الشاعرة فدوى هرنافي لـ الجريدة•: واجهتُ السرطان بالكتابة

اشتهرت في «السوشيال ميديا» أيقونة لمقاومة المرض الخبيث بالشِّعر

نشر في 04-07-2019
آخر تحديث 04-07-2019 | 00:13
على نطاق واسع تتداول قصة شاعرة عربية استطاعت أن تقهر مرض السرطان بعد مقاومته بالكتابة، لكن ربما لا يعرف الكثيرون من متابعي قصة المعاناة المنشورة على صفحات مواقع "السوشيال ميديا" أن بطلتها هي الشاعرة المغربية المقيمة في بلجيكا فدوى هرنافي، التي بدأت رحلة علاج قبل نحو سبع سنوات أجرت خلالها 16 عملية جراحية اضطرتها في النهاية لاستئصال الثديين والرحم، لتتحول هرنافي إلى أيقونة لقهر المرض الخبيث بالشِّعر، خصوصاً بعد إصدار ديوانها الأول "صرخة جسد" عام 2018.
"الجريدة" التقتها في هذا الحوار حول تجربتها مع المرض والإبداع، وإلى نص الحوار:

● هل تغيرت روح القصيدة لديكِ بعد الانتقال للعيش في بلد أوروبي؟

- في المغرب نشأت في بيت دافئ بحنان العائلة وعشقت الفن منذ صغري وبالذات الفن التشكيلي، ومن حظي كانت عائلتي تدعمني وتشجّعني، ما جعلني أصقل موهبتي أكثر فأكثر وأعمل على تنميتها، كما كانت آلة البيانو شغفي وكنت أستمتع بسماع موسيقى العازفين العالميين رغم صغري، وخصوصاً الموسيقار المصري الكبير عمر خيرت، الذي كان يعكس القيمة الجمالية التي وصلت إليها موسيقاه.

أما الكتابة فكانت ملاذي، وكبرت في علاقة قدسية مع الكلمات والمعاني الجميلة، كنت حريصة على إثراء رصيدي اللغوي والفكري. بدأت بكتابة الشعر في المرحلة الثانوية. كانت لديَّ محاولات بسيطة تطوَّرت فيما بعد لظروف شخصية إلى إصدار ديوان "صرخة جسد".. هذا الديوان صدر بعد سنوات من الغربة، إذ كنت قد انتقلت للعيش في بلجيكا، وكنت حريصة على الكتابة باللغة العربية، وطبعاً كان للغربة تأثير كبير في بلورة كتاباتي الشعرية.

● إلى أي مدى كان المرضُ امتحاناً صعباً لكِ، وكيف كان تأثيره على قصيدتكِ؟

- تجربتي مع المرض كانت مرحلة صعبة وخطوة إيجابية في مسيرتي الشعرية، حاولت من خلالها التعبير عن كل ما يختلج في نفسي من معاناة نفسية وجسدية وتناقضات وصراعات داخلية. واجهت المرض بالكتابة والشعر وتعايشت معه ولم أستسلم أبداً. تسلّحت بالصبر فصرت أقدّر نفسي أكثر وصرت أقوى بفضل ربّي... تغيّرت نظرتي إلى الحياة وتعلمت الكثير، فكان الأمل رفيقي والقلم صديقي.

تعلم الموسيقى

● خُضتِ تجربة تعلُم الموسيقى (البيانو) ودراسة المسرح... ماذا أفادتكِ هذه الفنون في تجربتكِ الإبداعية؟

- التحقت بالمعهد الموسيقي ودرست العلوم الموسيقية، وهنا عاودني الحنين إلى آلة البيانو فتعلمت العزف بطريقة أكاديمية، ثم التحقت بمعهد الفنون المسرحية، ودرست المسرح والكورال... كان للفن دور مهم في استنطاق الذّات وتأثير إيجابي في صقل شخصيّتي وأحاسيسي. لقد منحني الفن فرصة رائعة للتصالح مع نفسي والارتقاء بها إلى عالم جميل مليء بالمشاعر والأحاسيس.

● ماذا تعني الكتابة بالنسبة لفدوى هرنافي؟

- الكتابة بالنسبة لي صرخة هامسة ضد كل ما يعكّر صفوي، وتعبير فنّي تطبعه الجماليّة والمتعة وفرصة لإعادة صياغة الواقع جماليّاً وفنّياً وثقافياً. الكتابة انتصار للقيّم الإنسانية وفسحة جميلة للقلب والروح.

● ما الرسالة التي حملها ديوانكِ الأول "صرخة جسد" ؟

- ديوان "صرخة جسد" هو تعبير وجداني عن مكنونات نفسية، حاولت من خلاله أن أحاكي الواقع بصورة تلقائية... تكلمت عن الْمَرَض، الأم، الغربة، الوطن، الإرهاب، الصراعات المذهبية، الفقر، الخيانة، والحب، ومواضيع أخرى تلامس المشاعر الإنسانية التي نفتقدها. كانت كلماتي تنادي وقلبي يبوح وقلمي يكتب ليُعبِّر. كان هذا الديوان ثورة فكرية وروحية على واقع متعب ورسالة من عمق أعماق القلب لجيل متعطّش للقيّم الإنسانية والاجتماعية.

● يستشعر مَنْ يقرأ شعركِ مسحة صوفية فهل هذا صحيح؟

- قصيدة "تعال حبيبي" فيها مسحة صوفية، لأنني أحب الشعر الصوفي أيضاً، فهو يجمع بين جمالية اللغة وصدق العاطفة. هو غزل من نوع خاص نرتقي فيه إلى علّو الحسّ بأسلوب فريد وراقٍ. وبالمناسبة تم تلحينها أخيراً من طرف الملحنّ الرّاقي والفنّان المغربي نور الدين طنطاوي.

● علمت أيضاً أنكِ بصدد تحويل إحدى قصائدك إلى عملٍ غنائي.. إلى أين سارت الأمور؟

- جمعني أخيراً عمل فنّي أعتزّ به مع المؤلف والموسيقار والملحن والمطرب الكبير الفنان العراقي حازم فارس، الذي لحّن وغنى قصيدة "فتون الهوى"، وإن شاء الله سيجمعني به عمل فنّي آخر في قصيدة "صرخة جسد"، وكلي يقين أنه سيكون عملاً ناجحاً إن شاء الله، وسيجمع بين الكلمة واللحن والأداء الجميل.

● ما الذي تجهزين له خلال الفترة المقبلة؟

- هناك مشروع شعري سيصدر قريباً يحمل مواضيع متنوعة، وأتمنى أن يصل إلى القلوب التي تقدّر الكلمة والمعنى.

غربتي في بلجيكا بلوّرت كتاباتي الشعرية

الفن منحني فرصة للتصالح مع نفسي والارتقاء لعالم مليء بالمشاعر
back to top