محاربة العنف بالأدلة

نشر في 14-08-2019
آخر تحديث 14-08-2019 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت بناء على دراسة مشتركة أجرتها الأمم المتحدة والبنك الدولي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في تقرير «مسارات السلام» للعام الماضي إن العالم يواجه «تصاعداً دراماتيكياً» للنزاعات، والتي تتسبب في معاناة إنسانية هائلة وتقوض النظام العالمي بشكل كبير، وإذا كان العالم يريد أن يحقق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) وحماية ملايين الناس من العنف المميت، فيجب اتخاذ إجراء عاجل لعكس هذا الاتجاه.

ليس الصراع في ازدياد فحسب، فوفقاً لبحث جديد صادر عن «الأسلحة الصغيرة»، عانى 589000 شخص، منهم 96000 امرأة وفتاة، من وفيات عنيفة في عام 2017، وهذا يمثل 7.8 وفيات لكل 100000 شخص، وهو ثاني أعلى معدل منذ عام 2004، والسبب الأساسي لهذه الزيادة زيادة حادة في جرائم القتل.

وفقاً للاتجاهات الحالية، ستزداد الوفيات العنيفة بأكثر من 10٪ بحلول عام 2030، لتصل إلى 660000 سنويًا، وإذا استمرت الوفيات المرتبطة بالنزاعات في الارتفاع بسبب اندلاع نزاعات مسلحة جديدة أو تفاقم النزاعات القائمة وبدأت معدلات القتل في البلدان في التراجع نحو أسوأ الدول أداءً في مناطقها، فسيموت أكثر من مليون شخص بسبب العنف كل عام بحلول 2030.

هل نحن على استعداد لقبول حقيقة يتعرض فيها ثلث جميع النساء للعنف البدني أو الجنسي في حياتهن؟ هل نتجاهل مليار طفل يقعون ضحايا للعنف الخطير كل عام؟ هل يمكننا ببساطة غض النظر عندما يكون القتل هو السبب الرابع للوفيات بين الشباب على مستوى العالم؟ إضافة إلى العواقب غير المباشرة للعنف، بما في ذلك تأثيره السلبي على التنمية الاقتصادية؟!

كان الغرض الأساسي من النظام الدولي الذي أنشئ في أعقاب الحرب العالمية الثانية هو تعزيز وصون السلم والأمن العالميين، وبالمثل، من الضروريات الأساسية للحكومات الوطنية توفير الأمن لسكانها، بما في ذلك عن طريق الإبقاء على احتكار الاستخدام المشروع للقوة. حتى على المستوى البلدي، غالباً ما يجعل رؤساء البلديات وقادة المدن الآخرون الحد من العنف مبدأً رئيسياً في برامج حملاتهم الانتخابية ويحكم عليهم الناخبون وفقا لقدراتهم على معالجة العنف بفعالية ونزاهة.

مع تقدمنا نحو عام 2020، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت هياكلنا الحاكمة على الصعيدين الدولي والوطني والمدن في مستوى المسؤولية؟ إذا اتفقنا على أن حجم العنف هذا غير مقبول، فإن الخبر السار هو أن لدينا الأدوات اللازمة لإحداث التغيير.

أكثر من أي وقت مضى، يمتلك العالم المعرفة والأدوات والهياكل المؤسسية والصكوك القانونية وقدرة جمع البيانات لتحقيق هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 16، وهو الحد بشكل كبير من «جميع أشكال العنف ومعدلات الوفيات ذات الصلة في كل مكان».

توفر خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تشمل أهداف التنمية المستدامة، أساسا للتعاون بين البلدان من جميع المناطق وفئات الدخل، ومن خلال الوعد بـ»الوصول إلى أبعد مسافة أولاً»، فإنها تشجع الجهود الهادفة لدعم البلدان والمجتمعات التي يسود فيها العنف وانعدام الأمن والظلم حالياً، والتي تحول دون وصولها إلى التنمية المستدامة.

سيتطلب النجاح اتباع مقاربات متعددة القطاعات وقائمة على الأدلة لمنع العنف، والتي تستخدم البيانات لتحديد نطاق المشكلة وتحديد عوامل الخطر والحماية وتوجيه التنفيذ وتمكين رصد التأثير وفعالية التكلفة، ولحسن الحظ، توجد لدينا هياكل لمثل هذا الإجراء بالفعل.

على سبيل المثال، يحدد تقرير حول الحالة العالمية لمنع العنف ست إستراتيجيات «لأفضل الممارسات» لمنع العنف بين الأشخاص، واقترحت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع العديد من المنظمات الدولية الأخرى، إطار عمل للحد من العنف ضد المرأة، كما حددت مجموعة مماثلة سبع استراتيجيات لإنهاء العنف ضد الأطفال.

وقد وصف الباحثون أيضا التدخلات القائمة على الأدلة للحد من العنف في المناطق الحضرية، بما في ذلك «المشاركة الاستباقية مع الشرطة والشركاء المدنيين الآخرين لتعزيز الشرعية وبناء التماسك الاجتماعي»، وفي بعض الحالات، أدت مثل هذه التدابير إلى انخفاض جرائم القتل بنسبة تزيد على 50٪.

وبدأت الأبحاث المتنامية حول أفضل السبل للتصدي للعنف تعطي نتائجها في صياغة استراتيجيات شاملة على المستويات الدولية والوطنية والإقليمية تستجيب لاحتياجات البلدان والمناطق التي تعاني العنف. وتمتزج هذه الاستراتيجيات والإجراءات المستهدفة للحد من أسوأ أشكال العنف على المدى القصير مع الجهود الطويلة الأجل لبناء مجتمعات أكثر سلمية. ولكي تكون هذه الجهود فعالة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المترابطة للتهديدات؛ لأن أفضل الحلول هو الذي يمنع الأنواع المتعددة من العنف.

العنف وباء يمكن الوقاية منه، وإذا وضعنا معرفتنا الجماعية حول الحد من العنف والصراع في الأماكن التي هي في أمس الحاجة إليها، فيمكننا خفض العنف العالمي إلى النصف في السنوات العشر القادمة.

* راشيل لوك وديفيد ستيفن

* راشيل لوك مديرة بمعهد السلام والعدالة بجامعة سان دييغو، وستيفن مدير مساعد في مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك، ومدير برنامج Pathfinders للمجتمعات السلمية والعادلة والشاملة. وهما مؤلفان مشاركان في سلسلة المقالات الأخيرة «قيادة التغيير التحويلي: الشؤون الخارجية وجدول أعمال 2030».

«بروجيكت سنديكيت، 2019» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top