العم برقان... قرقيعانيات

نشر في 27-05-2019
آخر تحديث 27-05-2019 | 00:25
 أحمد راشد العربيد صاح العم برقان يخاطبني، قائلاً: يبدو أنك يا باش مهندس أحمد لم تشرح لقرائك بوضوح طبيعة المكامن التي أنا العم برقان أعيش فيها، وأن هذه المكامن عبارة عن طبقات أرضية يتجمع فيها النفط تحت طبقات أرضية سحيقة، فقد كنت أنصت إلى مناقشة دارت اليوم بعد صلاة العصر في المسجد بين أبو صقر وأبو ثنيان عما حدثتهما عنه أنت يا باش مهندس من مفهوم المكامن النفطية، إذ كان واضحاً لي من حديثهما أن هناك فهماً قاصراً لمفهوم هذه المكامن يجدر الإسراع إلى تصحيحه، لكيلا يظهر أن الشعب الكويتي، الذي يملك النفط، جاهلاً بثرواته النفطية. واستطرد، إن المكامن النفطية ليست خزان ماء، كما يحلو لمن أراد تقديم شرح يسهل عليه تقريب المعنى للمتابعين.

واسترسل العم برقان في الشرح، أن الفهم الصحيح للمكامن النفطية والغازية أكثر تعقيداً علمياً وتقنياً من أن يكون مطابقاً لمفهوم خزان الماء، ومن الضروري تعميق الفهم الصحيح لهذه المكامن، حتى لا يخطئ أصحاب القرار عند اتخاذ قراراتهم الاستراتيجية بشأن القدرات النفطية للدولة، وعليهم أن يفهموا أن التعامل مع الصناعة النفطية كالتعامل مع صناعة الفضاء، فكلاهما يتم التعامل فيه مع المجهول... ويكفي القول إن هاتين الصناعتين تستهلكان من الذاكرة الكمبيوترية النسبة الأعلى بين كل الصناعات والعلوم في العالم.

إن فشل المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية في التعامل مع المشاريع النفطية يرجع إلى الجهل بالصناعة النفطية.

توقف العم برقان عن الحديث برهة، ثم التقط أنفاسه وقال: يمكن تصور المكامن النفطية بالمثل التالي: تخيل أن لديك صندوقاً من البلاستيك وهو مكعب الشكل بمقياس متر x متر x متر، وطلبت منك أن تملأ هذا الصندوق بكرات لعبة القدم حتى تعتقد أن الصندوق قد امتلأ، ثم طلبت منك أن تملأ الفراغات في الصندوق بكرات لعبة الجولف حتى تقول أنت إنه امتلأ، ثم طلبت منك أن تملأ الفراغات بالرمل حتى تقول إنه امتلأ، ثم طلبت منك أن تملأ الفراغات بالماء حتى تقول إنه امتلأ، قد تظن أن نموذج الكرات أعلاه يحاكي طبيعة المكامن النفطية، أقول لك ما قال الشاعر:

لا تستعجلن فليس الرزق بالعجل

الرزق في اللوح مكتوب مع الأجل

النموذج أعلاه لا يحاكي مفهوم المكامن النفطية، ولكن يؤسس مدخلاً ميسراً لها، إذ إن هناك عناصر أخرى تلعب دوراً رئيسياً في تحرك النفط داخل هذه المكامن. إننا نعلم أنه لا تخلو الطبقات الأرضية من الفوالق والكسور والطيات، وهذه كلها من العوارض الطبيعية التي حدثت عبر ملايين السنين، وهي تشكل للمهندسين النفطيين والجيولوجيين صعوبة في تقديراتهم لمعرفة كميات الإنتاج المستقبلية، إذ يتطلب ذلك معرفة حجم الفراغات التي تحتويها تلك الصخور، ومعرفة مدى القدرة على النفاذ ما بين الصخور في هذه المكامن، ومن هنا تكون البداية بالدخول إلى المكامن النفطية.

قد استمتعنا في رمضان هذا العام بالقرقيعان المنوع الذي غطى رغبة وذوق كل المحبين صغاراً و كباراً من متجر «الصيداوي»، آملين أن يضيف مديره العام في العام القادم قسما جديدا يبدع في تقديم قرقيعان نفطي يعزز المعرفة النفطية تحت اسم العم برقان.

*كثر خيره وطول عمره*

back to top