قلق أميركي من الاستثمارات الصينية في إسرائيل

نشر في 19-07-2019
آخر تحديث 19-07-2019 | 00:02
ميناء حيفا الإسرائيلي
ميناء حيفا الإسرائيلي
تشعر واشنطن بقلق خاص من التوغل الصيني في إسرائيل التي تتعاون مع الولايات المتحدة في أكثر القضايا الأمنية حساسية بما في ذلك أنشطة إيران الإقليمية والمعركة المستمرة ضد طهران، وتجري حملة الصين الاقتصادية في حين تعمل على بناء قوتها العسكرية على نطاق واسع.
حذر مسؤولون في الأمن القومي الأميركي طوال سنوات الدول النامية من أخطار السماح بدخول الاستثمارات الصينية الى تلك البلدان، أما الآن فإن القلق يتملك وزارة الدفاع الأميركية من الاستثمارات الصينية في إسرائيل وهي واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، ويخشى مسؤولو وزارة الدفاع من أن تكون غاية الصين النهائية مماثلة لما قامت به في إفريقيا وشرق آسيا وأماكن أخرى وهي: تقليص نفوذ الولايات المتحدة.

وتشعر واشنطن بقلق خاص من التوغل الصيني في إسرائيل التي تتعاون مع الولايات المتحدة في أكثر القضايا الأمنية حساسية بما في ذلك أنشطة إيران الإقليمية والمعركة المستمرة ضد طهران، وتجري حملة الصين الاقتصادية فيما تعمل على بناء قوتها العسكرية على نطاق واسع، وبدأت بكين ولأول مرة في العصر الحديث بعرض قوتها العسكرية خارج منطقتها وخاصة في جيبوتي على القرن الإفريقي وعلى مقربة من مضيق باب المندب وتوجد على مقربة من تلك المنطقة قاعدة عسكرية أميركية تضم 4000 جندي كما أنها وجهة حيوية في حروب الطائرات المسيرة ضد اليمن والصومال.

وكتب مايكل مالروي وهو نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط في رسالة الى مجلة ذي أتلانتيك يقول «فيما نحن لا نطلب من إسرائيل عدم التعاون مع الصين بصورة تامة لدينا مناقشات مفتوحة مع كل المقربين من حلفائنا وشركائنا حول مضاعفات وتداعيات الأمن القومي المتعلقة بالاستثمارات الصينية».

من جهة أخرى، لاحظ مالروي أنه خلال ثلاث سنوات يتوقع أن تقوم شركة مملوكة للدولة الصينية بتشغيل جزء من ميناء حيفا على مقربة من قاعدة بحرية إسرائيلية تعمل في خدمة الأسطول السادس الأميركي، وقد أثار استثمار الصين في هذا الميناء اعتراضاً نادراً من جانب سلاح البحرية الأميركي الى السلطات الإسرائيلية عندما تم الاعلان عنه لأول مرة في العام الماضي.

وكما لاحظ آموس هاريل وهو مراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تعليق نشره في الصحيفة فإن «الصين تحصل على نفوذ واسع في مجال البنية التحتية الأساسية في إسرائيل كما أنها تستهدف أيضاً– وبصورة غير مباشرة– بعض القدرات العسكرية فيها.

تقليص المزايا العسكرية الأميركية

وقال مالروي في بيان له نفت السفارة الإسرائيلية التعليق عليه «تشعر وزارة الدفاع الأميركية بقلق من رغبة الصين في تبديد مزايا الولايات المتحدة العسكرية إضافة إلى سعي بكين الى استخدام الاقتصاد للترهيب من خلال ما يعرف باسم مبادرة حزام واحد وطريق واحدة– وهي حملة على نطاق عالمي للاستثمار في البنية التحتية– وسرقة تقنية وملكية فكرية واستيلاء وتغلغل».

دوافع القلق؟ كما قال وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسة جون رود خلال زيارة قام بها في الآونة الأخيرة الى إسرائيل فإن «الصين تريد أن تملك الطريق وأن تسيطر على الحزام».

ولكن على الرغم من ذلك فإن إسرائيل في مركز مختلف عن دول أخرى– كما هي الحال مع سريلانكا على سبيل المثال– والتي لم تتمكن من تسديد قرض الى الصين كانت استخدمته من أجل تطوير ميناء فيها وانتهى الأمر بها الى تأجيره الى بكين لمدة 99 سنة. وإسرائيل ليست أمام خطر مثل ذلك «الفخ من الديون»، بحسب غاليا لافي وهي باحثة تعمل في برنامج إسرائيل– الصين لدى معهد إسرائيل لدراسات الأمن القومي.

وقد لاحظت أن شركة صينية كانت متعاقدة من أجل تشغيل حوض واحد فقط من ميناء حيفا، ولم تقدم قرضاً الى إسرائيل، كما أن ذلك الحوض لا يستضيف الأسطول السادس الأميركي ولا أي أسطول آخر وتقوم القاعدة البحرية بذلك العمل.

