هشام بوكرمة: المرأة في لوحاتي محطمة ومقهورة

يستعد لمعرضين جديدين لمصلحة مرضى السرطان في القاهرة ودار العجزة بالمغرب

نشر في 22-08-2019
آخر تحديث 22-08-2019 | 00:00
أسس الفنان التشكيلي هشام بوكرمة فرع اتحاد الفنانين التشكيليين المغاربة في طنجة، ودشن ثلاثة مهرجانات دورية هي «ألوان طنجة الكبرى»، و«ألوان الطيف»، و«ألوان نور البلاد»، وقدم ما يزيد على 150 ورشة للأطفال بالمدارس العمومية والجمعيات والمتخلى عنهم والمصابين بالتوحد وجميع الفئات الهشة بالمغرب، ويستعد خلال الأيام القادمة لإقامة معرضين جديدين أحدهما بالقاهرة والآخر بالمغرب.
وفي حواره مع «الجريدة» تحدث بوكرمة عن آخر معارضه وتجربته الخاصة والأنشطة التي يقدمها الاتحاد بطنجة.
• لديك تجربة خاصة في رسم اللوحة هلّا أطلعتنا عليها وعلى أبرز المحطات في مسيرتك الفنية؟

- أعتبر علاقتي باللوحة كعلاقة الأب بابنه، فهي جزء مني، أرسمها بألوان القلب، وقمت بتصميم ريشتي من شعيرات الرأس، أجمع قصاصات شعري وأصنع منها ريشات مختلفة الأحجام، أغمسها في الألوان وأرسم. وفيما يخص تجربتي التشكيلية عموماً فهي تجربة مريرة تحمل في طياتها معاناة كثيرة، ففي فترة مضت من حياتي تعرضت للاعتقال نتيجة انتقام، وكانت المدة قاسية، ففي المؤسسات الإصلاحية تمنع الأدوات والمواد داخل الزنزانة تحسباً لاستعمالها في إيذاء النفس، وأنا أرى متنفسي في الرسم ذلك الفضاء الرحب خروجاً من السجن بمخيلتي، فكانت الأداة من شعري والمادة كانت البن ومعجون الأسنان والأقلام الحبرية والزعفران ومصفاة السجائر، واللوحة التي كنت أرسمها بشعري هي تحدٍّ للعوائق والظرفية المادية والنفسية، بعد ذلك أسست فرع اتحاد الفنانين التشكيليين المغاربة فرع طنجة الكبرى، ونظمت ثلاثة مهرجانات أولها ألوان طنجة الكبرى تخليداً لذكرى عيد الاستقلال، ومهرجان ألوان الطيف موازات مع عيد المرأة، ومهرجان ألوان نور البلاد تخليداً لذكرى عيد العرش المجيد، وقدمنا في فرع اتحاد الفنانين التشكيليين بطنجة العديد من ورش الأطفال بالمدارس العمومية والجمعيات والمتخلى عنهم والمصابين بالتوحد وجميع الفئات الهشة.

• لذا نجد معظم أعمالك فيها لمحة حزن وانكسار والمرأة المقهورة هي بطلة جل لوحاتك؟

- الحزن والانكسار دوماً في عيون الفئات المهمشة في المجتمع، وأنا أطوع ريشتي لخدمة قضايا هؤلاء، والمرأة في لوحاتي ليست منكسرة وحسب بل مقهورة ولم تحصل على حقوقها ومحطمة تماماً، تفتقد التبجيل في غياب العاطفة والرفق وبالخصوص في العالم العربي، كما أجسد في لوحاتي المرأة أيضاً رغم إنكسارها فإنها متشبثة بالثراث والثقافة المغربية العريقة والمعاصرة بألوان حية.

بين الشكل والمضمون

• كيف تأتيك أفكار لوحاتك وما الأدوات التي تفضل استخدامها؟

- يمكن القول إن أعمالي عبارة عن لوحات نصية مستوحاة من ملامح المجتمع ومن المحيط البيئي والقضايا الموحدة في المجتمعات وهموم حواء، أما بخصوص المواد فلا أرى المواد عائقاً أو الأدوات حين أفكر في عمل سأنجزه حتى وأنا في الشارع العام، المهم طريقة استخدام هذه الأدوات والمضمون الذي تعبر عنه.

