أمنية ليست مستحيلة

نشر في 10-09-2019
آخر تحديث 10-09-2019 | 00:00
قضيت جلّ عمري متغربا خارج البلاد، لكني لم أشعر بالغربة كما شعرت بها في ذلك الوقت وسط ذلك التكدس البشري! يا لها من مأساة قاسية، وكم تمنيت في تلك اللحظات أن يخصص مجلس الوزراء ساعة من إحدى جلساته ليستقل باصاً يتجول به في حولي وشوارعها الخلفية.
 يوسف عبدالله العنيزي منذ وقت طويل لم أدخل إلى "منطقة حولي" تلك المنطقة التي قضيت فيها سنين من العمر، وفي الأسبوع الماضي ولإنهاء بعض العمل فقد دخلت منطقة حولي، حيث أوقفت سيارتي في أحد الشوارع، وبدأت الجولة مشياً على الأقدام، وكم كان الوضع قاسياً، فالمكان غير المكان، والناس غير الناس.

نعم إن التغيير هو الثابت الوحيد في الكون، ولكن أليس التغيير إلى الأحسن أفضل من التغيير إلى الأسوأ؟ فلماذا تخلفنا؟ لقد سكنا منطقة حولي في خمسينيات القرن الماضي، كانت الشوارع نظيفة، فأين نحن الآن مما كنا؟ لكم هالني مشهد أكوام القمامة ومستنقعات المياه الآسنة والازدحام البشري، ومن كل جنسيات الدنيا، وازدحام السيارات والمركبات وأصوات الأبواق التي لا تتوقف، ونظرات الريبة للباس الوطني الكويتي، وكأنهم يتساءلون: من أين، وكيف أتى؟

وأصدقكم القول بأني قد قضيت جلّ عمري متغربا خارج البلاد، لكني لم أشعر بالغربة كما شعرت بها في ذلك الوقت وسط ذلك التكدس البشري! يا لها من مأساة قاسية، والأقسى منها هذا الإهمال، وكم تمنيت في تلك اللحظات أن يخصص مجلس الوزراء الموقر ساعة من إحدى جلساته ليستقل باصاً يتجول به في حولي وشوارعها الخلفية، وحبذا لو كان جزء منها مشيا على الأقدام، مع دعائنا لهم من القلب بالسلامة، والله الحافظ، وكم نكون شاكرين لو شملت الجولة مناطق أخرى مثل السالمية وخيطان والفروانية والجليب وغيرها من مناطق الكويت الحبيبة.

من ناحية أخرى، وأثناء تجوالي في تلك المنطقة مررت على "مدرسة حولي المتوسطة"، وكم هفت نفسي لذلك المبنى، وعادت بي الذاكرة إلى تلك الأيام الخوالي عندما كنت طالبا في هذه المدرسة، وكان الناظر الأستاذ عبدالوهاب القرطاس ومدرس التربية الدينية الأستاذ محمود شوقي الأيوبي الذي حول ذلك الدرس إلى ساعة من التربية الروحية، بسرد مؤثر لقصص الأنبياء، عليهم السلام، فكانت عيوننا وقلوبنا شاخصة لحركاته، وشرحه الذي يلامس القلب والعقل، فجزى الله خيراً كل من علمنا حرفا، لم نكن نعرف في تلك الأيام باصات نقل الطلاب، فكان الذهاب والعودة من المدرسة مشيا على الأقدام مهما كانت حالة الجو، وكان يستغرق ذلك نحو نصف ساعة.

في تلك الجولة تعرفت على صديق عزيز من مصر العزيزة الدكتور "متى" الذي قدم مساعدة قيمة، فله الشكر والتقدير وجزاه الله خيراً، وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top