«الحرس الثوري» يُسقط «درون» أميركية فوق الخليج... والتوتر يرتفع باطّراد

• طهران: الـ «درون» اخترقت مجالنا الجوي • واشنطن: هجوم «غير مبرر» في الأجواء الدولية
• الجبير: من السخف تصوّر جرّ قوى كبرى للحرب... والرد على إغلاق «هرمز» سيكون قوياً جداً
• سلامي: بعثنا بـ «رسالة واضحة» ولا نرغب في الحرب

نشر في 21-06-2019
آخر تحديث 21-06-2019 | 00:04
في أول هجوم إيراني موجّه مباشرة ضد أميركا منذ بدء التوتر الأخير بينهما، بل ربما منذ سنوات، أسقط الحرس الثوري «درون» أميركية فوق الخليج، في حادث سينضم إلى الهجمات الأخيرة في المنطقة.
دخل التوتر والتصعيد الذي تشهده المنطقة على وقع حملة الضغوط الأميركية القصوى على إيران التي ترفض الدخول في مفاوضات جديدة مع واشنطن منعطفاً جديداً، بعدما أسقطت الدفاعات الجوية لـ "الحرس الثوري" الإيراني طائرة تجسس أميركية مسيّرة من طراز "إم.كيو-4 سي غلوبال هوك" بصاروخ أرض - جو أمس.

وأعلن "الحرس" أن الـ "درون"، أسقطت حين دخلت المجال الجوي الإيراني قرب منطقة كوه مبارك بإقليم هرمزجان المطل على مياه الخليج، الذي يشهد توترا ملحوظا بعد سلسلة اعتداءات طالت ناقلات نفط، واتهمت واشنطن طهران بالضلوع فيها.

وذكر التشكيل العسكري الذي صنفته واشنطن تنظيماً إرهابياً دولياً أخيراً، أن الطائرة "أقلعت من قاعدة أميركية في جنوب الخليج. وأغلقت جميع معدات تحديد هويتها وتتبّعها، في انتهاك لقواعد الطيران، وكانت تتحرك في سرية تامة".

وصرح قائد "الحرس"، اللواء حسين سلامي، بأن إسقاط الطائرة التي يصل ثمنها إلى 200 مليون دولار "يحمل رسالة واضحة وقاطعة".

وقال إن الضربة "تثبت جاهزيتنا للرد بحزم على أي اعتداء بصورة حازمة". وشدد: "حدودنا خط أحمر بالنسبة لنا، ولو أراد أي عدو الاعتداء على حدودنا، فسيتم تدميره".

وجدد سلامي التأكيد: "نعلن أننا لا نية لنا للدخول في حرب مع أي دولة، لكننا جاهزون تماما لأي حرب، وما حدث اليوم مؤشر دقيق لهذا الأمر".

وشدد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، على أن "مجالنا الجوي هو خطنا الأحمر. إيران ردت وستواصل الرد بقوة دوما على أي دولة تنتهك مجالنا".

وقد دان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، "العمل المعادي والاستفزازي"، وقال إن "طهران تحذّر على نحو قاطع من أي دخول غير شرعي ومعاد لأي شيء أو جسم طائر لأجواء البلاد". كما أكد أن الجمهورية الإسلامية "تحمّل المعتدين مسؤولية عواقب هذه الأعمال".

نفي أميركي

في المقابل، نفت القيادة المركزية الأميركية دخول أي طائرة أميركية في سماء إيران.

وعقب إعلان الحرس إسقاط الـ "درون"، قال المتحدث باسم القيادة الكابتن في البحرية الأميركية بيل أوربان إنه لم تكن هناك أي طائرة أميركية تعمل فوق المجال الجوي الإيراني أمس الأول.

وأكد الجيش الأميركي أن الواقعة حدثت في المجال الجوي الدولي، رافضاً رواية طهران. وقال أوربان: "التقارير الإيرانية بأن الطائرة كانت فوق إيران زائفة".

وأضاف: "كان هذا هجوما لم يسبقه استفزاز على طائرة مراقبة أميركية في المجال الجوي الدولي".

وذكر أن إسقاط الطائرة تم في المجال الجوي الدولي فوق مضيق هرمز منتصف ليل الأربعاء - الخميس بتوقيت غريتش.

ولاحقاً، أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن "الطائرة المسيّرة أسقطت فوق مضيق هرمز على مسافة 17 ميلا من الأجواء الإيرانية"، مشيرة إلى أن "البحث جار لتحديد مكان حطامها".

وقالت "البنتاغون"، في بيان، إن "الأنباء الإيرانية التي أفادت بأن الطائرة كانت تحلق فوق إيران خاطئة".

ووصف مصدر في "البنتاغون" إسقاط الطائرة بالعمل الاستفزازي، وأوضح أنها كانت في مهمة استطلاع.

وأفادت تقارير بأن الوزارة ستعقد اجتماعا على مستوى رئاسة الأركان ومجلس الأمن القومي لمعرفة طريقة الرد على إسقاط الطائرة التي وضعت تحت تصرف سلاح البحرية الأميركي في الخليج قبل أسابيع، مع زيادة واشنطن وجودها العسكري لردع ما وصفته بـ "عدوانية إيران المتزايدة".

وكان الجيش الأميركي قد أكد منذ أيام محاولة من إيران لإسقاط طائرة مسيّرة الأسبوع الماضي، كما أكد إسقاط جماعة "أنصار الله" المتحالفة مع إيران في اليمن واحدة في السادس من يونيو الجاري.

جولة وإفادة

يأتي ذلك بالتزامن مع بدء المبعوث الأميركي الخاص بإيران، برايان هوك، جولة في الشرق الأوسط لمناقشة "التهديدات الإيرانية"، بعدما أشار في وقت سابق إلى أن طهران تقف خلف الهجمات التي استهدفت سفنا تجارية وناقلات نفط في الخليج.