حجب القاعدة البحرية

لن تستطيع رؤية القاعدة البحرية من ذلك الحوض الذي ستقوم الشركة الصينية بتشغيله وهو ما أخبرتني به السيدة لافي خلال زيارة قامت بها أخيراً الى الميناء «وحتى اذا كنت ترتدي نظارات مكبرة أو تقف على سطح بناية عالية».

ولكن قلق مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية لا يقتصر على قدرة الصين المادية للوصول الى اقليم يتمتع بحساسية حيث ظلت الولايات المتحدة طوال عقود من الزمن القوة الخارجية الوحيدة المهيمنة. ومن المؤكد أيضاً أن اتفاقات تجارية معينة– وخاصة في قطاع التقنية– يمكن أن تشكل باباً خلفياً لعمليات التجسس من جانب الصين في المواقع القومية الأمنية الحساسة. ويقول مالروي إن «الانفتاح القائم في الاقتصادات الأميركية والإسرائيلية هو قوة لبلدينا ولكن البعض من الأشرار وذوي النوايا السيئة يمكن أن يستغلوا ذلك اذا لم نكن على القدر الكافي من الحذر».

من جهة اخرى أثارت الولايات المتحدة قضايا مماثلة مع دول اخرى– ومنها بريطانيا– التي يحثها الرئيس الأميركي ترامب على عدم المشاركة مع الشركة الصينية هواوي في صنع الجيل التالي من شبكات الاتصالات المعروفة باسم 5 جي (وفي غضون ذلك اتخذت الولايات المتحدة اجراءاتها الخاصة ضد تلك الشركة وقيدت بشدة مبيعاتها في أميركا متذرعة بدوافع الأمن القومي. ولكن المشكلة الوحيدة في هذا الشأن هي من وجهة نظر أميركية أن الولايات المتحدة وبريطانيا من أقرب الشركاء في أنشطة الاستخبارات ولا تريد واشنطن حدوث مشاركة صينية فعلية في تلك العمليات. ومشاركة المعلومات الاستخبارية تمثل مشكلة حساسة أيضاً في حالة إسرائيل لأن الحلفاء ينسقون بقوة في طائفة من قضايا الأمن الإقليمية كما أن إيران تمثل مشكلة رئيسية بالنسبة الى البلدين. وعلى أي حال فإن الصين تحتفظ أيضاً بعلاقات وثيقة مع إيران.

الموقف الصيني المتميز

وفي مكان آخر في منطقة الشرق الأوسط وربما كان ذلك لمصلحة الصين أنها تبنت موقفاً عدائياً إزاء البعض من النزاعات المتفاقمة الرئيسة في تلك المنطقة وخاصة العداوة بين إيران وإسرائيل اضافة الى الكثير من دول الخليج. واللافت في هذه الأيام أنه حيثما وجدت مصالح أميركية في منطقة الخليج توجد أموال صينية أيضاً في أغلب الأحيان. وقد أطلقت بكين استثمارات صناعية كبيرة في دولة الامارات العربية المتحدة وهي دولة ثرية اخرى حليفة للولايات المتحدة والتي دعمت حملة الضغوط الأميركية على طهران ويقول مسؤولو الدفاع في الولايات المتحدة إن الإمارات هي الشريك الأكثر قوة من الناحية العسكرية لواشنطن في منطقة الخليج.

الى ذلك فقد استثمرت بكين أيضاً في مشاريع طاقة وسكك حديدية في مصر وموانئ ومصانع سيارات في تونس كما تشارك في عمليات اعادة البناء في سورية وفي قطاع النفط في العراق.

وتجدر الاشارة الى أن شركة هواوي تبيع هواتف خلوية في إسرائيل ولكن وجودها في ذلك البلد متواضع كما أن إسرائيل– مثل معظم الأماكن– لم تملك بعد شبكة اتصالات 5 جي.

استثمارات لا غبار عليها

وكما حرص مالروي على التأكيد فإن الاستثمارات الصينية لا غبار عليها ولا تستهدف بالضرورة زرع الشقاق بين الحلفاء كما أن المسؤولين الإسرائيليين ليسوا بغافلين عن الأخطار سواء من وجهة نظرهم أو وجهة نظر الولايات المتحدة.

ويقول تقرير حديث صدر عن راند كوربوريشن إن برلمانيين إسرائيليين حاليين وسابقين تحدثوا عن طائفة من المشاكل بما في ذلك «سجل الصين في التجسس السبراني ومزاعم الفساد والروابط بين الشركات الصينية والحكومة وقضية التحكم في البنية التحتية الرئيسة بما في ذلك ما يتعلق بالبنية التحتية الأمنية الإسرائيلية».

بكين بدأت لأول مرة في العصر الحديث عرض قوتها العسكرية خارج منطقتها وخاصة في جيبوتي على القرن الإفريقي ومضيق باب المندب

دوافع القلق كما قال وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسة جون رود إن «الصين تريد أن تملك الطريق وأن تسيطر على الحزام»
back to top