خاص

سعود السنعوسي لـ الجريدة•: الجيل الجديد يبلي بلاءً حسناً لإعادة كويت التنوير

«أردت لنص رواية ناقة صالحة أن يكون حمَّال أوجه بصرف النظر عن الحكاية»

نشر في 12-09-2019
آخر تحديث 12-09-2019 | 00:04
سعود السنعوسي
سعود السنعوسي
شدد الروائي سعود السنعوسي على أن كل ما يشغله هو الكتابة عن فضاء جديد يمنح جديدا للقارئ، مبيناً أنه لو جاء الجديد بهمٍّ يلامس الإنسان، فذلك يمنحنه فضاءً يشاكس فيه بعض القضايا.
وقال عن روايته الجديدة (ناقة صالحة)، إنها رحلة صحراوية، حيث تعبر صالحة الصحراء، وتتبع الشمس، وجهة الكويت، تربط رضيعها إلى ظهرها وهي تمتطي ناقتها، تقطع الصحراء من بادية الكويت إلى قلب الإمارة في الحاضرة البحرية للقاء حبيبها.
"الجريدة" التقت السنعوسي للحديث عن إصداره الجديد وقضايا أخرى، وفيما يلي التفاصيل:
● تتوغل جغرافياً وزمنياً من خلال أحدث رواياتك (ناقة صالحة)، لماذا ركبت سفينة الصحراء عقب تجربة كتابة النص الدرامي لمسرحية "مذكرات بحار"، فهل هناك رابط معيَّن، أم أنها جاءت مصادفة؟

- ملاحظة ذكية، وأنت مَن نبهني إلى هذا الأمر، فخلال كتابة النص الدرامي لمسرحية "مذكرات بحار"، كنتُ وما زلتُ أكتب عملا روائيا "في الحاضرة البحرية القديمة" منذ فراغي من كتابة "فئران أمي حصة" في 2015، عملا لا أريد أن أنتهي من كتابته، لشدة تعلقي بعوالمه وشخوصه وزمنه ومكانه. وخلال فترة الكتابة الطويلة كانت تباغتني بعض الأفكار من دون نية مني بكتابتها، كما حدث في 2017 حينما أوقفت العمل على الرواية التي شغلتني وأصدرت "حمام الدار"، بسبب حمامة أطالت البقاء على دكة نافذتي، ألهمتني لكتابتها في نصٍّ إبداعي، وما كدت أعود لكتابة روايتي الكبيرة وأقطع شوطا في كتابتها حتى استمعتُ مصادفة لأغنية "الخلوج" بصوت الراحل عبدالله فضالة من كلمات الشاعر محمد العوني، شغلتني الفكرة، وجاءت مثل ومضة أربكتني، وأبت أن تخرج من رأسي إلا بكتابتها، وهذا ما عكفت عليه خلال الشهور الماضية، حيث كان من المقرر أن يكون عنوان الرواية القصيرة "الخلوج"، لكني استبدلته ليصير "ناقة صالحة". ربما أصابتني تخمة "الحاضرة البحرية" بين الرواية التي طال زمن كتابتها ومسرحية "مذكرات بحَّار"، فهربتُ منهما إلى الفضاء الصحراوي من دون قصد، لأعود إلى روايتي الحُلم أواصل كتابتها.

إجابات جازمة

● للكاتب وظيفة سامية في تسليط الضوء على بعض القضايا الاجتماعية، فهل الجمع بين البحر والبر –الصحراء- في الأدب ينم عن قلق ذاتي؟

- لم أفكر في الأمر على هذا النحو، كل ما يشغلني هو الكتابة عن فضاء جديد يمنح جديدا للقارئ، ويا حبذا لو جاء الجديد بهمٍّ يلامس الإنسان، يمنحني فضاءً أشاكس فيه بعض القضايا، وإن بالرمز بشكل غير مباشر. هناك فئة من البشر تحلم بإدراك الوطن، رغم عيشها فيه، وهذا ما صور لي الرحلة الصحراوية في "ناقة صالحة"، حيث تعبر صالحة الصحراء، وتتبع الشمس، وجهة الكويت، تربط رضيعها إلى ظهرها وهي تمتطي ناقتها، تقطع الصحراء من بادية الكويت إلى قلب الإمارة في الحاضرة البحرية للقاء حبيبها.

