معرض أعمال فخارية تحمل توقيع بابلو بيكاسو في قبرص

يهدف إلى إعادة اكتشاف علاقة الرسام الإسباني الشهير بالعصور القديمة

نشر في 14-06-2019
آخر تحديث 14-06-2019 | 00:03
في أحد متاحف جزيرة قبرص المتوسطية، يكشف معرض أعمال فخارية تحمل توقيع الفنان العالمي بابلو بيكاسو، أوجه شبه بين هذه القطع وفخاريات قبرصية تعود إلى عصور ما قبل الميلاد.
افتتح في نيقوسيا، ويستمر 3 أشهر، عنوان "بيكاسو في متحف قبرص... أعمال من طين"، ويقدم للزوار مجموعة أعمال مصنوعة من الفخار وملونة للرسام الإسباني الشهير، استقدم المنظمون معظمها من متحف بيكاسو في باريس.

وتقول صاحبة فكرة المعرض أندرولا ميخائيل لوكالة فرانس برس "ألهم فن العصور القديمة بيكاسو(...) والهدف من إقامة المعرض هو إعادة اكتشاف علاقة بيكاسو بالعصور القديمة"، مشيرة الى أن الأعمال تكشف أيضا علاقة معينة بقبرص التي لم يزرها الفنان في حياته.

المدرسة التكعيبية

لدى الحديث عن الفنان الإسباني، لا تخطر إجمالا في بال أحد، أعماله الفخارية، لكن بيكاسو، وهو من أرباب المدرسة التكعيبية في الرسم، اكتشف أيضا وهو في الخامسة والستين من عمره، شغفا بالخزف وبتصميم أعمال من الفخار والرسم عليها.

وكان ذلك أثناء زيارته في صيف عام 1946 مشغلاً للفخار في بلدة فالوريس بجنوب فرنسا، حيث تعرّف على صاحبي المشغل، وهما زوجان أصبحا بعدها صديقين مقربين منه.

هناك أيضا التقى جاكلين التي كانت تعمل في المجال نفسه، وأصبحت زوجته الثانية.

في ممر ضيق داخل المتحف، عُلقت على جدار صور بالأسود والأبيض يظهر فيها الفنان منهمكاً في عمله، وسط قطع فخارية وأغراض مبعثرة.

ويؤدي الممر إلى صالة قسمت إلى جزأين: فقد عُرضت في الجزء الأيسر فخاريات قبرصية يعود تاريخها إلى آلاف السنين مأخوذة من المتحف الدائم، وفي الجزء الآخر، أعمال بيكاسو التي يرى المنظمون أنها تشبه الى حدّ كبير التحف القبرصية.

العصور الحجرية

وتقليدا، تُعرف جزيرة قبرص بفخارياتها التي يعود تاريخها إلى العصور الحجرية الحديثة (10 آلاف سنة قبل الميلاد) وكان يستخدمها السكان في الماضي في حاجاتهم اليومية. إلا أن هذه الحرفة تراجعت تدريجيا في البلاد، وباتت حالياً تقتصر على بعض القرى.

بين أعمال بيكاسو المعروضة، إناء أبيض ذو ثلاثة أركان، رُسم على كل جهة منه وجه امرأة. ويكاد المنظمون يجزمون أن التحفة مستوحاة من إناء قبرصي مماثل شهير معروض في المتحف، وإناء قبرصي آخر مشابه موجود في متحف اللوفر بفرنسا.

وتقول أندرولا ميخائيل: "تبدو العلاقة بين بيكاسو والفن القبرصي القديم واضحة، فالإناء القبرصي الموجود في اللوفر فريد وغير موجود في أي مكان آخر بالعالم"، مضيفة: "لا يمكن أن نجزم مئة بالمئة أن إناء بيكاسو مستوحى منه، لكن الشبه بديهي". وتطغى على فخاريات بيكاسو المعروضة في متحف قبرص رسوم المرأة والحيوانات.

ونُقلت هذه التحف في الطائرة، بعدما وُضعت كل قطعة في صندوق خاص بها بشكل يضمن عدم تحرّكها في أثناء الرحلة. وأشرف على عملية إخراج القطع من الصناديق وعرضها، خبير أوفده متحف بيكاسو وخبير ترميم للتحقق من عدم وجود أي أضرار بأي قطعة. وتُحفظ هذه الأخيرة طوال مدة المعرض في درجة حرارة معينة.

صنع الأصدقاء

ويروي المنظمون أن بيكاسو كان إجمالا يعمل على قطع فخارية خام صنعها أصدقاء له لا تزال رطبة، فيمنحها التصميم الذي يريده ويرسم عليها قبل إدخالها إلى الفرن.

وتقول ميخائيل، وهي أستاذة تاريخ الفنون في جامعة بيكاردي جول فيرن في شمال فرنسا، ومقرّبة من عائلة الفنان، إن "بيكاسو أعطى حياةً للإناء القديم" عن طريق رسم وجوه المرأة الثلاثة.

عند مدخل الصالة وتحت أضواء خافتة، عُرضت تحفة فخارية لبيكاسو على شكل ثور بلون الطين البني غير مطلية. إلى جانبها، عُلقت صورة يظهر فيها بيكاسو على شاطئ البحر متنكراً برأس ثور، في ما يبدو تأثرا من الفنان الإسباني بمصارعة الثيران التي تعرف بها بلاده.

وحملت أعمال أخرى رسوم خيول وطيور، واستوحى صاحب لوحة "غرنيكا" (التي تظهر كل ويلات الحرب) ولوحة حمامة السلام البيضاء، عددا من الأعمال من الأساطير الإغريقية وحضارات العصور القديمة.

اهتمام الفنانين

وترى ميخائيل أن "المعرض يربط القديم بالمعاصر، ويُظهر كيف أثارت الفنون القديمة اهتمام الفنانين الكبار".

ويُعرف عن بيكاسو الذي توفي عام 1973، أنه كان يعتبر أن الفنون الكبيرة تبقى دائماً حية في الحاضر، وكان يقول إن فنّ الحضارات القديمة "ليس أمراً من الماضي".

وعجّ متحف قبرص بالزوار الذي توقفوا عند كل تحفة، ساعين إلى مقارنتها بفخاريات الجزيرة التقليدية.

وقالت فيكتوريا ليونيدوف (36 عاماً) التي تعمل في مجال التصميم: "من المثير للاهتمام رؤية كيف تمكّن بيكاسو من ترجمة مصدر إلهامه بلغته الخاصة"، وتضيف: "عندما أعود إلى عملي سأحاول أن أقوم بالأمر نفسه".

back to top