عودة

نشر في 05-09-2019
آخر تحديث 05-09-2019 | 00:08
الحكومة تعكف جاهدة على تقييد ما لا يمكن تقييده أبداً، فنحن لسنا اليوم في ذلك الزمن البغيض الذي كانت مصادر المعلومات والأخبار تحت يدي الحكومة وأصحاب اللحى السياسية، نحن لسنا في زمن "الإريل" الذي يفرض علينا ثلاث قنوات تلفزيونية، ولسنا في زمن يراقب فيه كل ما هو مكتوب.
 علي محمود خاجه أعود للكتابة بعد انقطاع استمر عدة أشهر لم أتمكن من خلالها باعتقادي من تناول ما يرقى لأن يطرح كمقال، إلا أن المستجدات على الساحة المحلية وإن صح التعبير التخبطات الحكومية الدائمة تدفعنا دوما للحديث والكتابة مضطرين على أمل أن تسهم هذه الكتابات في تغيير الواقع السيئ.

فالـ"هبّة" الحكومية اليوم وبمعية مجموعة من النواب والسياسيين المأسوف على وجودهم في الحياة السياسية برأيي الخاص هي ما يسمونه "الحسابات الوهمية" في منصات التواصل الاجتماعي.

فالحكومة وبمؤازرة البعض تعكف جاهدة على تقييد ما لا يمكن تقييده أبداً، وأكرر أبداً في هذا الزمن، فنحن لسنا اليوم في ذلك الزمن البغيض الذي كانت مصادر المعلومات والأخبار تحت يدي الحكومة وأصحاب اللحى السياسية، نحن لسنا في زمن "الإريل" الذي يفرض علينا ثلاث قنوات تلفزيونية، لن نستطيع أن نحيد عنها إلا إن كان الجو رطبا فنشاهد بعض قنوات الخليج، ولسنا في زمن يراقب فيه كل ما هو مكتوب وكل صورة منشورة بالمجلات تطمس بلون أسود قبل أن يتم توزيعها على المكتبات.

نحن في زمن الإنترنت كل الأمور فيه متاحة لا يمكن تقييدها أبدا، فإنه في غضون كتابتي لهذه المفردات يمكنني أن أطلع على أي كتاب ممنوع في الكويت، وأي فيلم وأي مسلسل وأي خبر وأي مقال، ويمكنني أن أكتب وأنشئ حساباً وهمياً وأنا داخل الكويت، وأظهره كأنه من الخارج، ولن تتمكن الدولة من منعي عن ذلك، نعم قد يصعب الأمر قليلا عليّ لكنه لن يمنعني أبداً. هذا وأنا ذو المعرفة المحدودة جدا في الإنترنت فما بالكم بمن هم أفضل مني.

لذلك، ولأننا في هذا الزمن، لن تجدي تحركاتكم وقيودكم نفعا أبدا، نعم أتفهم بأن هناك من يسعى إلى زعزعة الأوضاع من خلال حسابات وهمية أدرك ذلك جيدا، ولكن الحل ببساطة هو ردع من يحرك هذه الحسابات ويدفع لها الأموال ويزودها بالمعلومات، وهم في الغالب بعض المتنفذين ممن يرغبون في زيادة نفوذهم أو تقدمهم في صفوف القيادة وتحديدا من داخل الأسرة، اردعوا هؤلاء لتتوقف هذه الزوابع المفتعلة دون قوانين إضافية وخرابيط.

إن ما هو أولى وأوجب على الحكومة من قيود لا طائل منها ولا جدوى هو ممارسة مهامها الفعلية والقيام بواجباتها التي لا تزال وبإقرار من رئيسها عاجزة عن تنفيذها، وإن كانوا يريدون اقتراحات كما صرحوا من ذي قبل، فإليكم بعضها إن كنتم غافلين؛ فملعب مثل ستاد جابر استغرق تشييده أكثر من عشر سنوات، وبكلفة تجاوزت الـ70 مليون دينار غير جاهز لاستضافة مباريات منتخب الكويت في تصفيات كأس العالم اليوم، علما أن الملعب لم يستخدم منذ افتتاحه إلا في مباريات لا تتجاوز الـ50 مباراة بالمجمل، بمعنى أن كل مباراة تكلفتها أكثر من مليون دينار من مبلغ التشييد، أو طرق لم تعبد بعد موسم الأمطار في نوفمبر الماضي إلى الآن، ونحن مقبلون على موسم أمطار جديد، ومدارس بدأت تشكو من عدم جاهزيتها قبل أيام قليلة من عودة الطلبة لها وغيرها من ملفات لن يكفيها مقال.

اتركوا عنكم "خرابيط" القوانين واتجهوا للمهم فعليا.

back to top