سدانيات: من يوقظ قورش؟!

نشر في 14-06-2019
آخر تحديث 14-06-2019 | 00:09
 محمد السداني "القردة تغزو الجامعة" عنوان يعرفه جيدا من عاش تلك الفترة، فكل الممارسات السياسية والانتخابية التي مرت علينا في السنوات السابقة كانت لا تختلف كثيرا عن التعاطي مع نتائج الأحداث غير المحببة لدى فئة دون أخرى، إننا ومنذ تلك السنين ونحن نعتقد أننا نملك ديمقراطية حقيقية فيها قبول للآخر المختلف تماما، والحقيقة أننا لا نملك قبولا ولا اختلافا، نحن نمارس القليل من السياسة والكثير من النشاط الاجتماعي الذي قضى على مظاهر الدولة الحديثة التي تعب الآباء المؤسسون في بنائها، فكلما تقدمنا خطوة في ركب الحضارة أخذت القوى الهمجية البربرية بنا إلى نقطة البداية، وكلما حاولنا أن نضع أسسا لهذه الدولة التي يفترض بها أنها دولة مدنية حديثة عادت بنا قواعد الصحراء والجاهلية الأولى إلى نزاعات داحس والغبراء التي لم تبق أخضر ولا يابس إلا أحرقته.

من يشاهد كيف يتعاطى النواب والسياسيون مع الممارسات السياسية يعلم جيدا أننا نعيش في حلبة مصارعة، البقاء فيها للأكثر عدداً لا الأقوى حجة أو الأكثر إقناعا، فلا معارضة ثابتة ولا موالاة حقيقية، كلها مواقف تعتمد على موقف العائلة والقبيلة والطائفة، مجاميع لا تستحق أن تعيش في دولة مدنية قوامها الديمقراطية والدستور. لقد عشنا غزوا آخر لم نكن نعرفه ولا يعرفنا، غزوا له ألف وجه ووجه، ولكنه بكل تأكيد لا يعرف وجه الكويت ومصلحتها العامة، وضعنا بين قبلية ومناطقية وعائلية وطائفية لن تبني وطنا ولن تقيم حضارة مهما فعلنا؛ لأنَّ المنطلقات التي تنطلق منها هذه المجاميع منطلقات فاسدة لا يمكن أن تكون مصلحة الكويت من بينها، أو أن يكونوا واعين لمفهوم الدولة الحديثة التي ننشد.

عندما قامت الإمبراطورية الفارسية مرة أخرى على يد البهلويين وفي أحد العروض العسكرية، وقف العسكر عند قبر قورش وقال الشاه: نم قرير العين يا قورش، إشارة منه إلى أنه أعاد إمبراطورية كسرى مرة أخرى، لم يختلف رضا بهلوي عن غيره من البهلويين– الكويتيين– الذين كلما حدث حدثٌ سياسي في الكويت اجتروا التاريخ بقضه وقضيضه، وأثاروا نعرات كل شيء، وهم يعلمون جيدا أنهم بهذا يؤصلون لهذه الممارسات التي ألغت دور الدولة وأصَّلت دور هذه العناصر التي عاشت الدولة سنوات وسنوات لكي تذيبها في بوتقة الوطن، ولكن هيهات أن تذوب ونحن نرى الممارسات التي لو رآها قورش لما ودَّ أن تعود دولته، ولما أراد أن يوقظه حفيده المعتز بكسراويته التي لم تحمه من صراع القوى العالمية، ورمت به لاجئا في دولة أخرى بعدما كان إمبراطورا.

back to top