خاص

عايدة صبرا لـ الجريدة•: «إنتي مين؟» قوي بمصداقيته وأداء لافت لخريجي المسرح

«الخبرة المكتسبة تجعل الممثل مدركاً لكيفية ضبط انفعالات الشخصية»

نشر في 21-06-2019
آخر تحديث 21-06-2019 | 00:00
في ظل نشاطها السينمائي والمسرحي والأكاديمي، استوقفها دور «نجوى» المقاتلة الحزبية التي فقدت قدمها في الحرب، فعادت إلى الشاشة الصغيرة في المسلسل الرمضاني «إنتي مين؟» (كتابة كارين رزق الله، إخراج إيلي ف. حبيب، إنتاج MTV اللبنانية)، لتقدّم شخصية صعبة متقلبة ما بين الكوميديا والتراجيديا.
عن شخصية «نجوى» ونشاطها المسرحي والفني تحدثت الممثلة اللبنانية المخضرمة عايدة صبرا إلى «الجريدة»، وفيما يلي التفاصيل:
• ناشطة مسرحياً وسينمائياً بعيداً من الدراما التلفزيونية، فأي ميزة لشخصية "نجوى" أعادتك إلى الشاشة الصغيرة؟

- عوامل عدة حمّستني لقبول هذا الدور، بدءا من النص المتين الذي يحاكي واقعنا، ومرورا بخيار الممثلين المشاركين، وتتويجا بهوية المخرج، أي ايلي ف. حبيب. إضافة إلى هذه العوامل وجدت في "نجوى" دورا يحتاج إلى تركيب الشخصية، والتركيز على تعابيرها الجسدية وانفعالاتها النفسية في علاقتها الثنائية مع صديقتها "عايدة" (جوليا قصّار) التي تعيش معها منذ 30 عاما.

• إضافة إلى الإعاقة الجسدية، تأرجحت الشخصية ما بين الطرافة في تصرفاتها وانفعالاتها الوجدانية عند ذكر وجعها، فكيف تحضّرت لها؟

- عندما تسلمت النص، وضعت تصوّرا معيّنا أمامي، فبنيت تفاصيلها وطريقة أدائها. عندما نفهم موقع الشخصية في النصّ وعلاقتها مع الشخصية الأخرى أمامها، يسهل عندها صياغتها وتركيب تفاصيلها، في كيفية تفاعلها في العلاقة الثنائية وتقلبات مشاعرها بين الكوميديا والتراجيديا.

دراسة أكاديمية

• مثل هذه الشخصية تحتاج إلى دراسة أكاديمية معمّقة وعدم الاكتفاء بممثل موهوب؟

- طبعا، لأنه يجب إحكام السيطرة في كل المشاهد على التعبير الجسدي، لجهة الشعور الفعلي بخسارة القدم في الحرب، والإحساس فعلاً بهذه الخسارة وكيفية التعايش معها لتخطيها. يجب أن يقرأ الممثل ما بين السطور، لتكون التعابير الانفعالية متأثرة بالعوامل المحيطة بالشخصية.

• ما أهمية الخبرة في هذا الإطار؟

- إن الخبرة المكتسبة تجعل الممثل مدركا للتقنيات اللازمة لتركيب الشخصية وكيفية استحضار تفاصيلها وتهيئة تعابيرها ودوزنة انفعالاتها.

• شخصيتا "عايدة" و"نجوى" صديقتان مختلفتان جدا في التفكير وطريقة الانفعال، فكيف أعددتما جوليا قصار وأنت هذه الثنائية الناجحة؟

- قدّمنا عملين مسرحيين معا، لذا نحن متفاهمان فنيا. في أثناء إعداد موقع التصوير، كنا نجلس معا لقراءة الحوار استعدادا لتصوير مشاهدنا.

• تعاونت سابقا مع المخرج إيلي ف. حبيب، فما رأيك في أدائه الإخراجي؟

- يتميز بأنه متخصص في المسرح، إضافة إلى تخصصه في الإخراج، لذا يمتلك إحساس الممثل. لقد أشرف على قراءتنا للنص، وهو حاضر دائما لإدارة الممثلين ومناقشة التفاصيل لتحسين الحوار والأداء. لقد تميّز هذا المسلسل بالتعاون الفريقي ما انعكس إيجابا على النتيجة.

الثنائيات

• طغى نجاح الثنائيات هذا العام على المنافسة بين المسلسلات الدرامية، ما رأيك؟

- شكّل خريجو وأساتذة ومخضرمو الجامعة اللبنانية حضورا لافتا في المسلسلات كافة، وقد كُتبت مقالات حول إنقاذهم للدراما المحلية، إذ إن أداءهم طغى على المضمون، إلا في مسلسل "إنتي مين"، إذ إن الموضوع كان قويا لمصداقيته وحقيقيته، فهو يشبه المجتمع وفق الآراء الجماهيرية التي أثنت على أداء الممثلين المخضرمين فيه، وقد قرأنا تعليقات في هذا الإطار فبرز هذا العام بين المسلسلات المعروضة محليًا. وما نجاح الممثل اللبناني في المسلسلات كافة إلا دليل إلى توافر الأكفاء، وبالتالي ينقصنا النصّ الجيّد الذي يجمع هذه الكفاءات كلّها في عمل واحد، فيربح الإنتاج اللبناني.

• ما وجه الاختلاف بين الشخصيات السينمائية والشخصيات الدرامية؟

- لا اختلاف في التحضير أو في التقنيات المستخدمة لتركيب الشخصيات، بل أسلوب التصوير وفتراته تختلف كثيرا.

