فقدنا جمعتنا العربية

نشر في 12-07-2019
آخر تحديث 12-07-2019 | 00:01
 ناصر بدر ناصر أصبحت مشاغلنا وتفكيرنا في أمور الحياة كثيرة لدرجة أننا لم نعد نجلس مع أهلنا وأصدقائنا مثل السابق- قبل الهواتف الذكية- بل وصل بنا الأمر إلى الانشغال عن أنفسنا ذاتها، فأصبح الشخص لا يهتم بتفاصيل حياته الطبيعية، بل صار يهتم كيف يصور طعامه أو أشياء قد لا أهمية لها، ولا يستفيد منها الآخرون، حتى إن جلسنا وسط عائلاتنا أو بين أصدقائنا نصبح كأجساد بلا أرواح، ووصلت بنا الحال أن نتبادل الرسائل الإلكترونية أثناء جمعتنا العائلية أو بين الأصدقاء، وأكثر الناس الذين لاحظوا هذه الفجوة الاجتماعية هم كبار السن مثل الآباء والأجداد، حينما يجلس الأبناء معهم وهم في عالم آخر.

الغريب في الموضوع هو أن الاندماج الكلي بالهاتف مع شخص آخر بحجة أنه بعيد، في حين أن ذلك البعيد عندما يجلس معك فإنك في الغالب لا تعيره هذا الاندماج بل من الممكن ألا تتحدث معه لأنك بالأحرى منشغل بالهاتف مع بعيد آخر!

ترى ما السبب وراء ذلك؟ هل المشكلة في التكنولوجيا الحديثة والتطور الذكي، أم في مستخدميها؟ فعلى سبيل المثال في الدول الأجنبية التي هي من صنعت للعالم هذه الأجهزة الحديثة مازالت رابطتهم الأسرية أكثر تماسكاً، ومع أصدقائهم يقضون أوقاتاً مستمرة، ولم تتأثر روابطهم الاجتماعية بذلك، بقدر ما تأثرت به مجتمعاتنا العربية، ويستدل على هذا الأمر بأنهم أكثر تنظيماً للوقت، فتجد أنهم لا يخلطون بين الواجبات والأعراف الاجتماعية وبين الانشغال في هواتفهم، وقد تأتي لأحدهم رسائل إلكترونية وهو جالس بين أهله فلا يهتم لهاتفه على اعتبار أن هذا الوقت حق لعائلته، وقس على ذلك سواء كان في وقت الأكل أو العمل أو في غيرهما من الأوقات.

إذاً هناك خلل في المنظومة الاجتماعية العربية لدينا، ويجدر بنا الانتباه ومراعاة الناس من حولنا، والتوفيق بين التواصل الاجتماعي بين الناس، وبين التواصل الاجتماعي الإلكتروني مع الآخرين.

ولفت انتباهي بعض الطرق التي تم اللجوء لها من قبل الآباء والأجداد في منع استخدام الهواتف أثناء جلوس أبنائهم وأحفادهم معهم، وكذلك ما قام به بعض أصحاب المجالس (الديوانية) بحيث من يدخل من الزوار يتم وضع هاتفه عند المدخل، والهدف من هذا النظام أن يجتمع أفراد العائلة ويتبادل كل منهم المواضيع والحكايات مع الآخر، كما هي الحال بين الأصدقاء في الديوانية وغيرها من أماكن التجمع. أعتقد أننا بحاجة لتنظيم أوقاتنا، لأن عملية تنسيق الوقت من الأمور المهمة التي نحتاجها لإدارة حياتنا اليومية، وعلينا التوعية والنصيحة، فقد يغفل أحدهم لهذا الأمر أثناء الجلوس مع أهله أو أصدقائه، كما يجب علينا توعية أبنائنا من طلبة المدارس وغيرهم وإرشادهم بتجنب التجاوزات العرفية التي قد تؤثر في تقاليدنا العربية وفي الذوق العام.

back to top