الأفول

نشر في 10-07-2019
آخر تحديث 10-07-2019 | 00:10
 د. عبدالمحسن حمادة نعني بالأفول أفول نجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن هزمته إسطنبول المدينة التي أوصلته إلى المجد وكرسي الرئاسة قبل 25 عاما، فهزم مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم وهو شخص غير عادي، إذ كان له وزن في الحزب الحاكم، فكان يتولى رئاسة الوزارة التركية.

لكن طموحات أردوغان قد دفعته لتعديل طبيعة النظام الجمهوري في تركيا، فأراد أن يحصر كل السلطات في شخصه، ففضّل تطبيق النظام الرئاسي الذي يمكّنه من الجمع بين موقعي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، إذ تعد خسارة إسطنبول هزيمة معنوية لحزب العدالة والتنمية خصوصا في أحياء كانت تمثل معقلا لتيار الإخوان مثل حي السلطان أيوب وحي الفاتح.

وإذا أضيف إلى ذلك أن الفارق بين مرشح أردوغان ومرشح المعارضة إمام أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض لسياسة أردوغان كان في نتائج الانتخابات الأولى التي أجريت في شهر مارس 13 ألف صوت لمصلحة المعارضة، ولم تعجب حزب العدالة والتنمية تلك النتيجة وأصر على إعادتها، وجاءت نتائج انتخابات الإعادة بعكس ما كان يتمناه الحزب الحاكم، بالرغم من الحشد والجهد اللذين بذلهما الحزب الحاكم للفوز بتلك الانتخابات، غير أن الفارق في انتخابات الإعادة أصبح 800 ألف صوت لمصلحة المعارضة، وهذا يعني أن انتخابات الإعادة أدت إلى تعاطف ناخبي إسطنبول مع مرشح المعارضة بصورة أشد.

وهكذا خسر الحزب الحاكم في تركيا منصب العمدة القوي لأكبر مدينة تركية، وتعد القلب الاقتصادي للدولة التركية، فالواقع التركي ينظر إلى إسطنبول على أساس أنها البوصلة التي تحدد اتجاه من سيحكم تركيا لا بلديتها فقط، وهذا بشهادة أردوغان نفسه الذي قال: "من يفز بإسطنبول فقد فاز بتركيا ومن يخسر إسطنبول خسر تركيا".

فهل هذا يعني أن حزب العدالة والتنمية في طريقه إلى خسارة تركيا؟ خصوصاً أن كثيرا من الشعب التركي بدأ يشعر بظهور بوادر دكتاتورية جديدة في الدولة شبيهة بدكتاتورية العسكر التي كانت سائدة في الدولة إبان الثمانينيات؟ قد تكون الرسالة الواضحة التي أراد ناخبو إسطنبول توصيلها لحزب العدالة والتنمية أن الشعب التركي الذي خرج من دكتاتورية العسكر يرفض أن يقع تحت دكتاتورية الإخوان.

لا ينكر أحد أن حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس أردوغان قد حقق إنجازات ضخمة للدولة التركية في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية حتى أصبح محط آمال الجميع، لكن المشكلة بدأت تظهر بعد ارتباط الحزب بالتنظيم الدولي للإخوان، فمنذ 2012 سمحت تركيا للتنظيم الدولي للإخوان أن ينقل نشاطه ومقاره إلى إسطنبول، وبدأ يعقد اجتماعاته السرية والعلنية هناك.

وتنبأ قادة الإخوان أن يكون أردوغان أول خليفة للدولة الإسلامية الموحدة، ويبدو أن الرئيس تأثر بذلك وبدأ ينظر إلى نفسه كخليفة مسؤول عن المسلمين، فبدأ يتدخل في الشأن المصري والسعودي والليبي والسوري، فعادى هذه الدول لأنها ترفض تدخلاته الفجة، وأدى ذلك إلى انشغاله عن الدولة التركية، وقد يكون هذا أحد الأسباب لضعف الاقتصاد التركي مما دفع الناخب التركي للبحث عن البدائل.

back to top