• أي دور مرتقب لك في فيلم "ذكّور"(كتابة مشتركة لبنانية إيرانية مهدي أصغري ومحمد النابلسي- إخراج ايلي ف. حبيب)؟

- هو فيلم مشترك إيراني لبناني طريف جدا، لكنه يتضمن مواقف تراجيدية أيضا. أؤدي فيه دور القابلة القانونية في شارع شعبي مما يجعلها ذات سلطة معيّنة على سكّانه. تلجأ إليّ شابة خرساء معنّفة من والدها، يفرض عليها زواجا بهدف أن تلد طفلا تتبّناه عائلة أخرى. من المتوقع عرضه في الخريف المقبل.

«مطلوبين»

• أديّت دور مديرة دار مسنين قاسية وشريرة جدا في فيلم "مطلوبين"، ما رأيك في مثل هذا الموضوع؟

- أجرت الكاتبة والمخرجة نيبال عرقجي أبحاثا في دور مسنين حول أحوال المسنين ومشكلاتهم قبل كتابة نصّها. من المؤلم رؤية مسنين متروكين ومهملين من عائلاتهم. للأسف، أحوال المسنين في تلك المراكز تتفاوت وفق المستوى الاجتماعي والمادي أيضا.

• يحتاج المسرح إلى تفرّغ كبير وجهد مضاعف خصوصا عند الكتابة والتمثيل والإخراج، فهل تملكين الطاقة اللازمة لالتزام مماثل؟

- طبعا، المسرح هو المختبر الحقيقي للممثل، ولأسلوب عمله، فهو يشكّل التحدي الكبير للتجديد، إضافة إلى أنه لا شيء يضاهي جمالية العلاقة مع الجمهور رغم الجهد الذي نقوم قبل العرض وخلاله وبعده.

• لكنه لا يؤمن انتشار التلفزيون ونجوميته؟

- صحيح، إن التلفزيون متوافر أكثر لدينا ومجانيّ، بينما في الغرب، يملأ رواد المسرح القاعات دائما بفضل الثقافة المسرحية التي يكتسبونها في صفوف الدراسة والتي تشجعهم على متابعة الحركة المسرحية. في حين يحتاج المسرح اللبناني إلى دعم إعلامي وإنتاجي وتسويق بهدف الاستمرار، وللمسرح مكانته الراقية والجميلة وأفكاره الخلاقة التي تحتاج إلى تأنٍ في الكتابة والتحضير.

• برأيك، المسرحي حرّ أكثر في أفكاره ومواضيعه من الشاشة؟

- يعيش المسرحي تحدّيا أكبر لمخيّلته، وهو يمرّ بعملية ابتكار أهمّ للأفكار، لأن للمسرح جمهوره الخاص. في حين جمهور التلفزيون متشعّب جدا، ويأتي من كل الخلفيات الثقافية، لذا لا يمكن إطلاق العنان للأفكار كثيرا عبر الشاشة.

قضايا المجتمع

• يحمل المسرح قضايا أوسع للمجتمع؟

- ثمة أنواع مختلفة للمسرح، لذا يحددّ كل فنان توجهه الخاص، وأنا شخصيا أحبّ تناول قضايا تهمّ الناس والتحدث عن وضع المرأة والإنسان والوجود والواقع اللبناني.

• استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي لعرض فيديوهات اجتماعية ساخرة بشخصية "الستّ نجاح"، أخبرينا عن هذه التجربة؟

- يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن تكون منصّة للتوعية وللإضاءة على المشكلات التي نعانيها، وقد نجحت في هذه التجربة، لكن مثل هذا المشروع يحتاج إلى تواصل مستمر لم أستطع تحقيقه لعدم توافر الإنتاج، وبرأيي إذا بدأنا بالإصلاحات الشخصية كاحترام إشارة السير وعدم رمي النفايات من النافذة، واحترام الوقوف في الصفّ، وعدم الرشوة، يمكن لهذه التراكمات أن تحقق إنجازات أكبر تدريجيا.

• هل من مشروع مسرحي جديد؟

- أبحث عن الموضوع الجديد الذي يحاكي الناس.

• وسينمائيا؟

- ثمة مشاريع مطروحة، ولكن في انتظار الإنتاج.

• هل ستغيبين مجدداً عن الشاشة؟

- صراحة، لست ممن يدقّ أبواب المنتجين. يجب توافر النص المقنع والدور الذي يجاري خبرتنا المهنية لتقديم أجمل أداء كما حصل في "إنتي مين".

«الست نجاح» في التلفزيون

عن نجاح شخصية "الست نجاح" في التلفزيون، قالت الفنانة عايدة صبرا: "أظنّ ذلك"، لأن "الست نجاح" شخصية تلفزيونية أساساً، عُرضت في سيت كوم "حلونجي يا إسماعيل" في التسعينيات.

وأضافت صبرا أن "هذه الشخصية تحدثت وقتذاك بالحقّ داعية إلى الانطلاق من قدراتنا الذاتية لتحسين حياتنا وأحلامنا. أحببت المحافظة على هذه الشخصية للإضاءة على الأشياء الجيدة".

وفيما يتعلق بالإرهاق الكبير الذي تتكبده بسبب تكريس فنّها للقضايا الاجتماعية، قالت صبرا: "على العكس الفنان مرآة مجتمعه، فإن لم نحمل نحن هم القضايا، فمن يفعل؟ يمكن للفن أن يكون ترفيهيا، ولكن يجب عدم الابتذال. على كلّ حال إنه خيار شخصي يتخذه كل فنان، وقد اخترت الالتزام بالقضايا الاجتماعية والإنسانية".

اخترت الالتزام بقضايا المجتمع

المسرح اللبناني بحاجة إلى دعم وتسويق
back to top