«التمييز» تبرئ متهماً من الربا الفاحش وغسل الأموال وتلغي حبسه 4 سنوات

نشر في 14-05-2019
آخر تحديث 14-05-2019 | 00:00
No Image Caption
في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز الجزائية برئاسة المستشار عبدالله الجاسم ضرورة توافر أركان جريمة الربا الفاحش لإدانة المتهمين بها، وأن مجرد طلب المجني عليه قرضا من المتهم لا يعني أن لديه حاجة ماسة تستدعي إدانته بتهمة الربا الفاحش.

وألغت المحكمة حكمي محكمة أول درجة والاستئناف الصادر بإدانة المتهم بالحبس 4 سنوات، وقضت ببراءته من التهم المنسوبة إليه، كالربا الفاحش وغسل الأموال، لعدم سلامة الاتهام المنسوب من النيابة العامة.

وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها إن الشروط الواجب توافرها لتحقق جريمة الإقراض بربا فاحش - المارّ بيانها - غير متوافرة في حق المتهم، استنادا الى ما جاء بالأوراق وتحقيقات النيابة العامة من أن رغبة المقترضين في الحصول على قرض جديد من ثلاثة بنوك هي التي دفعتهم الى الاقتراض من المتهم، ومن ثم فإنه لولا هذه الرغبة الجامحة لديهم لم يكونوا في حاجة إلى الحصول على هذه القروض، بل ولم تكن لدى أي منهم حاجة ماسة لدفع خطر يتهدده في ماله أو في نفسه.

كما برئ كل منهم من الطيش وقلة الوعي والهوى، بل إن عدم سدادهم القروض الأولى المستحقة للبنوك، لم تكن لترتب عليهم أي مسؤولية جزائية، كما أن الالتزامات المدنية التي قد تترتب على ذلك لن تتجاوز مقدار الفائدة المدفوعة منهم للمتهم، ومن ثم فإن الحاجة الى سداد القروض الأولى لا يعتبر من قبيل الحاجة الماسة إلى الاقتراض على هذا النحو من المتهم، بل رغبتهم الجامحة في الحصول على قروض جديدة تفوق ما عليهم من مديونية للبنك، هي من دفعتهم لهذا الاقتراض، وهي ليست حاجة ماسة تهددهم في شخصهم أو مالهم أو من هو في مسؤوليتهم، وإن المتهم كان عالما بأنهم ليسوا في حاجة ماسة الى تلك القروض، وأن دافعهم هو الرغبة في الحصول على قرض جديد من البنك بمبالغ أكبر من السابقة، ومن ثم لم يستغل حاجة أو هوى أو طيش لديهم، ومن ثم تنتفي عن جريمة الإقراض بربا فاحش أحد عناصرها.

لا مدة للفائدة

وقالت «التمييز» إن الأوراق والتحقيقات خلتا من تحديد مدة الفائدة المتفق عليها بين المتهم والمقترضين منه، وعما اذا كانت الفائدة سنوية أو نصف سنوية ام شهرية ام اسبوعية ام يومية للوقوف على ما اذا كانت تلك الفائدة تعتبر من قبيل الربا الفاحش من عدمه، سيما أن مبالغ الفائدة المقول بدفعها من المقترضين للمتهم لا تتجاوز نسبتها 3: 6 في المئة من أصل القرض، وهو ما لا يمثل ربا فاحشا.

وبينت المحكمة أنها انتهت الى انتفاء عنصر نية المتهم استغلال حاجة المقترضين أو طيش او هوى لديهم، كما خلصت الى أن الفائدة التي دفعها المقترضون للمتهم لا تعتبر من قبيل الربا الفاحش، كما أن أقوال ضابط مباحث مكافحة جرائم غسل الاموال وتمويل الإرهاب وتقرير وحدة التحريات المالية الكويتية وتحريات الشرطة التي لا تعدو ان تكون رأيا لمجريها لم تقطع أي منها بأن المقترضين كانوا في حاجة ماسة إلى المال المقترض واستغلال لتلك الحاجة لديهم، وأن الاقتراض كان بربا فاحش، ومن ثم فإن المحكمة تخلص الى انتفاء جميع الأركان القانونية اللازمة لقيام جريمة الإقراض بالربا الفاحش المنسوبة للمتهم، وتلتفت عن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة، وأنها للأسباب المار بيانها غير صالحة للاستدلال بها على توافر جريمة الإقراض بالربا الفاحش وثبوتها في حق المتهم، وخلت الأوراق من دليل آخر يصلح لذلك، ومن ثم يتعين القضاء ببراءته من هذه التهمة المنسوبة اليه.

انتفاء أركان الجريمة

وأوضحت المحكمة أنه عن جريمة غسل الأموال، وكان دفاع المتهم قد قام على انتفاء أركانها وعدم ثبوتها في حقه، فلما كان ذلك وكانت المادة الثانية من القانون رقم 106 لسنة 2013 تنص على أن يعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال متحصلة من جريمة، وقام عمدا بما يلي:

أ - تحويلها أو نقلها أو استبدالها بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشرع لتلك الأموال أو مساعدة أي شخص ضالع في ارتكاب الجرم الأصلي التي تحصلت منه الأموال على الإفلات من العواقب القانونية لفعله.

ب - إخفاء أو تمويه الطبيعة القانونية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها.

ج - اكتساب الأموال أو حيازتها أو استخدامها، ومقتضى ذلك النص أنه يلزم لقيام جريمة غسل الأموال أن تكون الأموال محلها متحصلة من جريمة، وكان من المقرر ان جريمة غسل الأموال تستلزم فضلا عن القصد الجنائي طبيعته أو مصدره أو مكانه او صاحب الحق فيه... الخ.

ولما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت على النحو السالف بيانه إلى براءة المتهم من جريمة الإقراض بربا فاحش، وكانت جريمة غسل الأموال لا تقوم إلا اذا كانت الأموال محلها متحصلة من جريمة، وإذ انتفت جريمة الإقراض بربا فاحش في حق المتهم كما خلت من دليل يدل على أن تلك الأموال متحصلة من جريمة أخرى، فضلا عن خلو الأوراق مما يثبت أن المتهم قد تعمد إخفاء المال محل القروض التي أقرضها للمقترضين أو تمويه طبيعته الحقيقية أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه، وهو ما ينفي القصد الجنائي اللازم لقيام جريمة غسل الأموال في حقه.

back to top