رأي : رسالة إلى «نزاهة»

نشر في 11-06-2019
آخر تحديث 11-06-2019 | 00:29
 أحمد عبدالله المطوع يقع على عاتقي بصفتي مواطناً كويتياً، قبل أن أكون محامياً، واجب حماية الأموال العامة، عملاً بما هو مقرر في المادة 17 من دستور دولة الكويت، وأتطلع في هذه الرسالة إلى أن تصل لمن يجب أن تصل إليه، وأن يُعمل بما تضمنته من حقائق بشأن الأمانة العامة للأوقاف!

الأصل أن إدارة الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي التي تختص بإدارة شؤون الأوقاف والإشراف عليها وتنظيمها بما يكفل تحقيق أهدافها فضلاً عن استثمار أموال الأوقاف وتطويرها عملاً بما هو مقرر بموجب قانون تنظيم الوزارة المذكورة وتعيين اختصاصاتها، حيث نصت المادة الثامنة على أن «تتألف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من الوحدات الإدارية التالية: 1- إدارة الأوقاف...». ونصت المادة العاشرة من نفس القانون على أنه «تختص إدارة الأوقاف بما يلي: 1- إدارة شؤون الأوقاف والإشراف عليها وتنظيمها بما يكفل تحقيق أهدافها. 2- استثمار أموال الأوقاف وتطويرها وتنمية إيراداتها على أسس اقتصادية. 3- الإشراف على الأموال الموصى أو المتبرع بها لمصرف من مصارف البر. 4- العمل على تشجيع وقف الأموال على جهات البر وتوسيع نطاق الأوقاف الخيرية. 5- إقامة المساجد والترخيص بها حسب احتياجات المناطق المختلفة، والعمل على صيانتها وتأثيثها، والمحافظة عليها، ورعاية جميع شؤونها».

وارتأت الدولة أن تكون هناك أمانة عامة للأوقاف تضطلع بهذا الدور لمزيد من الإنتاجية والتخصص في العمل، وعليه صدر المرسوم الأميري رقم 257 لسنة 1993 بتاريخ 13/11/1993، ونص في مادته الأولى على أن «تنشأ أمانة عامة للأوقاف تتبع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويكون لها مباشرة الاختصاصات المقررة للوزارة في مجال الأوقاف وفقاً لأحكام هذا المرسوم».

ولما كان ذلك وبالبناء على ما تقدم وكانت المادة الثانية من قانون حماية الأموال العامة رقم 1 لسنة 1993 وتعديلاته قد جرى نصها على أنه «يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا القانون ما يكون مملوكا أو خاضعا بقانون لإدارة إحدى الجهات الآتية أيا كان موقع تلك الأموال في داخل البلاد أو خارجها: أ – الدولة. وهو الأمر الذي يؤكد على وجه اليقين أن الأموال التي تحت يد الأمانة العامة للأوقاف هي أموال عامة كونها تخضع بقانون لإدارة الدولة ممثلة في الأمانة العامة للأوقاف على النحو المبين في المواد المشار إليها سلفاً...

وبالرجوع لبعض الملاحظات بتقرير ديوان المحاسبة للسنة المالية المنتهية 2016/2017-2018 على الميزانية الوقفية تم رصد تجاوزات ومخالفات، ونورد بعضها في الآتي: «قيام الأمانة العامة بصرف مبلغ يقارب مليوناً وأربعمئة ألف من الميزانية الوقفية على أعمال لا تدخل في اختصاصات الأمانة بالمخالفة لحجج الواقفين، توزيع مكافآت على أعضاء اللجان خصماً من الميزانية الوقفية بقيمة 82 ألف دينار!، استئجار منزل لخمسة موظفين تكلفته السنوية 30 ألف دينار استنزافاً من الميزانية الوقفية دون مبرر، تقاعس الأمانة في اتخاذ إجراءات تتعلق بتنفيذ مشروع وقفي تسبب بخسارة قرابة 3 ملايين وخمسمئة ألف دينار من الميزانية الوقفية، خسارة بقيمة 23 مليون دينار من أموال الواقفين بسبب الأمانة جراء شراء واستثمار بعض الأسهم والصناديق الاستثمارية والمحافظ المالية قيمتها السوقية مُنعدمة، الأمانة نفذت رحلة أداء عمرة لموظفيها بقيمة 7 آلاف دينار تقريباً من الميزانية الوقفية!!».

وإزاء تلك المخالفات والمخالفات الأخرى التي لا يسعني أن أوردها جميعها، وأكتفي بالإحالة إلى تقرير ديوان المحاسبة السالف البيان، حيث أسفرت عن خسائر فاقت عشرات الملايين، هدراً للميزانية الوقفية وتبديداً لأموال الواقفين دونما سند قانوني أو مبرر منطقي، التزاماً بعدد كلمات المقال...

وعلى أثر ما تقدم تشكلت - بقرار وزاري – لجنة تحقيق برئاسة وزير الأوقاف الأسبق مشكلة من ثلاثة قُضاة وآخرين للتحقيق حول شبهات الفساد والتجاوزات التي سطرها تقرير ديوان المحاسبة فيما يتعلق بالميزانية الوقفية وانتهت تلك اللجنة من أعمالها وأعدت تقريرها، بيد أن المبكي المضحك هو أن الوزير المختص الحالي قد كلّف لجنة جديدة من موظفين أقل خبرة بكثير من اللجنة الأولى، لفحص وتنقيح التقرير الأول إلى أن وُضع في الأدراج، فهل يعقل أن يعقب موظفون (عاديون) على أعمال قضاة أفنوا حياتهم وصحتهم في سبيل حماية حقوق الناس؟!

وإزاء ما تقدم سرده من أدلة قانونية وواقعية حول تلك المخالفات حان وقت محاسبة القائم على تبديد تلك الأموال وفقاً لقانون حماية الأموال العامة، ويتعين على «نزاهة» وضع هذا الجهاز تحت المجهر وإجراء تحقيق عن أسباب هدر أموال الواقفين وتبديد الميزانية الوقفية وصولاً إلى تحريك الدعوى الجزائية قِبل كل متسبب بالإضرار بالمال العام.

back to top