خاص

أوسي لـ الجريدة•: لا أعشق الأبطال في «وطأة اليقين»

«في صباي جذبتني السياسة وأفكار اليسار والتحرر القومي والاجتماعي»

نشر في 14-06-2019
آخر تحديث 14-06-2019 | 00:12
منذ أن أطلق روايته الأولى "وطأة اليقين" عام 2016، استطاع الأديب السوري المقيم في بلجيكا هوشنك أوسي لفت الأنظار إليه بكتابته البارعة التي عبرت عن تجربته مع المنفى، وحسه الأنيق تجاه النص المغزول بثقافات عدة نتيجة تنقله بين العديد من عواصم العالم، ومن بينها القاهرة التي يقول في حوار مع "الجريدة" إنها فتحت في تجربته جرحاً من الصعب أن يندمل وسيبقى ينزف نصوصاً... وإلى نص الحوار.

● كيف كان لسنوات النشأة الأولى الأثر والتأثير على قصيدتك؟

- كنتُ تلميذاً متفوّقاً في المرحلة الابتدائيّة، كثير النشاط، أرسم، وأغنّي، وأقرأ الشعر، وألعب أدوارا مسرحيّة، ونلت شهادات وأوسمة على مستوى مدارس مدينتي الدرباسيّة، ومحافظة الحسكة أيضاً في مجالي الرسم والمسرح، وفي مرحلة الصبا والمراهقة، جذبتني السياسة وأفكار اليسار والتحرر القومي والاجتماعي والطبقي وكل أطقم الأحلام والخيالات الرومانسيّة الثوريّة. أوّل قصيدة كتبتها ونُشرت لي كانت عام 1995. ونشرت أوّل مجموعة شعريّة عام 2001. لا أعتبرها الآن شعراً، بل محاولة التمرين على كتابة الشعر. ومنذ 2000-2001 بدأت العمل في الصحافة الكرديّة، والكتابة باللغتين العربيّة والكرديّة. الذين تأثّرت بهم كُثُر، شكرتهم وهجرتهم. مصادر التأثير عليّ لا يمكنني حصرها؛ كتب، وأفلام، وأشخاص، وأحداث، وأمكنة، وأصوات، وأغان...، ومازلت أنحو هذا المنحى.

● ما اللمسة التي تتركها الغربة على النص؟

- أضافت الكثير؛ الحريّة، والأمان، والانفتاح أكثر. أشعر بمديونيّة كبيرة تجاه بلجيكا. لذا، أهديت إلى مدينة أوستند البلجيكيّة التي أقيم فيها منذ نحو 7 سنوات، روايتي الأولى "وطأة اليقين" التي صدرت في بيروت عام 2016. الغربة أشعرتني بأهميّة وجودي، واسترددت جزءاً من حرّيتي وكرامتي وحقوقي.

● روايتك "وطأة اليقين... محنة السؤال وشهوة الخيال" لم يتضح لها بطل، فماذا قصدت؟

- ربما لأنني لست مهووساً بأدوار البطولة، أو لأنني لا أعشق الأبطال أو ربما لسبب آخر، أجهلهُ، يمكن أن يكتشفه النقّاد.. لا أعرف بالضبط. في الكتابة الروائيّة، أجدني أكثر ميلاً للبطل الملتبس الذي يُدخل القارئ في حيرة. البؤرة لديّ ليست الشخص بل الحدث. حدث معيّن يكثر من حوله الرواة والأشخاص، وتتداخل فيه المصائر. في "وطأة اليقين" البطل أو ما يمكن اعتباره بطلاً، غائب، ولا يظهر إلا عبر شظايا؛ ورسائل، وأعضاء بشريّة مزروعة في أجساد أشخاص أجانب، ومرويات منقولة عنه. ومع ذلك، يمكن اعتبار أي شخص من شخوص هذه الرواية "البطل" - البؤرة. في الكتابة الروائيّة، لا أميل إلى المركز والأطراف، بل أكون أقرب إلى أن يكون كل طرف أو شخصيّة روائيّة بطلاً، وبقيّة الأشخاص ضالعون ومشاركون في صنع هذه البطولة. كذلك يمكن أن تكون الأمكنة هي البؤر في الرواية. هذه الطريقة في الكتابة الروائيّة، ستجدها في روايتي الثانية أيضاً "حفلة أوهام مفتوحة" التي صدرت في بيروت، عن دار سؤال 2018.

● "وطأة اليقين" فازت بجائزة "كتارا" هل السبب سياسي أم فني؟

- هذا سؤال يُمكن طرحه على لجان التحكيم في تلك الدورة، لكنني لا أعتقد أن العامل السياسي كان السبب، لأن عدد الروايات المنشورة المشاركة في تلك الدورة زادت على 500 رواية، وبكل تأكيد كان من بينهم سوريون وسوريات، أكثر منّي سمعة وحرفيّة وخبرة وصيتاً في حقل الكتابة الروائيّة.

● كيف تصف مشوارك الإبداعي في محطات؟

- تجربتي مازالت في مطلعها، والمرحلة الأولى؛ مرحلة التأثّر بالأفكار اليساريّة والقوميّة والرومانسيّة الثوريّة والتركيز على الهويّة. والمرحلة الثانية هي محاولات التحرر من سموم وآفات وخرافات وأصنام المرحلة الأولى، والاتجاه نحو الأفق الإنساني الأكثر رحابة وتنوّعاً وتعدداً. والمرحلة الثالثة، لم أصل إليها بعد، وهي محاولة تأكيد حضور تجربة إبداعيّة خاصّة بيّ؛ كاملة الأوصاف والأركان. والمرحلة الرابعة التي لا أريد أن أصل إليها؛ وهي التكرار واجترار المرحلة الثالثة إلى حدّ الاستنفاد والترهّل والانحدار وإتلاف ما راكمته.

● زيارتك الحالية للقاهرة، هل وراءها عمل أدبي جديد؟

- فتحت القاهرة في تجربتي جرحاً من الصعب أن يندمل، وسيبقى ينزف نصوصاً. في روايتي الأولى "وطأة اليقين" هناك حضور لجزء من السرديّة المصريّة إلى جانب التونسيّة والفلسطينيّة والكرديّة والسوريّة... إلخ. لكن زيارتيَّ الأولى للقاهرة في معرض الكتاب؛ فبراير الماضي، وفي ملتقى الرواية؛ في أبريل الماضي، أضافتا إليَّ الكثير. كتبت نصوصاً شعريّة عن حالتي في القاهرة، وبعد مغادرتي لها. وربما تظهر القاهرة في عملي الروائي الذي أشتغل عليه، كتفصيل، وليس كمركز - بؤرة.

● ما المشروع الأدبي الذي تعكف عليه الآن؟

- ثمة مشاريع عِدة، منها رواية كنت كتبتها عام 2009 في تركيا، عقب هروبي من وطني، على خلفيّة كتاباتي ومخطوط تلك الرواية ضاع مع ضياع أرشيفي في اليونان، والآن أحاول إعادة كتابة تلك الرواية مع الكثير من الإضافات.

الغربة أشعرتني بأهميّة وجودي واسترددت جزءاً من حرّيتي وكرامتي وحقوقي

لست مهووساً بأدوار البطولة... وروايتي بلا بطل محدد
back to top