الموسيقى تعزف ألحانها مجدداً في الرقة السورية

نشر في 16-05-2019
آخر تحديث 16-05-2019 | 00:00
عادت الحياة الثقافية والفنية إلى الدوران في مدينة الرقة السورية، حيث بدأ الفنانون يعرضون رسوماتهم أو منحوتاتهم بلا خوف أو قلق.
تملأ الكتب رفوف المكتبة الواسعة، وتغطي اللوحات جدران غرفة أخرى، بينما يرقص فتيان وفتيات بثياب تقليدية على نغمات الموسيقى الشعبية في المسرح. مشاهد تتنوع في المركز الثقافي الأول في مدينة الرقة.

يتحدث زياد الحمد (64 عاماً) بكل فخر عن المركز الذي يرأسه. يجلس بين رفوف الكتب والمجلدات القديمة، ويقول "لم نكن نصدق أن نعود في يوم من الأيام، بعد كل الدمار الذي نكبت به المدينة ليكون لدينا مركز ومكتبة ومسرح وموسيقى".

وافتتحت مدينة الرقة في أبريل الماضي مركزها الثقافي الجديد، ليكون بديلاً عن أكثر من 20 مركزاً آخر.

وكان أحد أكبر المراكز الثقافية في الرقة يحوي مكتبة ضخمة تضم أكثر من 60 ألف كتاب، إلا أن الحرب لم تترك منه سوى ركام بعد إحراق كل محتوياته ثم تدميره.

ويقول الحمد، الذي غزا الشيب شعره، إن "الكتب التي ترونها أخرجناها من تحت ركام أماكن كثيرة، وبعض الأشخاص احتفظوا بالكتب في المراكز الثقافية في الريف وأخفوها بعيداً عن "داعش"، وأعادوها إلينا بعد تحرير المدينة".

وللمرة الأولى منذ عام 2014، يستطيع الفنانون عرض رسوماتهم أو منحوتاتهم من دون خوف من الاعتقال والملاحقة، ويستطيع محبو الفن التجول بين المعارض المختلفة في المركز الثقافي، وحضور مسرحياته أو الاستعانة بمكتبه من دون خشية.

تتجول فوزية الشيخ (30 عاماً) بين غرف المركز خلال مشاركتها في حفل افتتاحه، وتقول "إنه شعور بالسعادة لا يوصف. انتقلنا من الدمار، ولا ثقافة ولا فن إلى مركز سنسمع فيه الموسيقى والشهر (...) إننا ننتقل من الظلام إلى النور".

واختار مجلس الرقة المدني مبنى متضرراً نسبياً وأعاد ترميمه، ليكون مقراً لـ"مركز الرقة للثقافة والفنون".

ويتألف المبنى من طابقين، الأول يضم قاعة المسرح وصالة معرض للرسومات والمنحونات، ومكاتب مخصصة لأقسام أخرى، أمام الطابق الثاني فيضم المكتبة الكبيرة برفوفها المليئة بالكتب، وإن كان بعضها لايزال ينتظر ملأه.

قرع الطبول

في المسرح، يختلط قرع الطبل وأنغام الربابة مع أصوات رجال يرددون الأغاني التقليدية الآتية من منطقة شرق الفرات، فيما يرقص أمامهم فتيان بعباءات رمادية مع فتيات يتألقن بعباءات تقليدية مزركشة باللون الذهبي.

في قاعة المعرض، منحوتة تظهر امرأة ترضع طفلها، وأخرى لرجل ينحني أرضاً، فيما تتنوع اللوحات التي تملأ الجدران بين مشاهد طبيعية ملونة لبحر أزرق اللون أو جبل يغطيه الثلج أو آخر أخضر تماماً، وأخرى باللونين الأبيض والأسود لفتاة مبتسمة أو امرأة يتدلى شعرها فوق كتفيها، أو حتى لقدم تمشي.

بعض هذه اللوحات موقعة باسم أمل العطار (37 عاماً)، الفنانة التشكيلية التي اختارت العودة إلى الرقة بعد سنوات من اللجوء في لبنان. وتقول العطار "بالنسبة لنا المركز عبارة عن ولادة جديدة في الرقة".

قد لا تنسى العطار ما عانته خلال فترة سيطرة التنظيم المتطرف على مدينتها، لكنها تبدو واثقة من قدرة المدينة على التعافي.

وترتسم على وجه المغني الشعبي ملك اليتيم (60 عاماً) ابتسامة واسعة، وهو يتنقل بين كراسي مسرح مركز الرقة الثقافي الحمراء اللون.

ويضيف الرجل الذي وضع كوفية بيضاء على رأسه، وارتدى عباءة غامقة اللون "الآن أشعر كأني طير يحلق في السماء، والسماء صافية والجو ربيع".

المسرح يختلط بقرع الطبل وأنغام الربابة مع أصوات رجال يرددون الأغاني التقليدية الآتية من شرق الفرات
back to top