولين في إدارته.

ومنذ أيام قليلة يواجه ترامب معركة وصفها بأنها أم المعارك، وأشبه بالحرب على خلفية المكالمة الهاتفية المسربة له مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والتي قيل إنه طلب فيها التحقيق في نشاطات هانتر نجل خصمه السياسي جو بايدن نائب الرئيس الأميركي السابق والمرشح الديمقراطي الأبرز للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث إن هانتر عضو في مجلس إدارة مجموعة أوكرانية لإنتاج الغاز كانت متهمة بالفساد، واستغل الديمقراطيون ذلك وسارعوا في البدء بإجراءات عزل ترامب باعتبار ما حدث مخالفة دستورية، وتقويضاً للأمن القومي الأميركي، ورغم أن المراقبين يؤكدون أن خصوم ترامب لن ينجحوا في هذه القضية لإزاحته عن المشهد السياسي، حيث إن قرار عزل رئيس الولايات المتحدة يتوقف عند عتبة مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب، ولكن يبدو أن هذه المرة العاصفة قوية على ترامب، وستؤثر على شعبيته وحظه في المنافسة على الفوز بفترة رئاسية ثانية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الأميركية التي ستقام العام المقبل، ويبدو أن ترامب سيشرب من الكأس نفسها التي أذاقها لمنافسته هيلاري كلينتون. وعلينا أن ننتظر ما ستسفر عنه الأيام والشهور المقبلة، هل ستنتهي حكاية هذا الملياردير العصامي الذي وصل إلى كرسي رئاسة أقوى دولة في العالم أم سيواصل مغامراته وسيطيح بكل خصومة؟

back to top