بروتين أساسي يعزِّز الذاكرة والتعلّم لدى البالغين

نشر في 21-07-2019
آخر تحديث 21-07-2019 | 00:00
No Image Caption
بروتين نيترين يؤدي دوراً أساسياً في النمو العصبي المبكر كما أنه ضروري للتعلّم والذاكرة في دماغ البالغ،
ويقوي الروابط بين خلايا الدماغ. كشف ذلك بحث أجراه أخيراً مستشفى ومعهد مونتريال لعلم الأعصاب (Neuro)، وهو معهد للتعليم والبحوث تابع لجامعة ماكغيل في كندا.
يدرك العلماء أن النيترين ضروري لنمو دماغ الجنين والطفل، إذ يسهم في تأليف الوصلات بين الخلايا العصبية أو العصبونات.

لكنّ بحثاً جديداً كشف أن هذا البروتين يقوي أيضاً هذه الوصلات العصبية، أو المشابك العصبية، في حصين دماغ الإنسان البالغ، علماً أن هذه المنطقة تؤدي دوراً في الذاكرة والتعلّم.

نشرت مجلة "تقارير الخلية" أخيراً تقرير الدراسة، التي أجراها الفريق على خلايا مأخوذة من أدمغة جرذان بالغة وقيد النمو.

يذكر د. تيموثي كينيدي، باحث بارز شارك في وضع تقرير الدراسة ويدير مختبر بحوث في Neuro: "هذا لغز. لمَ تواصل الخلايا العصبية أنتاج النيترين في الأدمغة البالغة بعد تشكّل الوصلات كافة في الطفولة؟".

جزيء مهم

يوضح د. كينيدي أن العلماء لاحظوا أن الخلية العصبية تفرز النيترين عندما تنشط، فيقوي هذا البروتين الوصلات مع الخلية العصبية المجاورة بدفع الخليتين إلى "إنتاج مشبك أقوى".

تتبعت الدراسة الأخيرة مجموعة واسعة من الأعمال بدأت قبل نحو سبعة عقود حين طرح دونالد هيب، بروفسور متخصص في علم النفس في جامعة ماكغيل، أفكاره عن كيفية تعلّم الدماغ وتكوينه الذكريات.

هدفت أفكاره، التي صارت تُعرف لاحقاً باسم نظرية هيب، إلى توضيح تكوّن الدارات العصبية نتيجة التجربة. اعتبر هيب أن قوة وصلات المشابك أو ضعفها يعتمدان على مدى استعمالها: "كلما استعملناها، ازدادت قوة وسرعة".

وفي كتابه عام 1949 "تنظيم السلوك: نظرية نفسية عصبية"، وصف هيب تصوُّره عملية تقوية المشابك العصبية. عندما تكون وصلة عصبية قريبة كفاية من وصلة أخرى ولا تنفك تطلق النبضات، "تحدث عملية نمو ما أو تبدل أيضي في إحدى الخلايا أو كلتيهما".

يوضح د. كينيدي: "نقول إن هذه الآلية الجزيئية الجديدة، التي اكتشفناها بعد 69 سنة، تُعتبر محوراً أساسياً في هذه النظرية".

تبدلات مشبكية

كان نشر تقرير مذهل أعدته عام 1957 بريندا ميلنر، التي أنهت دراستها الدكتوراه في Neuro تحت إشراف هيب، ما قدّم فكرة أن الحصين في الدماغ يؤدي دوراً أساسياً في بعض أنواع الذاكرة والتعلّم.

يضيف د. كينيدي: "إذا حصرت المسألة في جزيء واحد، تلاحظ أن إطلاق النيترين المضبوط بالغ الأهمية للتبدلات المشبكية الكامنة وراء تغييرات في الخلية العصبية تؤدي دوراً في التعلّم والذاكرة. وهذا ما تحدثت عن ميلنر".

لاحظ د. كينيدي وزملاؤه أيضاً أن من الضروري، لتقوية المشابك العصبية، إطلاق النيترين في "المساحة ما بين الخلايا". دفع هذا الأمر الباحثين إلى التساؤل عن الفرص الإضافية التي يقدمها ذلك للتفاعل مع خلايا عصبية أخرى.

تشير دراسات وراثية عدة إلى أن النيترين يؤدي دوراً في أمراض تدمر أنسجة الدماغ، كالتصلب الجانبي الضموري، والزهايمر، وباركنسون. لكن هذه الدراسات لم تتوصل إلى أي آليات كامنة.

هدف غير مكتشف

قاد هذا العمل عموماً إلى تقدم مذهل في فهمنا كيفية تشكيل الدماغ الذكريات وتخزينه لها، وفق الفريق.

كذلك "قدّم هدفاً جديداً غير مكتشف سابقاً للأمراض التي تؤثر في وظائف الذاكرة"، حسبما يؤكد ستيفن غلاسكو، عالم أشرف على تقرير الدراسة وباحث مساعد في Neuro.

يقترح د. كينيدي أن الطريقة المثالية للحفاظ على وظائف الذاكرة تقوم على تطوير أدوية تستهدف النشاط الجزيئي في المشابك العصبية.

كشفت الدراسات التي تناولت أخيراً أدمغة بالغة عدداً كبيراً من الوصلات المشبكية غير النشيطة. لا تعاني هذه المشابك أي خطب، إلا أنها "مطفأة فحسب، تماماً مثل المصباح"، وفق هذا الباحثة.

يعتقد د. كينيدي أن الدماغ قد يحتوي على "مخزون من المشابك العصبية يمكن استعمالها لتبديل قوة الوصلات بين الخلايا العصبية".

وإذا صح ذلك، يظن هذا الباحث وزملاؤه أنهم "عثروا على آلية جزيئية تتيح لهم تنشيط تلك المشابك العصبية".

مع هذه الأفكار، يخطط الباحثون اليوم لاكتشاف ما يحدث للخلايا العصبية عند مدها بالنيترين أو حرمانها منه.

النيترين يؤدي دوراً في أمراض تدمر أنسجة الدماغ كالتصلب الجانبي الضموري والزهايمر وباركنسون
back to top