أردت للنص أن يكون حمَّال أوجه، بصرف النظر عن الحكاية التي قد يقرأها القارئ على السطح، مَن هي صالحة؟ ومَن هو الرضيع؟ ومَن هو الحبيب الذي يعيش بعيدا عن الصحراء على تخوم البحر؟ ربما أنا لا أملك إجابات جازمة لهذه الأسئلة، لكني أعرف أن للبعض أحلاما تبدو مستحيلة الإدراك، وهذا ما يدفعني للكتابة.

ذائقة شخصية

● هل يشكِّل لك العنوان عتبة النص، أم أنك تختار عناوينك تماشياً مع فلسفة أخرى؟

- ربما مشكلتي في أنني أختار الغلاف والعنوان وفق ذائقة شخصية، دونما مراعاة لتلقي القارئ، أو التفكير فيما يجذبه، وما يساعد الكتاب على الرواج. أختار العنوان وفقما أؤمن به في بداية العمل، ووفق ما يلامس ذائقتي، لكن حينما أقطع شوطا في الكتابة يختار العمل اسمه بيسر، اسما قد لا يعجبني "ككاتب" قبل الشروع بكتابة الرواية، وهو ما يحدث غالبا حينما يفرغ القارئ من العمل، حيث إن عناويني لا تقابل باستحسان فور إعلان صدور العمل، ثم يصير للعنوان معنى بعد القراءة، وللقارئ حُرية التفكير بسبب اختياري للعنوان الذي أفضِّل أن يكون عتبة غير كاشفة لما يريد أن يقوله النص صراحة، والأمر كذلك مع لوحة الغلاف.

الحراك الثقافي العربي

● هل تعتقد أن رقابة وزارة الإعلام سيكون لها موقف صادم من روايتك الجديدة، لاسيما أنك حصلت على إجازة لروايتك "فئران أمي حصة" عن طريق المحكمة؟

- لم تعد قرارات وزارة الإعلام صادمة بعد مجازرها السابقة في حق الإبداع بمعارض الكتب، وقرارات منعها لأسماء عالمية ومحلية تُقرأ في كل مكان خارج هذا الوطن المنكوب بقرارات بعض مسؤوليه، الذين يخشون على مناصبهم أكثر من عنايتهم بصورة بلد مثل الكويت كان شعلة تنوير وعنصرا فاعلا في الحراك الثقافي العربي. حسبي أن الجيل الجديد يبلي بلاء حسنا لإعادة كويت التنوير إلى سابق صورتها، دونما اعتماد أو حاجة إلى دولة مشغولة بكل شيء إلا صورتها.

● قمت بتقديم صيغة جديدة للعمل الخالد (مذكرات بحار) للشاعر محمد الفايز في الموسم الماضي لمركز جابر الأحمد الثقافي، هل كانت فترة الإعداد كافية لكتابة الأحداث بهذه الطريقة؟

- شرعت بالكتابة في مايو 2018، وعُرض العمل على المسرح الوطني بمركز جابر الأحمد الثقافي في أبريل 2019، أي بعد حوالي عام من البدء بالكتابة. العمل كتب ذاته بذاتِه، لأنني كنت أكتب في إطار ما وضعه الشاعر الراحل محمد الفايز و"شادي الخليج" في اثنتي عشرة أغنية تعد هي قوام العمل بتحديد مسار الأحداث. كل ما فعلته هو كتابة خط درامي مستوحى من قصص الماضي يربط الأغنيات ببعضها، لكي تجيء الحوارات منطقية تقدم للأغنيات وفق التسلسل الذي ارتآه فريق العمل في مركز جابر، بمشاركة الفنان شادي الخليج والمخرج العالمي تاما ماثيسون.

● عملك مع مركز جابر الأحمد الثقافي لابد أنه ساهم في إعطائك دفعة معنوية كبيرة، لاسيما أنه تكريم شخصي لمبدع وروائي شاب، أليس كذلك؟

- أنت تضعني في موقف محرج، لا أود الإشادة بجهود المركز وأنا ضمن فريق العمل، لكن دعني أقول لك إنه باستقطاب مركز جابر الأحمد الثقافي، ممثلا بمديره فيصل خاجة وفريقه في الإدارة العليا، قد اتخذ قرارا غير مسبوق في الكويت، وهو الاستعانة بالشباب الكويتي، كل في مجاله، من أجل تقديم محتوى بسواعد وطنية لا يقل عن التصميم المعماري الفذ للمركز، وهو أمرٌ في صعب جدا أن يطابق المحتوى الشكل.

