الخيارات العسكرية الأميركية في إيران

نشر في 19-09-2019
آخر تحديث 19-09-2019 | 00:00
 جي ام اف اتهمت الولايات المتحدة إيران صراحةً بإطلاق الاعتداءات بطائرات بلا طيار وصواريخ «كروز» على أكبر مصفاة نفط في المملكة العربية السعودية، وأهم مسألة في هذا الشأن الآن تتعلق بمعرفة الرد الأميركي على ما حصل.

إذا امتنع الأميركيون عن التحرك فسيشكك الجميع في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إذ تُعتبر السعودية لاعبة أساسية في العالم العربي السُّني، ومن المعروف أن هذا العالم يطرح تهديداً بارزاً على خطط التوسع الإيراني، وقد قام ترامب بالمناورات اللازمة لتقليص العمليات الميدانية أو وقفها بالكامل، لذا يؤدي أي تحرك عسكري ضد إيران الآن إلى تهديد بنية التحالفات القائمة ويتعارض مع الاستراتيجية الأميركية. يستطيع خيار عسكري محدد إحداث صدمة اقتصادية قوية، لكنه يحدّ في الوقت نفسه المخاطر المطروحة على الولايات المتحدة ويقضي بفرض حصار على الموانئ الإيرانية، تزامناً مع إغلاق مضيق هرمز، ويقضي رد محتمل آخر بضرب مواقع إيرانية، حيث تقع أنسب الأهداف في المصانع التي تنتج طائرات بلا طيار وصواريخ «كروز»، وحتى منشآت التخزين وأمثالها. تواجه الولايات المتحدة اليوم خياراً صعباً يقضي بإطلاق تحرك صارم يضمن أن تمتنع إيران عن أي عمليات أخرى، وإذا لم يدمّر الحصار اقتصاد إيران، فثمة حاجة إلى التصعيد للقضاء على قدراتها الجوية الهجومية، وفيما يخص الحملات الجوية تثبت التجارب التاريخية أنها تطول بما يفوق التوقعات الأولية وتفشل بالكامل أحياناً وتعطي الخصوم فرصة تنفيذ تحرك هجومي مضاد.

قد تكون أي محاولة أميركية للقضاء على الإمكانات الهجومية الإيرانية مكلفة، إذ تستطيع الصواريخ الإيرانية الخفية مهاجمة مواقع إقليمية، وبعد فرض الحصار تستمر الحملة الجوية إلى ما لا نهاية في بعض الحالات، حيث تفتح الضربات الانتقامية المحدودة المجال أمام تحركات إيرانية مضادة، حتى أنها قد تتحول أحياناً إلى عمليات موسّعة. عدا الهجوم الجوي الذي يهدف فعلياً إلى زيادة ثقة السعوديين بالولايات المتحدة بدل تحقيق هدف بارز، تبقى خيارات الاعتداءات المباشرة غير واعدة، لكن التفكير بهذه المشكلة ممكن بطريقة مختلفة، إذ تشعر الولايات المتحدة بالقلق من توسع النفوذ الإيراني السياسي منذ فترة، لكن هذا الوضع يكشف عن أهداف محتملة لها قيمة كبيرة بنظر إيران، وسيكون ضرب تلك الأهداف أقل خطورة من مهاجمة طهران مباشرةً.

تتكل إيران على قواتها الخاصة أو عملائها في العراق وسورية ولبنان واليمن، كما أنها خصصت وقتاً طويلاً وموارد كثيرة وأخذت المجازفات اللازمة لإنشاء القوى التي تسيطر الآن على تلك البلدان، ويدرك الإيرانيون المعضلة التي فرضوها على الولايات المتحدة، ويراهنون على ارتفاع المخاطر المطروحة لدرجة أن يمتنع الأميركيون عن الرد. والامتناع عن التحرك قد يقضي على الكتلة المعادية لإيران التي عملت الولايات المتحدة بكل قواها على إنشائها، ويقضي حل محتمل لكن غير مؤكد بإطلاق رد رمزي، لكنّ جميع أنواع الردود تخرج عن السيطرة دوماً!

* جورج فريدمان

* «جي بي إف»

back to top