إسماعيل فهد إسماعيل

نشر في 24-09-2019
آخر تحديث 24-09-2019 | 00:05
 حمود الشايجي غداً الذكرى الأولى لرحيل إسماعيل فهد إسماعيل. ربما يغيب عن البعض مَن يكون هذا الإنسان، فيعتقد أنه رائد فن القصة والرواية في الكويت، أو الأب الشرعي لها، وربما يعتقد البعض أنه بطل من أبطال المقاومة الكويتية، وقائد لها، وأنه مَن كتب وأعلن بيان تحرير الكويت، والبعض يعتقد أن إسماعيل فهد إسماعيل صاحب أكبر رواية عربية وهي: "إحداثيات زمن العزلة"، التي تناولت مرحلة الغزو العراقي، وهناك مَن يعتقد أنه داعم للمهمَّشين والرافع لرايتهم، وأنه مَن أسس أكثر من جيل من الكُتاب الفائقين على المستويين المحلي والعربي. ويغيب عن البعض أن إسماعيل هو الإنسان المتجاوز للزمن و"العابر للأجيال"، حسب ما لقَّبه الشاعر البحريني قاسم حداد، فهو مَن خلق حالة من الصعب تكرارها، آخرها الجيل الثقافي الحالي، الذي يعتبر أحد أجيال الكويت الذهبية الثقافية، فهو مَن أضاف الكثير من الجرأة والتنوع للحالة الثقافية بأشكالها المتعددة، من أدب وموسيقى وفن تشكيلي، وهو مَن جعل هذا الجيل يتحرر من الكثير من الموروثات غير المنطقية في الحالة الثقافية الكويتية السابقة، فهو مَن صقل أرواح هذا الجيل بالحُرية وعدم التبعية، وحرر أصواتهم، ليتكونوا ويكونوا مساراتهم الخاصة في عالم الثقافة المحلية والعربية وحتى العالمية، وهو مَن جعلهم لا يهابون الصعوبات الروتينية والقوانين التي بادت عالمياً ولا يزال يُعمل بها في الكويت، مثل قانون الرقابة، الذي أراه ما هو إلا مضيعة للوقت والجهد وحتى ميزانية الدولة.

هذا الجيل استطاع، رغم كل الصعوبات، أن يبقى، وأن يؤسس مشاريعه الثقافية الفردية والجماعية، فاليوم نحن في الكويت، وبسبب هذا الجيل الذهبي نحسد عربياً على المشاريع الثقافية "غير الحكومية" التي لدينا، وعلى الوعي الكبير لمن يدير هذه المشاريع. هذا بالنسبة للعمل المؤسسي الثقافي، وما يتعلق على المشاريع الفردية الكتابية مثلاً، فلدينا مجموعة كبيرة من كتاب أصحاب مشاريع جادة وحقيقية، كما تمتد المشاريع الفردية الشخصية للفنون التشكيلية والموسيقى، فالحركة الثقافية في الكويت حركة غنية جداً.

واليوم، وبعد مرور سنة على غياب إسماعيل فهد إسماعيل وهو الذي لا يغيب، لا يزال يعتقد البعض أنه شيخ الروائيين الكويتيين، وحسب رأيي هو أكبر من ذلك بكثير، فهو أب الثقافة الكويتية الحديثة، فما قدَّمه للساحة الثقافية كبير جداً، يفوق عدد رواياته، فهو قدَّم أجيالا تلاحقت بهذه الساحة، اندمجت واختلفت وخلقت حراكاً كبيراً تحت عينيه، وبعد رحيله حمل الجيل الحالي الراية الثقافية، كلٌ على قدر مسؤوليته، وكأن إسماعيل لم يغب لحظة، إسماعيل الذي كان المحرك الرئيس في الساحة الثقافية الكويتية ولا يزال، فالأجيال التي تعيش عصرها الذهبي الآن كلها مدينة بفضله بشكل مباشر وغير مباشر.

back to top