خاص

الكعود لـ الجريدة•: النقد يعيش أزمة ويتجاهل الأدباء

«القصيدة توأم روحي خرجنا معاً من رحم واحد لنتقاسم آلامنا وآمالنا»

نشر في 11-07-2019
آخر تحديث 11-07-2019 | 00:03
اعتبر الشاعر السوري علي جمعة الكعود (47 عاماً)، أن النقد الأدبي يعيش أزمة، وقال في حوار أجرته معه «الجريدة» بالقاهرة، إن النقاد الحاليين يتجاهلون الأدباء الحقيقيين، مقابل تكريس أسماء لا علاقة لها بالشعر أو الأدب عموماً.
وأضاف الكعود، الذي يبرع في كتابة القصيدة «الومضة»، أن المواضيع المعاصرة لا تحتاج إلى قصائد طويلة. وفيما يلي نص الحوار:
● يرى مبدعون كُثر أن هناك تراجعاً في دور النقاد، إلى أي مدى ترى ذلك صحيحاً؟

- هذا الكلام صحيح، لأن النقاد الحاليين لم يصبحوا مريدين حقيقيين لأسلافهم، بل اعتمدوا على المجاملات والعلاقات الشخصية، فكرَّسوا أسماء لا علاقة لها بالشعر ولا بالأدب، وفي المقابل تجاهلوا الأدباء الحقيقيين. أضف إلى ذلك، أغلب الأكاديميين من أساتذة الجامعات تحوَّلوا بحكم مهنيتهم إلى نقاد، مع افتقارهم للموهبة النقدية، والطامة الأكبر قيام بعض الصحافيين المسؤولين عن الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات بمهمة النقد ومدح الأديب الفلاني وتهميش آخر وفق علاقاتهم وأهوائهم الشخصية، ومن هنا فالنقد الأدبي يعيش أزمة حقيقية.

● تميل إلى القصيدة المكثفة المسماة بـ"الفلاشة" أو "الومضة"، ما الذي تحققه لك هذه القصيدة؟

- بصراحة، كتبتُ مطولات شعرية وصل بعضها إلى أكثر من خمسين بيتاً، لكنني -كما ذكرت- أميل إلى قصائد الومضة، لأنها عبارة عن سحابة قوية ماطرة مشحونة بالرعد والبرق تحقق غايتها المكانية، بغض النظر عن استمراريتها، فالمواضيع المعاصرة لا تحتاج إلى قصائد طويلة قد تجهد النَفَس الشعري وتؤثر على فنية القصيدة، وقصيدة الومضة إذا حققت جمالية الصورة ورقيّ المستوى الفني في تناول الموضوع تكون قد حققت أهدافها ووصلت إلى المتلقي بكل يسر وسهولة، خصوصاً أن هذا المتلقي لم تعد لديه المزاجية لقراءة المطولات الشعرية، بسبب الحياة الجديدة المفروضة عليه بضغوطاتها المختلفة.

الذاكرة الشعرية

● أيهما يشغل بالك أكثر أثناء كتابة نصك الشعري؛ اللغة أم تقنية الكتابة أم الفكرة؟

- جميع ما ذكرتَ، فالفكرة هي التي تطرق باب الذاكرة الشعرية أولاً، وبعد استضافتها أتعامل معها بلغة راقية تحمل مفردات سلسة أقدمها بصورة جميلة وخاطفة وغير مسبوقة تترك أثراً في نفس المتلقي، فتصل كاملة وبمختلف جوانبها، وجميع القصائد التي أكتبها تندرج تحت هذا الإطار، وهذا الأمر هو ما ترك بعض الدارسين ينعتني بالتفرد في كتابة قصيدة مغايرة عن المطروح.

● ماذا تعني القصيدة بالنسبة لك؟

- القصيدة هي التوأم الروحي لي، وقد خرجنا معاً من رحم واحد لنتقاسم همومنا وآلامنا وآمالنا، فكانت هي المتنفس الوحيد الذي يعينني في نفث حممي البركانية على صفحات الورق، فتقوم بإلباسها حلة جديدة وتتماهى معها حتى تُظهرني بمظهر لائق فأبقى مديناً لها وربما أتوجها بجائزة تليق بها وبي، باعتبارنا توأمين، كما أسلفتُ.

● تُرجمت بعض قصائدك إلى لغات، منها السريانية والإنكليزية... إلى أي مدى أفادك ذلك كشاعر عربي؟

- "الشِعر لا يُترجم"... أنا مع هذه المقولة، لأن القصيدة تفقد بالترجمة الكثير من رونقها وأصالتها، ورغم ذلك سررتُ بترجمة بعض قصائدي إلى لغات أخرى، نظراً لما تحمله الترجمة من تعامل مختلف من قارئ ينتمي إلى ثقافة أُخرى مع قصائدي، وهذا يحمِّل القصيدة مسؤولية كبيرة لدخولها إلى الثقافة العالمية.

ديوان «يكفي»

● ماذا في جعبة إبداعك وربما يخرج إلى النور قريباً؟

- بعد صدور ديواني "وشوم الظل" عن مؤسسة اتحاد الكُتاب العرب، التي أنتمي إليها، وصدور ديواني "فراشة الوقت" عن الهيئة العامة السورية للكتاب، أستعد حالياً لإصدار ديواني "يكفي"، الذي يضم قصائد كتبتها أخيرا عن الحب والحرب، ونشرتُ أغلبها بمجلة المعرفة السورية وفي جريدة الأسبوع الأدبي، وسيصدر الديوان عن دار دلمون الجديدة في دمشق.

حفيد الشاعر عمرو الزبيدي

قال الكعود عن سنوات نشأته الأولى وكيف تركت بصمة على منجزه الشعري: "نشأتُ في مدينة القامشلي ذات التمازج الإثني والقومي والطائفي، حيث فيها العرب بجميع قبائلهم والمسيحيون بطوائفهم المتعددة والأكراد والإيزيديون واليهود قبل هجرتهم إلى إسرائيل. تعدد انعكس على الحياة الثقافية في المدينة، وأعطاها زخماً باتجاه الإبداع لتمازج العادات والتقاليد بصورة إيجابية".

وأضاف: "أنا من قبيلة زبُيد العربية، التي تمتد بجذورها إلى جدي الشاعر المعروف تاريخياً عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وهذا الامتداد التاريخي رغم طوله الزمني أورثَ البذرة المتجددة كل بضع سنوات لإنتاج شاعر يحمل راية الشعر، وأتمنى أن أكون حفيداً صالحاً في صون تلك البذرة بالمرحلة الحالية".

أميل إلى «الومضة» والمواضيع المعاصرة لا تحتاج لقصائد طويلة

«الشِعر لا يُترجم»... لأن القصيدة تفقد بالترجمة الكثير من رونقها وأصالتها
back to top