«الربيع»... أيقونة فريد الأطرش تتفتح مع أريج الأزهار

رفضتها أم كلثوم ورقصت على أنغامها «عفريتة هانم»

نشر في 14-07-2019
آخر تحديث 14-07-2019 | 00:03
الموسيقار فريد الأطرش
الموسيقار فريد الأطرش
كادت كوكب الشرق أم كلثوم تشدو بأغنية "الربيع" عندما صاغها الشاعر مأمون الشناوي، لكن الأغنية ذهبت إلى الموسيقار فريد الأطرش، وغناها لأول مرة في فيلم "عفريتة هانم" عام 1949، وأعاد تقديمها في حفل بالقاهرة عام 1970، وحققت نجاحاً هائلاً، وصارت أيقونة تتفتح مع أريج الأزهار، ويتجدّد لقاء الجمهور معها كل عام، وتبثها الإذاعات والقنوات الفضائية خلال فصل الربيع.
بدأت حكاية أغنية "الربيع" في عام 1947، عندما انتهى من كتابتها الشاعر مأمون الشناوي، وأراد أن تكون أول لقاء فني يجمعه بأم كلثوم، وحينها كان أحمد رامي شاعرها المفضل، كما كانت تشدو بأغان للشعراء القدامى، وينحصر تعاونها مع الملحنين في أبوالعلا محمد ورياض السنباطي ومحمد القصبجي، ولا مجال لظهور مواهب جديدة في فضاء كوكب الشرق.

وكان الشناوي ـ وقتذاك ـ شاعراً معروفاً، ولفت الأنظار إلى موهبته، وتغنى بكلماته العديد من مطربي ومطربات ذلك العصر، ومنهم محمد عبدالوهاب وليلى مراد وفريد الأطرش، وشادية، لكنه طمح إلى التعاون مع "الست" أم كلثوم، وأن يكون أول شاعر شاب تشدو بأغنياته، ورأى أن "الربيع" ستنال إعجابها، وعليها أن تفاضل في تلحينها بين القصبجي والسنباطي.

الشاعر الشاب

وتغلب الشاعر الشاب على تردده، واتصل بأم كلثوم، وحددت له موعد اللقاء، وحين جلس معها، أخرج من جيبه أوراق الأغنية، ووضعها فوق المنضدة، وبدأ يُسمعها الكلمات التي حفظها عن ظهر قلب، وانطلقت منها عبارات الاستحسان، وحين انتهى من القراءة، شعر أنه رمى ثقلاً كبيراً عن صدره، وصمت في انتظار قرارها النهائي، وفوجئ بها تطلب تعديل بعض الكلمات، وتركت الأمر له، وأن يقابلها في موعد آخر.

خيبة الأمل

خرج الشناوي من منزل أم كلثوم، وشعر بخيبة الأمل، وعدم الارتياح إلى طلبها تعديل الأغنية، ولم يفهم هل أعجبتها "الربيع" فعلاً أم أنها كانت تجامله، وفي غمار حيرته، التقى مصادفة بصديقه المطرب فريد الأطرش، وتهلل الأخير لرؤيته، فوجده شارد الذهن، ويكسو الحزن ملامحه، فسأله: "مالك يا مأمون طمني عليك؟"، ودعاه إلى شرب فنجان قهوة في أحد المقاهي، وحكى الشاعر قصة لقائه الأول بأم كلثوم، فطلب منه فريد أن يُسمعه كلمات الأغنية، وحين انتهى من سماعها صاح قائلاً: "هذه الأغنية لن يغنيها أو يلحنها أحد غيري"!.

أشهر الأغاني

ذهبت "الربيع" إلى الأطرش، وتأجل لقاء الشناوي بأم كلثوم سنوات طويلة، وغنت من كلماته "أنساك" و"كل ليلة وكل يوم" و"بعيد عنك" ألحان بليغ حمدي، و"مرت الأيام" تلحين محمد عبدالوهاب، والمفارقة أن الأغنية التي رفضتها، حققت نجاحاً كبيراً، وأصبحت من أشهر أغاني فريد الأطرش، وظل يشدو بها في حفلاته حتى رحيله في عام 1974.

وقد ظهرت أغنية "الربيع" في قالب استعراضي، عندما لحنها وغناها فريد الأطرش في فيلم "عفريتة هانم" عام 1949 للمخرج هنري بركات، ورقصت على أنغامها الفنانة الاستعراضية سامية جمال، وتقول كلمات الأغنية:

آدي الربيع عاد من تاني والبدر هلت أنواره

وفين حبيبي اللى رماني من جنة الحب لناره

أيام رضاه يا زماني هاتها وخد عمري

اللي رعيته رماني وفاتني وشغل فكري

كان النسيم غنوة والنيل يغنيها

وميته الحلوة تفضل تعيد فيها

وموجه الهادي كان عوده ولون البدر أوتاره

عودة البريق

وعاد البريق إلى الأغنية في عام 1970، عندما غناها الأطرش في حفل بالقاهرة، وتجاوب معها الجمهور بشكل غير مسبوق، وكأنه يسمعها لأول مرة، وظل يطلب سماعها في حفلات الربيع، ويستهلها فريد بعزف منفرد على العود، وكان من أفضل عازفي هذه الآلة في العالم، ومازالت الإذاعات والمحطات الفضائية تبثها خلال موسم الربيع، لتصبح أيقونة غنائية خالدة.

ندم العندليب

ويبقى فريد الأطرش أحد أبرز رموز الموسيقى والغناء في العالم العربي، وبعد رحيله بعامين ظهر المطرب عبدالحليم حافظ في برنامج "أوتوغراف" وسأله الإعلامي طارق حبيب عن الأغنية التي تمنى غناءها للموسيقار الراحل فريد الأطرش، فأجابه العندليب دون تردد: "أغنية الربيع.. كلمات مأمون الشناوي"، وفي البرنامج ذاته قال العندليب: "نادم على عدم غنائي للأستاذ فريد".

فريد الأطرش: أغنية الربيع لن يغنيها أو يلحنها أحد غيري...

العندليب: نادم على عدم غنائي للأستاذ فريد...
back to top