عبر وحكم مرحلة المرض والعلاج (2)

نشر في 07-08-2019
آخر تحديث 07-08-2019 | 00:20
 محمد المقاطع ١- كن بمعية الله

كن بالقرب من الله والثقة بما كتبه لك، وأن ما أصابك ما كان ليخطئك، وقد استذكرت تقصيري مع الله بقلة ذكره وشكره على نعمه العديدة، وفي مقدمتها الصحة التي افتقدتها، فزاد قربي منه وثقتي وحسن ظني به وصدق إيكال الأمر إليه، سبحانه وتعالى، وهو أمر يغفل عنه الكثير، وبدأت أتفكر في سر خلق الله للإنسان، "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"، وعظم الخالق ومعجزة هذا المخلوق "الإنسان" فتعمق لدي التمعن وزاد عندي اليقين، وتذكرت مراحل خلق الإنسان والتصوير الرباني الإعجازي لها في العديد من الآيات، ففطنت إلى كم الغفلة التي نعيشها في التقصير مع الله جل شأنه، وحقيقة التسليم بأنه لا ملجأ منه إلا إليه، سبحانه، فعشت في معية الله وتغلبت على قلق المرض، وتعايشت مع العديد من وجوه التفرد الرباني في تذكير الإنسان بأحواله وطبيعته وتعاليه، وهو مخلوق من ضعف، وكيف يقف عاجزاً أمام أضعف المخلوقات، "وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب"، يا الله ما أعظمك من رب وما ألطفك من إله، ويالحماقة الإنسان وتعاليه وتكبره في بعده عنك، أو معصيتك، أو في تعاليه على الناس.

٢- الصبر والاحتساب

ربما لا يدرك كل منا مفهوم ومعنى الابتلاء، فالله سبحانه يختبر العبد، والمرض أحد ما يبتلى به الإنسان، فإن صبر وشكر فقد ظفر بتكفير ذنوبه من جهة وزيادة رصيده من الحسنات "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، وأكاد أجزم بأن من يمسه المرض يظن أن ذلك شيء مزعج، خصوصاً إذا طال أمده ولم يشف، لكن متى ما كان صابراً مثابراً محتسباً فسيجد كيف يهون عليه المرض وتقوى عزيمته وترتفع معنوياته، وهذه من فيتامينات أسرار الإيمان والتسليم، فذاك قدرُك فلا تجزع ولا تستسلم، بل اصبر وخذ بكل الأسباب التي تساعدك على التداوي، فالشافي هو الله "وإذا مرضت فهو يشفين"، فاصبر حتى يأتي فرجه، وكن واثقاً بأنه سبحانه قادر على تغيير أحوالك بين عشية وضحاها.

٣- تفاءل وكن مستيقناً بأنه ما من داء إلا له دواء

من علامات الضعف الإنساني أن تمر بالإنسان لحظات حزن وتفكير تقترب من اليأس، لكن لا تيأس "فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"، بل كن متفائلاً مقبلاً على الله وفي رحابه ومعيته، واستذكر أن المصطفى (صلى) بشرنا وعلمنا أنه ما من داء إلا وأنزل الله له دواء، وثق بأن دواءك قريب منك وفي متناولك، لكنك لم تعثر عليه ولم تهتد له، لكن سيتم ذلك حين يأذن الله ويشاء، فقد يكون دواؤك في شراب أو أكل أو مغتسل أو دعوة أو صدقة أو بِرٍّ أو معروف أو كلمة لكن لم تجده، وما يصلح دواءً لغيرك قد لا يكون دواءك. وقد كان دواء سيدنا أيوب عليه السلام بمغتسل وماء شرب في متناول يده، لكنه عرف به بعد أن قدر الله له ذلك، "هذا مغتسل بارد وشراب"، لذا فإن التفاؤل والإقبال على الحياة هما سلوى المريض وقوته، فلا تفرط في ذلك.

وللحديث تتمة.

back to top