وفي وقت سابق، عقد "الكونغرس" الأميركي جلسة استماع حضرها هوك، بهدف الاطلاع على طبيعة ما يجري في منطقة الخليج، في ظل التصعيد المتواصل للتوتر.

وبينما أكد أعضاء "الكونغرس" ضرورة أن يمر قرار الحرب مع إيران عبر المجلس، وعدم تمرير أي خيار بهذا الشأن من خلال التفويض الممنوح للرئيس دونالد ترامب، شدد هوك في مستهل كلمته على أن الإدارة الأميركية لا تسعى للدخول في حرب مع طهران، لكنها لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها إذا تعرضت للخطر.

وحول الأحداث الأخيرة في مياه الخليج وبحر عمان، جدد المسؤول الأميركي اتهام إيران بالوقوف وراء العمليات التخريبية والتفجيرات التي وقعت أخيراً.

وفي السياق نفسه، أشار هوك إلى وجود تنسيق بين وزارتي الخارجية والدفاع، وأن الولايات المتحدة عززت وجودها العسكري في الخليج، بعد مشاورات استخباراتية، وهو ما خفض من مستوى التهديد على الجنود والقواعد الأميركية هناك.

ورأى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على طهران خلال العام الماضي حرمت إيران من أكثر إيراداتها التي كانت تستخدمها في "تمويل أذرعها الإرهابية"، خاصة في سورية ولبنان.

وفي هذا السياق، أكد هوك أن "حزب الله" اللبناني الذي كان أكثر الميليشيات التي تتلقى تمويلاً إيرانياً، أصبح الآن يضع صناديق تبرعات في المحال لتلقي التبرعات، بسبب ما خسره من تمويل كان يأتيه من طهران.

وشدد المسؤول الأميركي على أن النظام الإيراني يريد تحويل الحوثيين في اليمن إلى "حزب الله" آخر.

وحول مدى التزام المجتمع الدولي بالعقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران، أكد أن هناك التزاماً غير مسبوق بالعقوبات ضد طهران، التي لم تجد طريقاً للرد على العقوبات إلا من خلال العمليات الإرهابية. وعن مدى تضرر الشعب الإيراني بالعقوبات، أو رضاه عنها، اعتبر هوك أن الإيرانيين يشعرون بالغضب تجاه النظام، خاصة الشباب والنساء.

كتيبة باتريوت

من جانب آخر، قالت "البنتاغون" أمس الأول إن أحدث عملية لنشر 1000 جندي أميركي في الشرق الأوسط، والتي أُعلنت يوم الاثنين تشمل كتيبة صواريخ باتريوت وطائرات مسيّرة وطائرات استطلاع "وغيرها من قدرات الردع".

وقالت متحدثة باسم "البنتاغون" في بيان: "الولايات المتحدة لا تسعى للحرب مع إيران، لكننا مستعدون للدفاع عن القوات والمصالح الأميركية في المنطقة".

وتصاعدت المخاوف من حدوث مواجهة بين إيران والولايات المتحدة منذ الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان قبل أيام. وحملت واشنطن طهران مسؤولية هذا الهجوم، بينما نفت إيران الاتهامات.

مواجهة سعودية

في هذه الأثناء، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، إنه من السخف تصوّر أن أي طرف يحاول جر قوى عظمى إلى حرب مع إيران، مضيفا أن بلاده لا ترغب في حرب مع طهران.

ولفت، في تصريحات أمس، إلى أن الرياض "تتشاور مع حلفائها حول خيارات متعددة لضمان أمن الممرات الملاحية" في الخليج، مؤكدا أن "اعتداءات إيران على طرق الملاحة البحرية تؤثر على العالم".

وشدد على أن الوضع في المنطقة في غاية الخطورة، بسبب سلوك إيران، مؤكدا أن المجتمع الدولي مصمم على مواجهة السلوك الإيراني العدائي، ومشيراً إلى وجود أدلة كافية على أن إيران تقف وراء الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط.

واضاف «ان الرد على اغلاق هرمز سيكون قوياً جداً».

جهود دبلوماسية

وفي وقت تزداد مخاوف من نشوب مواجهة عسكرية بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، أجرى إيمانويل بون، أكبر مستشار دبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مباحثات رفيعة المستوى، أمس، في طهران حول سبل التهدئة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي موسكو، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من شن هجوم أميركي على إيران، وقال إن العقوبات على الجمهورية الإسلامية غير مبررة، وأي تصرف عسكري أميركي ضد طهران سيؤدي إلى كارثة على منطقة الشرق الأوسط كلها.

وكان وزيرا الخارجية الفرنسي والألماني، قالا إن بلديهما سيعززان جهود خفض التوترات المتعلقة بإيران، لكن الوقت ينفد، وليس من الممكن استبعاد مخاطر اندلاع حرب.

وارتفعت المخاوف من اندلاع حرب منذ هجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان الأسبوع الماضي وعلى 4 ناقلات قبالة سواحل الإمارات منتصف مايو الماضي، وكلها وقعت بالقرب من مضيق هرمز، وهو ممر رئيسي لنقل إمدادات النفط العالمية.

وألقت الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية باللوم على إيران في الهجمات، في حين نفت طهران المسؤولية عنها.

وأرسل الجيش الأميركي قوات وحاملات طائرات وقاذفات قنابل من طراز "بي ــ 52" إلى الشرق الأوسط، لكنها أكدت أن الحشد يهدف إلى ردع طهران فقط، وليس الدخول في حرب.

«البنتاغون» تعلن إرسال «باتريوت» إلى المنطقة
back to top