سدانيات: العقل... «زين»

نشر في 20-09-2019
آخر تحديث 20-09-2019 | 00:12
 محمد السداني مشتعلة تلك الساحة السياسية التي لطالما تكهَّن القريب والبعيد باشتعالها، فمنذ تعالي هتافات الربيع العربي بدأت قوى البترول الجديدة محاولاتها في دخول عالم فرض السيطرة والنفوذ في بقاع الدول التي تحاول تنفس صعداء الحرية التي لطالما حلموا أن يحصلوا عليها بعيداً عن تدخلات البترول ورائحة دخانه الخانقة!

إن المليارات التي دفعت في سنوات الربيع العربي حولت هذا الربيع الذي أزهر حرية وأملاً في التغيير إلى خريف مخيف قاحل لا حياة فيه، فماتت الحرية قبل أن تولد، وماتت الأحلام قبل أن تتصور ماهيتها، معتقدين أنَّ استعجال الخريف سيُخفت صوت طيور الحرية، ويقتل براعم الأمل في مستنقعات الظلم والجهل! لم يكن هذا البترول بعيدا عن وهج نار كان هو أحد أسباب اشتعالها، وها نحن اليوم نشهد نارا تكاد أن تندلع في منطقتنا بما لا يحمد عقباها!

إنَّ من يقرع طبول الحرب في منطقة الخليج العربي خاصة والشرق الأوسط عامة لا يعي أنه بصدى هذه الطبول يحرق تاريخا وحضارة وأناسا أبرياء، حلمهم الوحيد أن يعيشوا بسلام بعيدا عن سياسة الهوج والطفولة السياسية التي أدخلت دولا كبيرة في كانون الصراع، والتي وبكل تأكيد لن تخرج منه سالمة ولو فعلت ما فعلت!

إن إيران التي جعلها الغرب "بعبعا" يبتزنا به ليحلب مليارات الدولارات بحجة التسليح لم تكن بهذا السوء لو تعاملنا معها بناء على ما تقتضيه مصالحنا لا كبرياؤنا، وما نجتره من قصص الماضي بين فرس وعرب، إنَّ المغامرات الصبيانية التي نراها على شاشة التلفاز لحمقى يعتقدون أنَّهم يفهمون ما يدور بين إيران ودول الخليج هي مغامرات لا تصلح إلا لألعاب العالم الافتراضي، وبعد وقوع الفأس بالرأس لا بدَّ على من يعتقد أن الحرب مغامرة أن يعي جيدا أن الحرب ليست لعبة، وأنَّ ما حصل من مناوشات هي فقط دغدغة بسيطة لما قد يحصل في المنطقة، وأعتقد لو أنَّ الحكمة تتحدث لقالت وبكل ثقة– ابلعوها واسكتوا!-، إنَّ أخطر ما يمكن أن يحدث هو أن تتقاتل مع شخص لا يملك ما يخسره، ونحن نملك على أرض الواقع الكثير من الأحلام والمدن العالمية التي نطمح أن نبنيها!

لا بد علينا أن نتعلم درسا مما يدور حولنا، وأن نتعلم من التاريخ ونأخذ منه عبرة، ونعرف من هو صديقنا الحقيقي، وأن نعرف حجمنا كدول في منطقة ليست قادرة على اتخاذ جميع قراراتها بنفسها، نعيش في منطقة غنية بجميع الموارد الطبيعية، ولكن ينقصنا حسن التصرف! لنبلعها هذه المرة ونصمت من أجل السلام من أجل تصحيح السياسات من أجل التسامي على الأخطاء والجراح وفوضى سياسات سابقة لم يكن للموجودين يد فيها.

خارج النص:

- مع تزايد الأخبار عن تغييرات في الحكومة سألني أحد الأصدقاء: متى تصبح وزيرا؟ فقلت: أفتقد مهارات عدة منها صداقة فلان ولست من رواد ديوانية فلان ولا أزور شاليه فلان، وأمي ليست وزيرة!

back to top