كيف تواصل إفريقيا نموها المطرد رغم تراجع اقتصاداتها الكبرى؟

نشر في 20-05-2019
آخر تحديث 20-05-2019 | 00:00
No Image Caption
على الرغم من ارتباط الصورة الذهنية لقارة إفريقيا بالمجاعات والفقر، فإن هذه الصورة لم تعد صحيحة على إطلاقها، في ظل تحقيق القارة السمراء معدلات نمو قياسية خلال السنوات الأخيرة الماضية.

الأسود يتحركون

وفي أحدث تقديرات البنك الدولي لمستويات النمو والآفاق الاقتصادية العالمية لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في وقت سابق من هذا الشهر، توقع أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي %3.4 في إفريقيا لعام 2019، بما يعد ارتفاعا عن النمو في 2018.

ومن المتوقع أن تحقق أكبر اقتصادات افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، نيجيريا وجنوب افريقيا وأنغولا، نموا دون المتوسط ​​الإقليمي لتسيطر حالة من القلق بشأن مستقبل هذه الأسواق التي تم النظر إليها سابقا بوصفها محركات أساسية.

ومع ذلك يبقى مستقبل القارة الاقتصادي كله مشرقا وفقا لتقييم البنك الدولي، مع نمو بنسبة أكبر من %6 في الأسواق الأصغر حجما التي لا تعتمد على السلع، مثل بوركينا فاسو وكوت ديفوار وإثيوبيا وغانا والنيجر ورواندا والسنغال وتنزانيا وأوغندا.

وقبل بضعة أعوام أصدرت مؤسسة "ماكينزي" تقريرا بعنوان "الأسود يتحركون"، وهو تقرير يتوقع أن تحقق المنطقة عائدات تصل إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2020، واعتمدت في ذلك على أن المستثمرين اعتادوا الإقبال على الاستثمار في البلدان الناشئة، بفعل عائدات تصل إلى 3 أضعاف الاستثمار بالدول الغربية في أعقاب الأزمة المالية العالمية وقبلها بقليل.

لكن مع تغير واقع الاستثمارات في الدول الناشئة، وتحذير التقارير المتعلقة بمخاطر الاستثمار في غالبية تلك الدول لأسباب اقتصادية أو سياسية، لم تحقق القارة الافريقية المنتظر منها، وإن اقتربت منه، بوصول الناتج المحلي الإجمالي للقارة الى 2.19 تريليون دولار عام 2017.

معاناة الكبار

وينظر الكثير من المحللين إلى مستقبل سكان افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، الذي من المتوقع أن يصل عددهم إلى 1.5 مليار بحلول عام 2025، ويرون أن تلك المنطقة مستعدة لتكرار التحول الصناعي السريع ومعدلات النمو المرتفعة الاستثنائية، التي شهدتها منطقة جنوب شرق آسيا في الثمانينيات والتسعينيات، رغم تراجع الاقتصادات الكبيرة بالقارة.

وتعاني الاقتصادات الكبرى المدفوعة بالتجارة في السلع الأساسية، مثل جنوب افريقيا ونيجيريا وأنغولا وزامبيا مما يصفه مجلس العلاقات الخارجية بـ"مزيج من الرياح المعاكسة" للاقتصاد الكلي، مثل البطالة وعدم الاستقرار السياسي والفساد.

ولذلك لا يتوقع أن يتخطى نمو نيجيريا للعام الحالي %2.3، بينما سيبقى نمو جنوب افريقيا دون %1.7، وذلك لمعاناة الدولتين أيضا من الأزمة التي تعانيها الأسواق الناشئة حول العالم بسبب جاذبية الاقتصاد الأميركي للكثير من المستثمرين في مواجهة الأسواق الناشئة.

ورغم ذلك تبرز دول أخرى تحقق معدلات متفوقة، فإثيوبيا تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أعلى معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي تقريبا في العالم وبنسبة تفوق %7، كما ينمو عدد من الاقتصادات الأصغر مثل تنزانيا وكينيا ورواندا وغانا بمعدلات تزيد على %6، وهو رقم يعادل أو يفوق النمو المتوقع للصين.

تأثير الحروب التجارية

وتنظر "فوربس" إلى الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على أنها "فرصة" للدول الإفريقية التي تعد المستقبل الأول للاستثمارات الصينية، فعلى الرغم من أن تلك الاستثمارات في القارة السمراء هي الأسرع نموا فإنها لم تتخط 50 مليار دولار حتى الآن.

ومع بدء استشعار بكين للخطر، قررت استثمار 60 مليار دولار خلال أقل من عقد من الزمن في إفريقيا، بما يعد التزاما صينيا بمضاعفة الاستثمارات، مما سينعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي للقارة بطبيعة الحال.

لكن وفي المقابل، فإن تضرر الاقتصاد الصيني بشكل شديد من الحروب مع الولايات المتحدة قد يجعله غير قادر على الاستمرار في التوسع في الاستثمارات بما يصيب اقتصاد القارة السمراء بالضرر.

لذا فإنه على الرغم من تحقيق القارة السمراء معدلات نمو فائقة، فإن النظرة لها يجب أن تتأرجح بين التفاؤل والحذر، لحين بلوغ مرحلة النضج، في ظل اعتمادها الكبير على الاستثمارات الخارجية، ومعاناة الاقتصادات الكبيرة للقارة، فضلا عن مشكلة القارة الاقتصادية الأهم في غياب الاستقرار السياسي ونشوب النزاعات المسلحة بين دول وجماعات القارة باستمرار.

back to top