النفوذ العابر للحدود

نشر في 04-09-2019
آخر تحديث 04-09-2019 | 00:09
 د. عبدالمالك خلف التميمي إن شيوع مصطلح "عابر للحدود" شائع في هذه الفترة، فالإرهاب عابر للحدود، والمياه عابرة للحدود، وقضايا الدول عابرة للحدود، ووسائل التواصل الاجتماعي عابرة للحدود، ومطامع الدول الكبيرة بالدول الصغيرة عابرة للحدود، والمهاجرون والنازحون عابرون للحدود، وفي خضم هذا العبور مشكلات جمة، والأخطر هو عبور نفوذ دول الجوار للحدود لتنفيذ أطماعها، وتحقيق رؤاها الاستراتيجية سواء بتصدير الثورة، أو تحقيق أطماع بالنفوذ العسكري والميليشياوي، أو لجعل عبور الحدود طريقاً للمرور لعبور حدود أخرى.

إن عبور الحدود لعبة خطيرة تعرض سيادة الآخرين للاختراق والاعتداء، وتخلق مشكلات حدودية واقتصادية واجتماعية، والدول العربية في المشرق العربي تعيش حالة من هذا النوع، فإيران تعبر حدود العراق من الشمال حتى الجنوب تحت مبررات (الزيارات المذهبية) أو دعم الأنصار، ومواجهة الأخطار، ومنها تعبر الحدود الغربية إلى سورية وصولاً إلى لبنان وسواحل البحر المتوسط، وتركيا تعبر حدود العراق وسورية والحدود البحرية إلى ليبيا ولها مبرراتها لكن إيران وتركيا لهما أطماع في هذه الدول وثرواتها لا تقل عن أطماع إسرائيل.

فقد قال أول رئيس وزراء إسرائيلي (بن غوريون) بعد قيام إسرائيل: إن وجود إسرائيل كالحجر الذي تلقيه في الماء، فتتكون حوله "الدوائر". تفسيراً لنظرية الاستيطان والتوسع على حساب العرب، وقد طبقت هذه النظرية سواء من خلال الحرب أو الدعم الأميركي، فنفوذ إسرائيل في الضفة الغربية والجولان عابر للحدود، هذا إذا سلمنا بوجود إسرائيل كدولة في المنطقة بعد عام 1948.

والحالة العربية تسمح بذلك الاختراق والعبور للحدود لأنها في حالة ضعف وتراجع وحروب أهلية، جعلت القوى الإقليمية تتسابق لمد نفوذها عبر الحدود، بدلاً من القوى الكبرى التي وجدت في ذلك النهج وسيلة لنفوذ أكبر وأخطر، ولا مانع لدى هذه القوى من أن تتمدد القوى الإقليمية خارج حدودها لمزيد من إضعاف العرب، ولتحقق أهدافها ومصالحها مع جميع الدول العربية وجيرانها.

ترى ألا تعرف أو ترى أو تصور الأقمار الصناعية عبور الحدود العربية واستباحة سيادة هذه الحدود في عصر القانون الدولي، وتثبيت الخرائط والحدود؟! ولماذا تسمح بذلك؟! وإذا أرادت أن تنأى بنفسها عن ذلك الخلاف قالت سياستها بأن ذلك شأن إقليمي بين الدول، وفي الوقت نفسه تشارك في ذلك العبور، وتغض النظر عنه، فإيران تخترق حدود العراق الشرقية، وتركيا تمتد أطماعها إلى ليبيا عبر ألف كيلو متر بحري طمعاً في النفط والغاز، وإسرائيل تعبر الحدود متى شاءت بحماية أميركية، والعرب جاهزون للابتزاز المالي. السؤال متى يتحقق الاستقلال والسيادة للعرب في دولهم، ومتى تقف عملية عبور الحدود واختراقها من دول الجوار الإقليمي؟

وسكة حديد طهران عبر العراق إلى البحر المتوسط مشروع عابر للحدود.

back to top