حكايات عن بيت من الشّعر!

`

نشر في 21-06-2019
آخر تحديث 21-06-2019 | 00:25
 د.نجم عبدالكريم مما يدل على حجم الفراغ الذي كان الإنسان العربي يعيشه، أن بيتاً واحداً من الشعر ذكرته عشرات المراجع، وقيل في مناسبات مختلفة وقصص متعددة:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

***

• روى ابن خلكان، وهو يتّحدث عن المنصور بن القائم بن المهدي (صاحب إفريقية)، نقلاً عن جعفر أحمد الموزري قوله:

"خرجت مع المنصور يوم هزم أبا زيد، فسايرته وبيده رمحان، فسقط أحدهما مراراً فمسحته وناولته إياه، وتفاءلت له، وأنشدت:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

فقال له المنصور: ألا قلت ما هو خير من هذا وأصدق:

"وأوحينا إلى موسى أن ألقِ عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين"... فقلت: يا مولانا أنت ابن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

***

• من أقوال الإمام أبي الفرج بن الجوزي أن الخليفة السفاح خطب يوماً، فسقطت العصا من يده، فتطيَّر من ذلك، فقام شخص ومسح العصا وناوله إياها وأنشد:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

***

• لما كان رسول الله، عليه الصلاة والسلام، قد استعمل أبا سفيان بن حرب على نجران، ووجّه معه راشد بن عبدالله أميراً على القضاء والمظالم، فقد ذكر في "العقد الفريد" أن راشد قال قصيدة طويلة جاء فيها:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

***

• وفي معجم الشعراء للمرزِياني أن قائل هذا البيت هو معقر البارقي من قصيدة طويلة مطلعها:

فجئنا إلى جمعٍ كأن زهــــــــــــــــــــــــاءه جرادٌ هنا من هبوةٍ متطـــــــــايرُ

فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافرُ

• وفي "تزيين الأسواق" تروى قصة: أن يزيد بن عبدالملك قال عندما اجتمعت عنده حبابة وسلامة:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

***

• ويذكر ابن نباتة المصري في "شرح رسالة ابن زيدون"، حكاية طويلة خلاصتها أن عبدالملك بن مروان عيّن قتيبة بن مسلم على خراسان، فدخلها قتيبة وصعد المنبر فسقطت العصا من يده، فتطيَّر الناس من ذلك، فأخذها وهو يقول: ليس كما ساء الصديق وسُرّ العدو، ولكن أقول:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

***

• أعترف لكم بأن مقالتي اليوم ثقيلة الدم، وكم راودتني فكرة التوقف عن إكمالها، لكن أريد منكم أن تكونوا على بيّنة مما وصلنا من سخافات التاريخ، ونحن نتلقفه وكأنه حقائق لا يخترقها الشك، فهذا بيت من الشعر نُسب إلى أكثر من شاعر، وجاء على ذكره العديد من الكتاب، ولو أن مساحة "الجريدة" تسمح لرويت لكم أشياء كثيرة عن هذا البيت، والبعض منها قد يحول الرقيب دون السماح بنشره...

سامح الله مرض القراءة الذي أرجو ألا أُشفى منه لآخر يوم في حياتي.

back to top