البحث عن رديف للإيرادات

نشر في 16-09-2019
آخر تحديث 16-09-2019 | 00:30
 أحمد راشد العربيد أغرق الفكر الغربي العالم أجمع بنظريات وبحوث ودراسات لإثبات أن مورد النفط سيواجه حرباً شعواء تحيل ذلك المورد إلى التقاعد المبكر، تحت مسمى "نضوب النفط"، سواء كان نضوباً عضوياً أو تقنياً في مواجهة موارد الطاقات الأخرى. وينسى أو يتناسى هذا الفكر الغربي أن التعداد السكاني البشري ينمو بوتيرة أعلى من قدرة البشر على إيجاد طاقات جديدة تفي بحاجاتهم على هذا الكوكب وتحد من نزاعاتهم وحروبهم عليه، هذه الحقائق تقود إلى نتيجة واحدة لا ثانية لها، هي أنه لا حرب بين موارد الطاقة إذا تم توجيه جهود "الحروب المزعومة"، التي لا توجد إلا في أدمغة المفكرين الغربيين، إلى حيث يتم الكشف عن مزيد من الاستكشافات النفطية في كل أنحاء الأرض، بل إن الواقع يفرض على البشر العمل الدؤوب لزيادة تطوير وإنتاج كل ما يمكن من الطاقات لتيسير سبل حياة البشر، وها هي أميركا اليوم تعود لتقود دفة الإنتاج النفطي العالمي حتى أصبحت أكبر الدول المنتجة للنفط يومياً في العالم، وغدت تنكر نظرياتها النفطية، مثل نظرية نضوب النفط الفاشلة التي خدعت بها العالم أجمع، وأصبحت تكرر أنه لا غنى عن النفط، وتسعى للمحافظة على مرتبتها الأولى في العالم مدى الدهر ما دام هناك نفط تحت الأرض.

علينا، نحن منتجي النفط، ألا ننجرف وراء الفكر الغربي دون التفحص والتدقيق فيما يقولون، فهم يسعون لتحقيق مصالحهم، ونحن من حقنا أن نسعى لمصالحنا، فعلينا التبصر والبحث عن البصيرة.

أثناء عملي في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2010 كنت أزور مجالس أهل الإمارات بين فترة وأخرى، والمجلس هو ما نطلق عليه في الكويت اسم "الديوانية"، ودعاني إلى مجلسه في يوم من الأيام رجل الأعمال الإماراتي العم عبدالله الغرير، وكنيته أبومحمد ـــ أطال الله في عمره ــــ وهو من أثرياء الإمارات، وقد بنى لنفسه ثروة كبيرة، وكان قد دعا أيضاً في ذلك المساء وفداً أجنبياً يمثل بيتاً من أعرق بيوت الخبرة العالمية المتميزة في مجالات المال والأعمال. كان أبومحمد استدعى ذلك الوفد طلباً للاستشارة في مجال إدارة الأصول وتجاوز الأزمات المالية، وكانت إجابة رئيس الوفد في كلمتين، فاندهش الحضور، فقد قال مخاطباً العم عبدالله، إن الاجابة التي تبحث عنها ستجدها فقط في قرآنكم، ثم سكت عن الكلام... سأله أبومحمد: أتقصد قصة يوسف وملك مصر؟ قال الرئيس: نعم.

قرأ أبومحمد الجزء الذي يقصده الرئيس، وهو الآيات من 46 إلى 49 من سورة يوسف في الجزء الثاني عشر من القرآن: "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ..."، فالآية الكريمة تقول "فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون"، أي أن يكون لديكم رديف لمصدر رزقكم.

في ستينيات القرن الماضي، بدأ المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في الكويت مطالبة السلطة التنفيذية بالعمل على إيجاد مصدر دخل آخر، وتم البدء بتنفيذ هذا الطلب، ولم تتمكن الكويت من تحقيق ذلك الهدف، وباءت كل الجهود بالفشل حتى الآن، ويبدو أن أسباب الفشل تدور حول عدم جدية السلطة التنفيذية، أو انعدام ما هو مطلوب عمله، لهذا أقترح أن تقوم السلطة التنفيذية بتنظيم مؤتمر وطني يدعى إليه كل المعنيين بالأمر من وزراء وأعضاء مجلس أمة وأصحاب مبادرات ومتخصصين في الدولة من جهات رسمية وغيرها للخروج بوثيقة ترشح اختيار 3 مقترحات تكون رديفة لتحقيق ذلك الهدف.

وللحديث بقية...

back to top