النفط... رحلة سياحية

نشر في 19-08-2019
آخر تحديث 19-08-2019 | 00:25
 أحمد راشد العربيد أعزائي السياح، أنا مرشد البرامج السياحية في بلدنا الكويت، هذه البرامج هي الأولى من نوعها في العالم وذات طابع مختلف عما تشهدونه من وسائل سياحية وتقليدية، سياحتنا تجعلكم تعيشون اللحظة بكل أبعادها الثنائية والثلاثية والرباعية. سوف تبلغون غاية المتعة والإدراك عندما تتحلون بالصبر والتحمل والتركيز على ما يعرض لكم وتستمرون إلى المراحل التي تليها. سوف تتعرضون لمصاعب خطيرة لكنها آمنة، تمدكم بالإثارة والمتعة والرغبة في الاستمرار، سياحتنا تكفل سلامتكم 100% إذا التزمتم بإرشاداتنا 100%.

إنكم أيها السياح، ستغوصون في أعماق حقل نفطي بلغ عمره مئة عام، وهو يقع تحت الأرض على عمق 3 كيلومترات... سنبدأ الآن.

اعتبروا إرشاداتي من الآن أوامر صارمة لا تحيدوا عنها إطلاقاً، وخطواتي التي أخطوها عبارة عن قواعد حديدية لا تتقدموا ولا تتأخروا عنها.

البسوا خوذ الرأس وشدوها بإحكام، والبسوا بصطار الحذاء بثبات، وتأكدوا أنكم تجيدون فتح كمام الغاز وإغلاقه. أنتم الآن جاهزون للانطلاق، فهيا إلى التحدي.

ستبدأ رحلتنا السياحية من الآن، فقد تم إغلاق أبواب المصعد الفولاذي الذي دخلنا فيه تواً بإحكام، تم بناؤه باستخدام مواد خاصة عولجت وفق تقنيات وعلم النانو لتتحمل حرارة أكثر من حرارة الحقل بعشرة أضعاف. سيتوقف المصعد وسنخطو أولى خطواتنا داخل الحقل، أنتم الآن في وسط ممر طويل لا حائط بينكم وبينه، ترون من خلاله وعلى يمينكم ويساركم أجزاء الحقل النفطي في باطن الأرض، وترون الماء والنفط يتدفقان وهما يختلطان بعضهما في بعض، وتشعرون بأنكم تختلطون معهم إلى أعلى الحقل. تم تطوير هذا الحقل بتطبيق واحدة من أقدم طرق التطوير، وهي استخدام المضخات الميكانيكية التي يتم نصبها على الأرض ويتم تمديد أنابيب من عمق الحقل الى رأس البئر. هذه المضخة تأخذ شكل الحمار وتسمى باسمه دليل التحمل والمتانة. تقوم هذه المضخة بدفع النفط إلى مستوى سطح الأرض. مازالت هذه المضخة تستخدم في حقول كثيرة في العالم، لأنها اقتصادية وعملية.

ويستمر الإنتاج في الحقل ما دام المخزون النفطي متوافراً، وكلما تمت إضافة مضخة جديدة يزيد الانتاج تبعا لذلك. سنريكم هذه المضخات عندما نعود الى سطح الارض قبل نهاية رحلتنا.

يقوم مهندسو البترول بمراقبة أداء الحقل النفطي لتحقيق أعلى أداء لإنتاج أكبر كمية من النفط من هذا الحقل، أي أكبر نسبة مئوية من استخراج المخزون النفطي الاستراتيجي. ويتحقق ذلك إذا تم استخدام أحدث التقنيات في التطوير والإنتاج، ومعارف أوسع عن الحقل من خلال مقارنته بحقول مشابهه أخرى، وعند توفر إدارة فنية مقتدرة للحقل.

يعرف مهندسو النفط أن لكل مرحلة تطويرية للإنتاج منحنى بيانياً يبدأ من انتاج اول برميل من النفط الخام من الحقل ويستمر حتى يبلغ الذروة في أعلى نقطة من الإنتاج، ثم يتدحرج إلى الأسفل حتى يبلغ أدنى قيمة اقتصادية للإنتاج ويتوقف بعد ذلك.

يحاول المهندسون العمل على إعادة رفع هذا المنحنى البياني إلى سابق عهده، ويبذلون جهدا مضاعفا ومكلفا ليتشابه المنحنى الاول مع المنحنى الجديد. وإذا حققوا هذا النجاح فإنهم يطلقون عليه اسم «الجمل ذو السنامين».

نظر السياح إلى الحقل ولاحظوا أن الخط البياني مازال في منتصف الطريق، وأن الجمل بما حمل ما زال في عز شبابه.

لم ننتهِ بعد، ولكن عمود الكتابة في «الجريدة» توقف.

بلغ عدد المقالات التي تم كتابتها في العامين الماضيين 100 مقال، ولله الحمد والمنة.

back to top