«تيجي نلونها» حوَّلت نفق الجيزة إلى معرض تشكيلي تحت الأرض

خلال عام 2016 انطلقت في مصر أشهر مبادرة في شكل حملة باسم "تيجي نلونها"، مكونة من مجموعة من شباب الجامعات، جمع بينهم حلم واحد، وهو تجميل جدران جميع الأنفاق في مصر، وخاصة في مترو الأنفاق، الذي يستخدمه نحو 3 ملايين مواطن يوميا، بهدف الارتقاء بالذوق الفني لدى الناس، وخلال السنوات القليلة الماضية، أنجز فريق العمل أعمالا مميزة، لفتت إليها الأنظار واهتم بها الإعلام، وأبرزها أنفاق المشاة في محطة مترو الأوبرا بوسط القاهرة.

وقبل شهر رمضان المنتهي بدأت الحملة عملا تجميليا جديدا في نفق المشاة، أسفل ميدان الجيزة الشهير في محافظة الجيزة (جنوب القاهرة)، والذي يمر منه آلاف البشر يومياً، وعبَّر المارة عن سعادتهم بعد متابعتهم الرسوم الجميلة بألوان بديعة، والتي تضمنت أشكالا تجريدية، وأحرفا عربية، لكن المسؤولين في حي الجيزة، وبعدما قطع الشباب مسافة 80 مترا، أزالوا كل هذا الجمال، ومن دون سبب واضح، ما أصاب أعضاء الحملة بإحباط كبير.

جمعية «مبدعون»

إحدى عضوات الحملة تُدعى يارا علي الدين قالت لـ"الجريدة": "حملة تيجي نلونها هي مبادرة أطلقتها جمعية مبدعون عام ٢٠١٦، هدفها الخروج من الإطار المعروف للمعارض الفنية التشكيلية، لأن كل معرض يستمر مدة أسبوع واحد فقط، ولا يصل إلى كل الناس، ثم ينتهي بعد ذلك، لذا أردنا أن نصنع شيئا جميلا يستمر طويلا ويترك أثرا واضحا لدى المتلقين من المواطنين العاديين، ومن هنا جاءت فكرة المبادرة وبدأنا نرسم في المدن والأنفاق ومحطات المترو، وبدأنا نشعر أننا نسهم بنسبة كبيرة في الارتقاء بالذوق الفني للناس".

وقالت زينب محمد: "الفريق يعمل في عدة مجالات، ولا يقتصر على الرسم فقط، فهناك أنشطة أخرى موازية في مجالات الأدب والتمثيل، لكن مبادرة تيجي نلونها مخصصة لرسم جداريات الشارع فقط، وأول عمل نفذناه كان جداريات في ميدان الحكمة بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) عام ٢٠١٦، ثم انتقل عملنا إلى محطة مترو الأوبرا عام ٢٠١٨، وآخر عمل لنا قبل أشهر في نفق المشاة في الجيزة".

أما يُمنى أيمن فأوضحت أن عدد أعضاء الفريق ثمانية، لكنه ليس عددا ثابتا طوال الوقت، فقبل الشروع في مشروع جديد نعلن قبلها لنتيح الفرصة أمام أعضاء جدد للانضمام إلينا، وليس شرطا أن يكون الجميع من الدارسين أو خريجي الكليات الفنية، فالموهبة هي الأساس، وللعلم أعضاء الفريق الحالي أغلبهم تخرجوا في كليات الآداب والهندسة والشريعة والقانون والتربية".

وتواصل: "في نفق الجيزة كانت الرسوم دمجا بين الفن التجريدي وتداخلات الألوان في الخلفية مع زخارف إسلامية متنوعة وأحرف عربية وأمثال وأحكام شعبية".

وعن ردود الفعل أثناء مزاولة عملهم، ذكر أحمد طه: "فوجئنا بردود الفعل التي فاقت توقعاتنا، سواء أثناء العمل أو بعد الانتهاء منه"، متابعا: "أثناء عملنا كان المارة يقفون لمتابعتنا ويوجهون لنا كلمات الشكر والثناء، وهناك من كان يعرض علينا المشاركة في العمل ومن بينهم أطفال صغار لديهم مواهب جميلة في الرسم، وبعد أن نفرغ من عمل جدارية في نفق كان المارة يتوقفون لالتقاط الصور مع الجداريات الملونة ونشرها على مواقع التواصل، معبرين عن سعادتهم بهذا العمل، مما كان يزيد حماسنا لمواصلة ما بدأناه".

وقال عضو الحملة محمد علي: "استغرق العمل في نفق الجيزة نحو شهر، كل يوم من العاشرة صباحا حتى السابعة مساء، وأنجزنا نحو 80 مترا من طول النفق، وكانت خطتنا أن نستكمل كل النفق ونحوله إلى معرض تشكيلي مفتوح تحت الأرض".

وفوجئ أعضاء الحملة، قبل أيام، بإزالة الرسوم التي نفذوها على جدران النفق، ما أصابهم بالإحباط، وقالوا: "فوجئنا بإزالة الرسوم. تم تكسير الجداريات المرسومة، ومحو الرسوم تماما، رغم حصولنا على تصريح مسبق من الجهات المعنية في محافظة الجيزة، وحاولنا التواصل مع المحافظ ورئيس الحي، لكن لم يرد أحد علينا". وقالت العضوة زينب محمد: "قبل بدء العمل في النفق نسقنا مع المحافظ ورئيس الحي، وحصلنا على التصاريح اللازمة، وعلمنا أن النفق لا يخضع لأعمال تطوير أو إصلاحات خلال الفترة الحالية، ولو أُبلغنا بذلك لأجلنا العمل لحين انتهاء أعمال الإصلاحات".

وفي النهاية أكد أعضاء الحملة أنهم رغم إحباطهم إلا أنهم لن يتوقفوا وسيواصلون عملهم، وتوصيل رسالتهم وهدف المبادرة، وهو نشر الثقافة الفنية في كل مكان.