• هل أنت أسير تقنية أو أسلوب فني معين؟

- نعم أنا أسير الاستشراف الإنساني، أسير الألوان، أسير الفن، لا أعمل للمتلقي بل أخرج ما بداخلي، ما بمخيلتي لأن الحرية تنحسر في الفكر، وطالما اللون ليس ممتلكاً فردياً فيحق لي أن أعبر كما شئت في أسري، فاللوحة جسد واللون سائل حيوي والتلوين عروق تعم الجسد.

أما عن التصنيفات النظرية فلا أنتمي إلى تصنيف معين، لكن التجريدية سمحت لي بتغيير طريقة النظر إلى الأشياء، لست تجريدياً بالمعنى الكامل للكلمة ولا يوجد رسام كذلك، والتجريدية لا تقف عند القشرة بل تغوص إلى العمق، ففي القاع يكمن الجمال.

طنجة ومعارض خيرية

• ماذا عن أبرز الأعمال والإنجازات لفرع طنجة في ظل رئاستكم؟

- أقمنا الدورة الأولى لمهرجان ألوان طنجة الكبرى في نوفمير العام الماضي، ونستعد للدورة الثانية تحت شعار "ألوان طنجة الكبرى"، ويقام بالتعاون مع ولاية طنجة تطوان الحسيمة، والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال قطاع الثقافة بطنجة، ويعد المهرجان عرساً فنياً كبيراً، ويتضمن برنامج عرض لأكثر من خمسين فناناً تشكيلياً مغربياً من مختلف ربوع المملكة، وهناك ضمن البرنامج ورشة مخصصة للأطفال المتخلى عنهم، ودورة تكوينية للشباب بطريقة علمية حول الفنون التشكيلية، وورشة بالساحة العمومية حي مغوغة بطنجة، وبحي ابن كيران ستحول إلى فن الجداريات وسيستفيد أكثر من 500 تلميذ وتلميذة من مختلف المؤسسات التعليمية العمومية من ورشات فن الرسم التشكيلي.

• أقمت العديد من المعارض الخيرية ماذا عنها، وهل تستعد لإقامة معارض قادمة؟

- جل المعارض الفردية خيرية، ولا أرغب في معرض لحسابي الخاص طالما أنا قادر على الحركة، أملي إسعاد الآخرين وتوفير ولو جزء من الاحتياجات لهم، وأستعد لمعرضين جديدين خلال الفترة المقبلة أحدهما للمصابين بالسرطان في مصر وأنا في انتظار تحديد قاعة العرض، والآخر معرض ثانٍ لدار العجزة بالمغرب.

رؤية تشكيلية

• ما رؤيتكم للمشهد التشكيلي المغربي ؟

- رؤيتي للفن في المغرب العربي فيها تحسر وخيبة أمل.

• ما اللوحة التي تعكف على إنجازها راهناً؟

- أعمل حالياً على إنجاز لوحة ربما ستكلفني وقتاً طويلاً، وأعتقد أنها ستبهر الكثيرين في الوسط التشكيلي.

• ماذا يعني لك فن التشكيل؟

- هو محاولة دؤبة للإجابة بصرياً عن قضايا الراهن، ومغامرة الإبداع داخله تقتضي التقصي عميقاً والذهاب إلى أبعد، ما وراء الأشياء.

ريشة خاصة

نشأ الفنان التشكيلي هشام بوكرمة بمدينة آسفي، وحملته الأقدار إلى مدينة طنجة ليستقر بها، عانق الرسم التشكيلي وتشبث به عصامياً تأثر بالمدرسة التجريدية، وأبدع رسم لوحات رائعة شارك بها في معارض ومهرجانات للرسم التشكيلي في مختلف ربوع المملكة، كما شارك في ندوات ومحاضرات تخص هذا المجال، من أبرز إبداعاته أن استغنى مرة عن الريشة وأبدع في استخدام قصاصات من شعر رأسه وصنع منها الريشة وأبدع بها لوحات رائعة.

وعن ولوجه عالم اللوحة يقول بوكرمة: "ما أقوم به أقوم به بسهولة ودون تكلف، لا أعرف إلى أين تحملني في البداية لكن سرعان ما يظهر الطريق إلى الأشياء وتتبدد المخاوف والشعور التلقائي، ويقودني كل ذلك طوال الوقت، أتموقع وراء سجل اللوحة البصري، يستهويني ما ظل معلقاً منها في رأسي، وما تبتكره لي من مثالب لا أستطيع إخفاءها إلا داخل اللوحة، تماماً كما تشدني الأشياء المعلقة على الجدار، وتأسرني الصباغة التي هي إطفاء لحطام الكلام.

أجمع قصاصات شعري وأصنع منها ريشات مختلفة الأحجام
back to top