أدب الرحيل

نشر في 16-06-2019
آخر تحديث 16-06-2019 | 00:07
 مظفّر عبدالله أول العمود:

نواب حاليون يشكون زملاء لهم في البرلمان بسبب انتفاعهم من تحويل أسماء ناخبين على دوائرهم الانتخابية من خلال هيئة المعلومات المدنية تمهيداً للحصول على أصواتهم! عن أي إصلاح نتكلم؟

***

هذا المقال لا ينطبق على المسؤول الفاسد! عملت في الجهاز الإداري الحكومي ٣٢ عاماً قضيتها في أكثر من وظيفة، وكنت دائما ألاحظ الكثير من سلوكيات الموظفين السيئة بكل مستوياتهم.

كنت أتساءل: ما دور ديوان الخدمة المدنية في تعليم الموظفين وتدريبهم على السلوك الوظيفي المطلوب تجاه المكتب، والعمل، والموظف وزملائه والمراجعين، أي الحديث عن القيم الإدارية للموظفين في الكويت.

لن أسترسل في المشاهدات لأن بابها واسع، لكن سأتحدث عما يمكن أن أسميه "أدب الرحيل" في جزئية تقاعد الموظف وبعض السلوكيات المشاهدة حولها، ففي الغالب لا توجد تقاليد مُتبعة في هذا الجانب، بل يقوم بعض من يأتي للمنصب القيادي بالعديد من التصرفات غير اللائقة أو الاستفزازية نكاية بمن سبقه، ليس لشيء إلا لسبب اختلاف وجهات نظر حول العمل وبعيداً عن الشخصانية.

مما شاهدته، وسمعت عنه في رحلتي الوظيفية أضرب بعض الأمثلة:

يقوم الخلف باستبدال أثاث مكتب سلفه بالكامل وكأن في من سبقه نجاسة!! كما يتم أحيانا الانتقام من موظفي مكتب القيادي السابق بشكل مجحف وظالم رغبة في الانتقام أو تعيين المقربين بديلاً عنهم.

كما يُعد تجاهل تكريم الموظف السابق– قياديا كان أم أقل درجة– من المظاهر المنتشرة في الجهاز الإداري مما يضطر بعض الموظفين لتحمل أعباء مادية لتجهيز حفل (محفوف) للموظف الذي رحل، وإن كان مثل هذا الحفل حميمياً إلا أنه لا يحمل اسم المؤسسة كجهة مُحتفلة، ويضطر البعض لعمله في ديوانية أو فندق!

وأسوأ ما يمكن ذكره في هذا المجال الطعن في الذمة المالية للقيادي السابق أمام الموظفين والتركيز على عيوبه، وكأن من حل محله ملاك، وأيضاً الاستهزاء بطريقة إدراته للعمل أمام الموظفين، أو عدم إمهاله الوقت لأخذ متعلقاته الشخصية من مكتبه أو تعطيل إنجاز أوراق تقاعده وإهمالها مما يضطره لمراجعة مؤسسته بشكل متكرر وهو أمر ثقيل على النفس.

ومن أسهل التهم وربما أكثرها إثارة اتهام الموظف بالتحرش بالموظفات، وهي تُهمة معلبة يجري توظيفها بالنظر لحساسيتها في المجتمعات المحافظة.

ومن الأشياء المضحكة أيضا التحريض على الموظف أو القيادي قبيل رحيله وأثناء الأيام الأخيرة له، وذلك بسحب صلاحياته حتى يبدو فاقداً للأهمية في مؤسسته، ويكون موضوعاً للتندر من قبل خصومه، أو إحالته للقضاء فقط لتشويه سمعته وإبعاده عن المؤسسة وقتا من الزمن.

هذه التصرفات، وربما لدى غيري الكثير منها، يندى لها الجبين وتدل على انعدام التقاليد في الجهار الإداري للدولة، فللكرسي ثمن، ويبدو أن البعض لا يرتدع من أن يستخدم أبشع الوسائل للوصول إليه، حتى لو كان ذلك بتحطيم الموظف أو القيادي السابق بأي ثمن، ويبقى أن أدب الرحيل مفقود إلا عند من رحم الله.

back to top