أطفال تجمع «أبو النوار» بالقدس يعبرون عن واقعهم بالصور والرسوم المتحركة

نشر في 21-08-2019 | 10:41
آخر تحديث 21-08-2019 | 10:41
 جانب من معرض تدخلات مغايرة في التجمع السكاني (أبو النوار)
جانب من معرض تدخلات مغايرة في التجمع السكاني (أبو النوار)
شكل انتاج عدد من أطفال التجمع السكاني (أبو النوار) قرب مدينة القدس نافذة اطل الجمهور من خلالها على حياة التجمعات البدوية المهددة بالترحيل لاستكمال المشروع الاستيطاني الإسرائيلي وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.

هذه الاطلالة لم تكن عبر صور صحفية توثق ما يجري من عمليات ملاحقة لحياة سكان التجمعات البدوية كما العادة وانما كانت صورا التقطها 25 طالبا من تجمع (أبو النوار) بحرية ضمن مشروع (تدخلات مغايرة في التجمع السكاني أبو النوار) الذي نفذته مؤسسة عبدالمحسن القطان وهي مؤسسة تنموية مستقلة مقرها رام الله.

وقص الأطفال المشاركون الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما وغالبيتهم من الاناث يومياتهم وكشفوا عما بداخلهم كما فعل الطفل ماجد الجهالين حينما التقط صورة لراعي اغنام قرب مستوطنة (معاليه ادوميم) التي لا تبعد سوى أمتار عن مكان عيشهم وصورة أخرى التقطت له مع أحد أصدقائه ومن خلفه المستوطنة.

وقال ماجد لوكالة الانباء الكويتية (كونا) خلال مشاركته في المعرض إنه أراد سرد جزء من قصته ليبرز كيف يعيش سكان التجمع البدوي بين مستوطنتي (معالية ادوميم) وهي من أكبر المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية ومستوطنة (بيت كيدار).

وأضاف "الحياة صعبة في التجمع امضيت تسع سنوات اذهب الى المدرسة مشيا على الاقدام منذ عام واحد فقط بدأنا كطلبة نستقل الحافلة".

اما الطفل علي موسى البالغ من العمر 14 عاما فقد التقطت عدسته صورة لعمه على مقربة من بيوت المستوطنة الحجرية المسقوفة بالقرميد الأحمر.

وقال موسى ل(كونا) انه أراد من خلال صوره التي تظهر فيها مستوطنة (كيدار) والمساحات الشاسعة من حولها والاغنام التي يملكها السكان كيف ان المستوطنة تقيد حركتهم وتحصرها في حيز ضيق وتمنعهم من رعي الأغنام.

وتخبر الطفلة يسرى الجهالين العالم عما تفتقده من مشاهد جميلة في محيطها من خلال صورة التقطتها لدوار امام مدخل مستوطنة (معاليه ادوميم) الذي زرعت في منتصفه شجرة زيتون معمرة - سرقها الاحتلال من احدى القرى القريبة من بيت لحم ورصفت الحجارة من حولها وزينت بنبات الزينة.

وتتيح صور شروق الشمس الذي يرافقهم في رحلة ذهابهم الطويلة والمبكرة الى المدرسة الاقتراب أكثر من عالم أطفال تجمع (أبو النوار) كما صور أضواء المستوطنات التي تقبض على عنق الحياة في التجمع وتشير الى ليلهم المظلم دون كهرباء.

وتعبر الصور الملتقطة بكل عفوية عن مكنونات الأطفال وما يحيط بهم من تناقضات فالطريق الترابية الضيقة التي يسلكونها للوصول الى المدرسة البعيدة تمتد بموازاة شارع المستوطنة المعبد بمركباته الحديثة وحافلاته المكيفة بينما المستوطنة ببنائها الحديث تنقض على بيوت الصفيح (مساكن البدو) التي سرعان ما تتحول الى كومة من الحديد بعد ان تطالها انياب الجرافات الإسرائيلية.

وأعاد الأطفال المشاركون بناء تجمعهم البدوي خاصة المدرسة التي هدمها الاحتلال اثناء المشروع من خلال فيديو الرسوم المتحركة الذي صور في الطبيعة.

وقالت المديرة التنفيذية للمؤسسة فداء توما إن المشروع نفذ في أكثر من 20 تجمعا وقرية ومدينة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأضافت توما في كلمة اثناء افتتاح المعرض ان الهدف من المشروع هو حث التجمعات الفلسطينية للتفاعل والمشاركة المجتمعية أكثر والاهتمام بالقضايا من خلال استخدام الفنون كأداة.

وبدوره قال المشرف على المعرض الفنان رؤوف حاج يحيى ل(كونا) إن المعروضات جميعها من انتاج الأطفال الذين بدأ العمل معهم عام 2017 بورشة تصوير فوتوغرافي استمرت خمسة أشهر قبل الانتقال الى ورشة الكتابة الإبداعية مع الكاتب زياد خداش ومن ثم الى الرسوم المتحركة بإشراف الفنان باسل نصر إضافة الى انتاج فيلم قصير عن علاقة المشروع مع تجمع (أبو النوار) بالتعاون مع الإعلامية شروق الاسعد.

وأضاف حاج يحيى انه تم اصدار كتاب يلخص المشروع وليس توثيقا له ويعنى بمفاهيم التدخلات الفنية في المناطق المهمشة ويضم صورا فوتوغرافية انتجت خلال ورشة التصوير التي أشرف عليها الحاج يحيى في تجمع (أبو النوار).

ومن جهته قال منسق المشروع نائل مزاودة في تصريح مماثل ل (كونا) ان "الأطفال ارسلوا رسالة الى المجتمع المحلي والقادة المحليين والدوليين في العالم حول ما يعانيه التجمع وما يحتاجه الأطفال وهي حقوق بسيطة كالحق في التعليم واللعب فلا يوجد في التجمع ملعب لكرة القدم ولا متنزه ولا أي نوع من الخدمات".

وأضاف مزاودة ان الفيلم الذي عرض والصور تعكس واقعهم وتعبر عما يريدون ومطالبهم متواضعة لا يريدون سوى العيش كبقية الناس ببيوت من حجر وان تتوفر لديهم الخدمات المتوفرة للمستوطنين.

وتمنع سلطات الاحتلال توفير اي من الخدمات في (أبو النوار) كباقي التجمعات البدوية فالمدرسة التي تخدم 56 طالبا ومكونة من ست غرف وهي منحة من الحكومة الفرنسية هدمها الاحتلال عام 2016 كما هدم مبنى من غرفتين يستخدم للمرحلة الأساسية.

وبعد انتهاء المرحلة الأساسية في مدرسة التجمع يضطر الطلبة لاستكمال دراستهم في مدرسة تقع في بلدة العيزرية حيث يسيرون مسافات طويلة بين الجبال ومؤخرا تم توفير حافلة لنقلهم.

وتضيق سلطات الاحتلال الحياة على 22 تجمعا بدويا لتهجير نحو 30 ألف بدوي من المنطقة الممتدة بين القدس واريحا بما يشمل السفوح الشرقية للسيطرة عليها بهدف إنشاء حزام استيطاني يربط المستوطنات بالقدس.

back to top