بحار... «يا يبة»

نشر في 24-09-2019
آخر تحديث 24-09-2019 | 00:09
كم نشعر الآن بالألم ونحن نرى هذا التسابق للطعن في الكويت الأرض والوطن، والبحث عن المثالب وتضخيم الأخطاء في ظرف نحن أحوج ما نكون فيه للتمسك بهذا الوطن ومكوناته وأهله، إنه ليس وقت البحث عن أصوات انتخابية أو شهرة، فالكويت أغلى وأكبر من المناصب والشهرة أو تجميع الملايين.
 يوسف عبدالله العنيزي في ظلمة الغبة

بين الرجا واليأس

تنسى اللي بتحبه

لو كان أعز الناس

بالهولو واليامال

بدل يا قلبي الحال

صورة إنسانية تعبر عن تلك اللحظات القاسية عندما تغدو حياة الإنسان معلقة برجاء الحياة واليأس منها، تلك اللحظات التي تغدو فيها الحياة مشدودة بطرفي حبل أوله بيد بحار على ظهر سفينة شراعية في وسط بحر غدار بعيداً عن الأهل والديار، وطرفه الثاني مربوط برجل "بحار آخر" يجوب أعماق البحار بكل أهواله، بحثا عن مصدر رزقه.

يا لها من حياة قاسية فرضها القدر عليهم فواجهوها بكل شجاعة وتحدٍّ، ولم يتركوا الكويت أرض الآباء والأجداد من قبلهم، فغدا البحر مصدر رزقهم وصلة التواصل مع العالم من حولهم، استمعت لهذا "الموال" الذي شدا به المطرب الراحل صالح الحريبي، إنها كلمات بسيطة في صياغتها، كبيرة في معانيها، فخطر على البال والدي، رحمه الله وأثابه خير الثواب، وأسكنه فسيح جناته، فقمت بتصفح دفتر الغوص الخاص به، رحمه الله، والصادر من دائرة "محاسبة الغواصين" التي أنشأتها حكومة الكويت عام 1939، وذلك لتنظيم حقوق العاملين في البحر.

ويتبين من صفحات الدفتر الدفعات التي قام البحار "عبدالله العنيزي" بتسديدها للنوخذه عبد الله الدويسان، رحمه الله، ويتصدر الصفحات توقيع المغفور له بإذن الله يوسف العدساني، رحمه الله، ورحم آباءنا وأجدادنا ممن حافظوا على هذه الأرض الطيبة رغم قسوة الحياة وشظف العيش، فلم يتركوها ولم يهاجروا منها، بل جابوا البحار من موانئ الهند إلى شرق آسيا وسواحل إفريقيا، وغاصوا في الأعماق، وجابوا الفيافي والصحارى والوديان، وجلبوا الخير لديرة الخير.

فكم نشعر الآن بالألم ونحن نرى هذا التسابق للطعن في الكويت الأرض والوطن، والبحث عن المثالب وتضخيم الأخطاء في ظرف نحن أحوج ما نكون فيه للتمسك بهذا الوطن ومكوناته وأهله، إنه ليس وقت البحث عن أصوات انتخابية أو شهرة، وليس وقت التشرذم، فالكويت أغلى وأكبر من المناصب والشهرة أو تجميع الملايين، فكم هو مؤلم أن نرى صناعة الأكاذيب ونشر الإشاعات مصدراً للرزق، وما لنا في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة إلا أن ندعو البارئ عز وجلّ أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top