هل ينجح عبدالمهدي حيث فشل العبادي؟

تشكيك في قدرة حكومته على تنفيذ قرار إعادة هيكلة الميليشيات

نشر في 03-07-2019
آخر تحديث 03-07-2019 | 00:11
عنصر من «الحشد» أمام جدارية لرجل دين شيعي مسلح في النجف أمس 	(رويترز)
عنصر من «الحشد» أمام جدارية لرجل دين شيعي مسلح في النجف أمس (رويترز)
ضمن سياق الأزمة المتصاعدة بين واشنطن وطهران، وفي بيان عاجل وُصِف بـ «الأكثر صرامة» في التعامل مع الميليشيات العراقية، أصدر رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي أمراً وزارياً يقضي بتقييد شديد لحركة نحو مئة ألف مقاتل ضمن صفوف تشكيلات شيعية غير نظامية، تتبع جهات متعددة، مما أثار ضجة وتفسيرات مؤيدة أو مشككة في تنفيذ القرار ونتائجه اللاحقة.

وظهرت عشرات الفصائل المسلحة بعد انهيار الجيش العراقي أمام تنظيم داعش عام 2014، لكن نهاية الحرب قبل عامين لم تنجح في إعادة المسلحين إلى منازلهم، وبات كثير منهم يشكلون خرقاً لسيادة الدولة، وقلقاً لدى السكان وعند حلفاء العراق، نظراً إلى أن أقوى تلك الفصائل مقربة إلى طهران.

وقال عبدالمهدي، في وقت متأخر ليل الاثنين- الثلاثاء، إن هذا الأمر الوزاري يهدف إلى صيانة ما يعرف بالحشد الشعبي من «التحديات الداخلية والخارجية»، وهو ما وُصِف بأنه «تبرير رقيق» لأوامر صارمة، تقضي بإلغاء مئات المقرات والمعسكرات الخارجة عن سيطرة الدولة، وإدماجها بالقوات النظامية، في مدة أقصاها الشهر الجاري، وملاحقة كل من يخرج عن هذه الأوامر.

ويشير عبدالمهدي، كما يبدو من تعبير «التحديات الداخلية والخارجية»، إلى ضغوط متزايدة باتجاه إلغاء فصائل الحشد أو تقييدها، وهي ضغوط بعضها من الداخل المستاء حيال تضخم نفوذ الفصائل، والآخر من الحلفاء الدوليين للعراق الذين يراقبون بقلق الأعمال الهجومية التي تستهدف شركات نفط ومقرات حساسة مثل سفارة البحرين، وأهدافاً قيل إنها بعيدة وعابرة للحدود، في ظل الأزمة بين واشنطن وطهران.

وأعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي تأييده لقرار عبدالمهدي، لكنه اتهمه بعدم استكمال ما بدأت به الوزارة السابقة، من محاولات إعادة الهيكلة.

لكن المراقبين يعتقدون أن قرارات عبدالمهدي تختلف كثيراً عن محاولات العبادي السابقة، لأن الوضع الحالي يحرج الجميع بأزمة مضيق هرمز والحركة الملاحية والجدل حول وجود طائرات درون إيرانية تنطلق من العراق نحو الخليج، وصواريخ تهاجم شركات نفط البصرة، إلى جانب اقتحام السفارة البحرينية الأسبوع الماضي، مما استوجب ضغطاً دولياً عبر إشارات غير خفية.

ويضاف إلى الضغوط المتزايدة بيان المرجع علي السيستاني، منتصف الشهر الماضي، المُطالِب بضبط السلاح، ورأي عام شعبي غير مسبوق مناهض للتورط مع إيران.

وإذا كانت القوى المعتدلة في العراق مثل تيار مقتدى الصدر، أول المبادرين وبتأييد متحمس، فإن فصائل الحشد المقربة إلى طهران حاولت إلقاء الكرة في ملعب بغداد، مشككة في امتلاك الدولة معسكرات كافية للمقاتلين.

إلا أن اللغة الجافة لبيان عبدالمهدي، والتي بدت فيها درجة من الحذر والتحذير الشديدين، لم تمنع ترديد مخاوف من أن تؤدي هذه القرارات إلى مساواة الميليشيات بالجيش، والاعتراف بها كقوة موازية مثل حرس الثورة الإيراني، ومنح رتب عسكرية لرجال دين أو قادة فصائل متورطين في الإرهاب.

ويقول أنصار عبدالمهدي، إن التخلص من مشكلة الحشد لن يتم في يوم وليلة، وهناك حاجة إلى وقت أطول لاحتواء الفصائل، وربما كانت الأزمة مع طهران مناسبة قاسية لمثل هذا، خاصة أن المدن الشيعية تشكو أكثر من غيرها، تزايد نفوذ الحشد الشعبي اقتصادياً وأمنياً.

ونصت قرارات الحكومة على أن يتم التخلي نهائياً عن جميع أسماء الميليشيات، وأن تحدد معسكراتها مع بقية القوات المسلحة، وتغلق المقرات الحالية في المدن أو خارجها.

وقال رئيس الحكومة، إن هناك أوامر جديدة مرتقبة لهيكلة هيئة الحشد، رغم أن ذلك لن ينهي التشكيك في مدى قدرته على تطبيق القرارات، وكذلك الجدل حول مدى انحيازه لهذا الطرف أو ذاك خلال الأزمة بين واشنطن وطهران.

back to top