غزو الأغبياء والجرائم الإلكترونية

نشر في 06-08-2019
آخر تحديث 06-08-2019 | 00:01
 حمود الشايجي التحديات التي واجهت السلطات مع وسائل التواصل الاجتماعي والسرعة التي لا يسيطر عليها جعلت الدول والحكومات والسلطات بأشكالها بعدما استوعبت حركة هذه الوسائل تتدخل في عملية من تشريعات القوانين لتجريم بعض السلوكيات والأفكار والآراء، ولضبط هذا العالم الافتراضي على حَسب ما ترغب فيه، فبدأت القوانين المحلية تتحكم في هذا العالم الذي لا يحده شيء، وهنا تبرز إحدى المفارقات المهمة التي واجهت المشرعين، فعندما يُسن قانون يطلق عليه «خدش الحياء العام»، في الجرائم الإلكترونية، وهو منقول من قوانين أخرى في الدولة نقع في مأزق كبير، وهو «أي حياء عام نتكلم فيه»، فالعام في وسائل التواصل الاجتماعي تحديداً لا يشبه العام «المحلي» الذي يُحكم به الشارع أو أية بقعة محدودة المساحة، لأن العام في عالم وسائل التواصل الاجتماعي مختلف.

هذه الجدلية لم تُحسم، لكن بسبب السرعة التي واجهت الحكومات تم التوجه إلى القوانين الجاهزة التي كانت تمارسها في سياق محلي وعممتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما يجعل فيها خللاً كبيرا. لكن رغم ذلك استطاعت بعض الدول أن تُثبت بعض القواعد القانونية، أما البعض الآخر من الدول فجعلت من وسائل التواصل الاجتماعي ساحة جريمة كل من يدخلها هو مجرم إلى أن يثبت العكس، حتى بات هناك معتقلو رأي يُعتقلون فقط لأنهم غردوا تغريدة واحدة على «تويتر»، لا تتعدى الكلمات الثلاث. وهناك دول لم تكتفِ بذلك، بل حظرت بعض وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك دول حظرت هذه الوسائل بشكل كامل.

حتى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية لم تحسم التشريعات القانونية حول وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الجدليات حولها، وكيف يُنظر إليها ومن أي زاوية، هل من زاوية الحرية أم من زاوية الفوضى؟، هل من زاوية الديمقراطية أم من زاوية أنها «غزو الأغبياء» كما كان يقول الفيلسوف والروائي الإيطالي أُمبَرْتو إيكو إنها «منحت حق التعبير لجحافل من الأغبياء ما كانوا يتحدثون سابقاً إلا في الحانات بعد احتساء الكحول من دون إلحاق أي ضرر بالمجتمع، وغالباً ما كان يتم إسكاتهم، أما الآن فقد بات لهؤلاء الأغبياء الحق نفسه في التعبير كشخص حاز جائزة نوبل... إنه غزو الأغبياء».

(يتبع الأسبوع المقبل)

back to top