تؤمن إدارة المركز بأن صرحا مثل مركز جابر لابد أن يقدم محتوى يليق بالكويت وإرثها الثقافي، كيلا يصير المبنى جسدا بلا روح. لهذا السبب تجد اليوم أن أنشطة المركز، وإن تصدت لبعضها عناصر أجنبية من أجل مواكبة الإبداع العالمي، تقوم في أغلبها على سواعد وطنية متميزة في مجالاتها بالكتابة وإدارة الندوات الثقافية والاستشارات الفنية، كما أن أهم ما يمنحه المركز للعنصر الوطني هو فرصة الاستفادة وتطوير المهارات من الخبرات الأجنبية في الإخراج والكتابة الإبداعية وصنوف الإبداع الأخرى. 

إذا استمر المركز في سياسته هذه، بإعطاء المبدع الكويتي الثقة المفقودة بمرافق الدولة في غالبها، فإننا نضمن أن مستقبل الإبداع في الكويت لن يعود إلى سابق عهده وحسب، بل يتجاوز ما أسسه الرواد من أجل يوم تتصدر فيه الكويت الحركة الثقافة العربية.

«ساق البامبو» ترجمت إلى 10 لغات

ترجمت بعض أعمال السنعوسي إلى لغات أخرى، فرواية "فئران أمي حصة" ترجمت إلى اللغة الإنكليزية، في حين ترجمت "ساق البامبو" إلى 10 لغات، هي: الإنكليزية، الإيطالية، الرومانية، المقدونية، التركية، الفارسية، الكردية، الصينية، الكورية والفلبينية.

أول كويتي يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر»

استطاع السنعوسي تقديم أعمال أدبية كان لها صدى طيب لدى القارئ، وتمكَّن من تسليط الضوء على موضوعات مهمة جداً يعانيها المجتمع الخليجي أو العربي في أي مكان، وجاءت أعماله كالتالي:

● رواية "سجين المرايا" 2010.

● رواية "ساق البامبو" 2012.

● رواية "فئران أمي حِصَّة" 2015.

● رواية "حمام الدَّار: أحجية ابن أزرق" 2017.

● "ناقة صالحة"- رواية قصيرة 2019.

ونال السنعوسي العديد من الجوائز الأدبية المهمة، فهو حائز جائزة الروائية ليلى العثمان لإبداع الشباب في القصة والرواية بدورتها الرابعة عن رواية سجين المرايا 2010، وحصل على المركز الأول في مسابقة "قصص على الهواء" التي تنظمها مجلة العربي بالتعاون مع إذاعة بي بي سي العربية، عن قصة "البونساي والرجل العجوز"، في يوليو 2011. وحصد جائزة الدولة التشجيعية في مجال الآداب عن رواية "ساق البامبو" عام 2012. في حين حصدت "ساق البامبو" الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) عام 2013، وهو بذلك حقق إنجازاً لبلده، فكان أول كويتي يفوز بهذه الجائزة.

وعقب ذلك، حاز لقب شخصية العام الثقافية - جائزة محمد البنكي، في مملكة البحرين 2016، ونالت "ساق البامبو" بنسختها الإنكليزية جائزة سيف غباش/ بانيبال لأفضل ترجمة في حفل أقيم بالمكتبة البريطانية الوطنية 2017. واختيرت "فئران أمي حصة" ضمن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد 2016-2017، فيما وصلت "حمام الدار" إلى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ 2018-2019.

شغلتني فكرة أغنية «الخلوج» وجاءت مثل ومضة أربكتني وأبت أن تخرج من رأسي إلا بكتابتها

عناويني لا تقابل باستحسان فور إعلان صدور العمل

هناك فئة من البشر تحلم بإدراك الوطن رغم عيشها فيه

أصدرت «حمام الدار» بسبب حمامة أطالت البقاء على دكة نافذتي

استمرار مركز جابر الثقافي في إعطاء المبدع الكويتي الثقة المفقودة يضمن استعادة الإبداع المحلي لبريقه
back to top