الوافدون والتركيبة السكانية

نشر في 20-08-2019
آخر تحديث 20-08-2019 | 00:09
 أ. د. فيصل الشريفي وصول عدد السكان إلى أكثر من خمسة ملايين مواطن ومقيم عام 2020 جاء خلافاً لما هو متوقع لعددهم حتى عام 2030 وللمخطط الهيكلي الثالث للدولة، والذي تم إصداره في 2008، وتلك الزيادة تضع ضغطاً غير مسبوق على الخدمات والبني التحتية والميزانية العامة للدولة.

زيادة أعداد الوافدين بهذه الصورة تحتاج إلى وقفة تشريعية ومراجعة شاملة لمعالجة منظومة التوزيع السكاني للدولة من خلال إعادة النظر في متطلبات الحاجة من العمالة، تماشياً مع خطط وبرامج التنمية إن أراد القائمون على رؤية الكويت 2035 الوصول إلى أهدافها وإشراك شباب الكويت فيها دون النظر إلى التبعات السياسية أو إلى مصالح المتنفذين.

نعم هناك حاجة إلى العمالة الأجنبية، آنية ومستقبلية في بعض القطاعات بسبب عزوف أغلبية المواطنين عن بعض المهن أو بسبب سوء التخطيط لمخرجات مؤسسات التعليم التي لم تستطع مواكبة متطلبات السوق من الوظائف الفنية في قطاعيه العام والخاص، فضلاً عن ضعف القوانين الحالية التي أثبتت عدم فاعليتها في تمكين المواطن من العمل بالقطاع الخاص.

وبالرغم من وجود بيانات وافية لدى وزارتي الداخلية والشؤون حول أعداد الوافدين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، فإن أصحاب القرار يقفون وقوف المتفرج من اتخاذ أي قرار يجنب الكويت ويحمي المواطن من هذه العمالة الفائضة عن الحاجة خوفاً على كراسيهم.

معالجة الاختلالات في المنظومة السكانية ليست بالأمر الصعب، ولا الهدف منها جالية بعينها، فالقضية مرتبطة بالأمن الوطني ومكافحة تجار الإقامات الذين ملأوا الكويت بالعمالة الهامشية التي تحولت عالة على المجتمع.

مجمل هذه العمالة الهامشية جاء عن طريق العقود المبرمة مع الحكومة ولمتنفذين بأعينهم ولشركات ومؤسسات تمت مكافأتها من خلال إعطائها تقدير احتياج يفوق الطاقة التشغيلية، والنتيجة تضخم أعداد الوافدين بصورة مخيفة، ولك أن تتصور أن جنسية واحدة قارب عدد عمالتها عدد المواطنين الكويتيين.

من غير تحامل على أي من الجنسيات، ومنهم من نقدر دورهم ومساهمتهم في البناء، فإن تقنين وجودهم بحسب الحاجة الفعلية أصبح ضرورة، وللتأكد من وجود هذه العمالة الهامشية وكشاهد على حجم التحايل والالتفاف على قوانين العمل، ما عليك سوى الوقوف بضع دقائق أمام أجهزة الصرف الآلي للبنوك لتشاهد مندوباً واحداً بيده العشرات من بطاقات الصرف يقوم بسحب المبالغ من البنوك فور إيداعها.

هذه الأعداد الكبيرة لم تساهم في تخفيض قيمة أجور العمالة الوافدة، أسوة بما هو حاصل في دول الجوار، والعلة الأخرى أنهم لا يخضعون لأي اختبارات مهنية، والطامة أن بعضهم يعمل في وظائف إدارية وفنية ولديه شهادات غير معتمدة من «التعليم العالي»، ورغم كل ذلك مازالت أعدادهم في تزايد وعلى عينك يا بلد.

ومن أهم العوامل التي ساهمت في اختلال المنظومة السكانية في الدولة هو عدم الوعي الاجتماعي باحترام الكثير من الوظائف، وسياسة التوظيف بالقطاع الخاص، وتخلف مؤسسات التعليم العالي عن مواكبة احتياجات سوق العمل الفعلية في القطاع الصناعي والنفطي والصحي، مع غياب مفهوم الإرشاد والتوجيه للطلبة نحو الفرص الحقيقية للعمل، وغياب التنسيق بين الجهات المسؤولة عن التوظيف ومؤسسات التعليم، إلى جانب فشل صندوق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في توفير الدراسات والمعلومات للمبادرين ورفع نسبة العاملين من المواطنين في القطاع الخاص.

ودمتم سالمين.

back to top