حكاية أغنية: «هان الود»... أغنية حائرة بين عبدالوهاب وحبيبة العمر

كتبها شاعر الشباب لمنافس أم كلثوم على عرش الغناء

نشر في 24-05-2019
آخر تحديث 24-05-2019 | 00:01
الفنان محمد عبدالوهاب وزوجته نهلة القدسي
الفنان محمد عبدالوهاب وزوجته نهلة القدسي
ارتبطت أغنية «هان الود» بلحظة فارقة في حياة الموسيقار محمد عبدالوهاب، عندما انفصل عن زوجته نهلة القدسي في بداية الستينيات، وفي ذلك الوقت صاغ شاعر الشباب أحمد رامي هذه الأغنية، وأرسلها إلى منافس أم كلثوم على عرش الغناء، ليشدو بكلماتها المعبّرة عن الحنين والعتاب، وتظل أنغامها حائرة بين موسيقار الأجيال وحبيبة العمر.
لم تكن "هان الود" اللقاء الأول بين رامي وعبدالوهاب، وتغنى الأخير بأكثر من عشرين أغنية لشاعر الشباب، ومنها "أيها الراقدون" و"الظلم ده كان ليه" و"أحب عيشة الحرية" و"المية تروي العطشان"، وظهرت من خلال أفلام سينمائية، وتباعد تعاونهما الفني سنوات طويلة، وكان لقاؤهما الأخير في عام 1965، عندما شدت أم كلثوم بأغنية "أنت الحب".

وظل لقاء رامي وعبدالوهاب في "هان الود" يثير تساؤلات حول أغنية كتبها شاعر الشباب لمنافس أم كلثوم على عرش الغناء، وقد كان - آنذاك - شاعرها الحصري، وفي ذلك الوقت انطلقت جميع قصائده بحنجرتها الذهبية، وفوجئ الجمهور بلقاء الشاعر والموسيقار، والأخير يشدو:

قالوا لي هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني

رديت وقلت بتشمتوا ليه، هو افتكرني عشان ينساني؟

أنا بحبه وأراعي وده إن كان في قربه ولّا في بعده

وأفضل أمني الروح برضاه ألقاه جفاني وزاد حرماني

ولعل "هان الود" الأغنية الوحيدة لرامي التي غناها أكثر من مطرب، فقد لحّنها وغناها عبدالوهاب، وأيضاً غنتها فايزة أحمد ونجاة الصغيرة، وكانت حدثاً فنياً في عام 1963، عندما ظهر الموسيقار مع فرقته الموسيقية وهو يشدو بكلماتها من خلال أحداث فيلم "منتهى الفرح" للمخرج محمد سالم، وتعد من أهم أسباب نجاح هذا الشريط السينمائي.

وسجل عبدالوهاب أغنية "هان الود" للإذاعة، وحققت نجاحا كبيرا، وفي تلك الفترة كان موسيقار الأجيال مقلاً في غنائه، ويمنح ألحانه لكثير من مطربات ومطربي ذلك الجيل، مثل عبدالحليم حافظ ووردة الجزائرية ونجاة وفايزة أحمد، وكان يكتفي بغناء هذه الألحان على آلة العود فقط، لكنه خرج عن هذه القاعدة، وأراد أن يستعيد تألقه كمطرب، ويثبت للجميع أنه لايزال قادراً على الشدو، وأن حنجرته الذهبية لم ينل منها الزمن، مع تقدمه في العمر.

قصة حب

لم تكن "هان الود" مجرد أغنية عاطفية، بل لامست وجدان عبدالوهاب فور قراءتها، واتصل بالشاعر أحمد رامي ليبلغه موافقته على تلحينها وغنائها بنفسه، وظلت الكلمات تخايله بعد أن حفظها عن ظهر قلب، واختلى بنفسه ومعه آلة العود، وبعد أيام قليلة انتهى من اللحن، وعمد إلى أن يكون معبّراً عن شموخ المحب في عتابه لحبيبته، وأن يكابد آلام الفراق، ليصبح من أروع الألحان التي أبدعها موسيقار الأجيال.

لحَّن عبدالوهاب "هان الود" في لحظة فارقة من حياته، عندما جمعته قصة حب انتهت بزواجه من السيدة نهلة القدسي، وكانت من أشهر زيجات الوسط الفني في ذلك الوقت، وعاش الحبيبان في أجواء شديدة الرومانسية، وباتت حبيبة العمر ملهمة الموسيقار في إبداعه الفني، ليبلغ ذروة النجاح والشهرة كمطرب وملحن، وينال التقدير والتكريم في سائر أنحاء العالم العربي.

لم يتوقع عبدالوهاب أن يمر بتجربة الفراق، وينفصل عن زوجته نهلة، وظل خلافهما لغزاً محيراً لكل المقربين منهما، وفي ذلك الوقت أرسل رامي "هان الود" ووجد الموسيقار ضالته في كلماتها المعبّرة عن محنته الشخصية، وكأن شاعر الشباب كتبها حصرياً لمنافس أم كلثوم، وعلى الفور قام بتلحينها وغنائها، دون أن يمنحها لمطربه المفضل عبدالحليم حافظ، لكنه أراد أن يوصل عتابه إلى محبوبته التي افترقت عنه.

وسمعت القدسي تغريدة عبدالوهاب، وأدركت أنه يغني "هان الود" لها، ويوجه إليها رسالة عتاب مفعمة بالحنين ومشاعر الحب، ورقّ قلبها لكلمات الأغنية، وتلاشت سحابة الخصام العابرة، وعادت إلى القفص الذهبي، وتجدَّد اللقاء مع حبيب العمر، واستشعرت صدمة الفقد برحيله عام 1991، وعاشت على ذكراه حتى رحيلها في عام 2015.

back to top