سدانيات: ليس للفرسان كروش

نشر في 30-08-2019
آخر تحديث 30-08-2019 | 00:09
 محمد السداني لم يكن شيء أكثر ألماً من الجملة التي ألقتها عليّ إحدى العابرات اللواتي كنَّ يمارسن رياضة المشي، وأنا أختال على حصاني العربي الأصيل الذي يحمل دماء نقية تماثل تلك الدماء التي يصدّع بها رؤوسنا أصحاب الدماء النقية بأحسابهم وأنسابهم، وهم لم يقدموا شيئا لهذا الكوكب سوى أنهم أثقلوه وزنا وهمّا وغمّا واتكالية!

جملة الكروش هذه وقعت على مسمعي مثل الرعد الذي يخترق دثار ليالي الشتاء الباردة، انتهى المشهد وفارق العابرون ما عبروا عنه، ولكنّي تفكرت كثيرا بمقولتها وبدأت أعيد حسابات كل شيء حتى أصبح الفارس الذي يجب أن يكون عليه كل عربي شهم، وبالفعل ثارت حميتي وغيرتي وبدأت مرحلة التخلص من هذا الكرش اللعين.

لم تكن القضية كرشا فحسب، بل تعدت ذلك بكثير، فقد أثارت هذه الجملة تساؤلات في داخلي: كيف لتعليق عابر ومستحق أن يثير حماسي لكي أبدل حالا بحال ووضعا بوضع آخر، ولم يتغير الكثير ممن يقبع على كراسي السلطة الخضراء أو الحمراء؟! أليس من المفروض أن تجري بهم دماء أيا كان نوعها ومصدرها، فيشعروا بتقصيرهم وإهمالهم تجاه وطنهم ومواطنيهم؟ كيف لم يتحسسوا كروش الخمول والإهمال والتقصير التي قبعت على صدور الشعب سنوات وسنوات؟ وكيف لهذا الوطن أن يحمل ويستمر في حمل شحومهم وأخطائهم دون حسيب أو رقيب؟

إنَّ هذا الوطن يحتاج إلى فرسان حقيقيين، فرسان بلا كروش تقصير وإهمال وخمول ومحسوبية وفوضى إدارية أوصلتنا إلى ما نحن فيه من طريق مسدود، إن تخمة الفساد التي أصابت الكثير ممن يقبعون على صهوة السلطة لسنوات وحتى بعد خروجهم لم تكن مؤشرا للكثير منهم "ليحسوا على دمهم"، كما يقول المصريون.

لا يمكن أن نكون في عام 2019 ونستمر في مطالباتنا الحكومية في تحسين البيئة الصحية والدراسية والشوارع وغيرها من الحقوق التي صارت جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان في الدول الأخرى؟ لا يمكن أن نستمر في هذه المطالبات والعالم يتجه إلى التخلص من البترول كمصدر أوحد للطاقة باحثا عن طاقة متجددة نظيفة تخفف من أكبر أزمة يعيشها كوكب الأرض، الاحتباس الحراري، لا بدَّ لنا أن نحسن اختياراتنا لكي نرى مستقبلا مختلفا لهذا الوطن، ابن عمك وابن عائلتك وابن مذهبك لن يقدم أو يؤخر شيئا عندما نجد أنفسنا عالقين في بحور نفط لا قيمة لها، حينها ستجد من عاش عمرا يكنز من خيرات هذه البلاد طائرا إلى ما أسسه خارج البلاد، وأنت ومن صوَّت له دون وجه حق متقابلين تندبون حظكم الذي سيصبح قطعا بلا كرش ولا فرس ولا فارس.

خارج النص:

- من ينقذ التعليم؟ سؤال يخطر على بالي يوميا ولا إجابة له!

- كيف لحكومة وهمية محاربة حسابات التواصل الاجتماعي الوهمية؟!

back to top