رياح وأوتاد: أخطر جلسات المجلس

نشر في 13-05-2019
آخر تحديث 13-05-2019 | 00:10
جلسة طرح الثقة بوزير الإعلام والزراعة هي أخطر جلسات مجلس الأمة على الإطلاق، ولم تتكون هذه القناعة بسبب نتيجة التصويت أو بسبب ما أشيع عن استفادة بعض النواب من المعاملات والحيازات الزراعية فقط، إنما أيضاً بناء على ما اكتنف الجلسة من مفاهيم خطيرة.
 أحمد يعقوب باقر شخصياً أعتبر جلسة طرح الثقة بوزير الإعلام والزراعة هي أخطر جلسات مجلس الأمة على الإطلاق، ولم تتكون هذه القناعة بسبب نتيجة التصويت أو بسبب ما أشيع عن استفادة بعض النواب من المعاملات والحيازات الزراعية فقط، إنما أيضاً بناء على ما اكتنف الجلسة من مفاهيم خطيرة تخللتها وسيطرت عليها، مع أنها تصادم نص الدستور الكويتي وروحه.

من هذه المفاهيم ما صرح به أحد النواب من وجود دافع عنصري وراء الاستجواب، وإذا صح كلام هذا النائب فهي كارثة، وإذا لم يصح وتم اصطفاف النواب بالشكل الذي رأيناه فهي كارثة أيضاً، وذلك لأن عضو مجلس الأمة يجب أن يمثل الأمة بأسرها ولا يمثل العائلة أو القبيلة أو الطائفة رغم كل الظروف والضغوط، ورغم إدراكنا لحدوث طروحات عنصرية في السابق، لكن لم يسبق أن حدث هذا الاصطفاف بالشكل الذي رأيناه في هذه الجلسة، وبقبول وترويج من قيادات سياسية.

والظاهرة الأخطر هي غياب أو امتناع بعض النواب وعدم التصويت بحجة الانقسام العنصري في المجلس، في حين كان واجبهم الذي أشهدوا الله عليه هو الوقوف إلى جانب الحق وبيانه للأمة ومحاولة كسر هذا الاصطفاف البغيض، خاصة أنهم من أشد النواب معارضة للحكومة ومطالبة بالإصلاح حسب زعمهم، ولكن يبدو أنهم لا يريدون خسارة أحد الطرفين الذي يطمحون للحصول على تأييده في مواجهات لاحقة، فآثروا عدم التصويت فكانت النتيجة هي أن تترسخ ظاهرة العنصرية ويستقر هذا المفهوم أكثر فأكثر، وذلك على حساب الممارسة النيابية والبرلمانية السليمة.

أما أخطر المفاهيم الذي تم الانصياع له وتسريبه وترويجه سراً فهو أن الوزير كان ينفذ أوامر عليا في المواضيع التي طرحت في الاستجواب، وبالتالي لا يجوز محاسبته عليها، وهذا المفهوم رغم ترويجه فإنه أولاً قد لا يكون صحيحاً، وأنه كان مجرد عذر للتنصل من المسؤولية، وبناء على خبرات شخصية فإن القيادة السياسية لا تقبل تجاوز القانون والإخلال بالعدالة في المعاملات المقدمة، وذلك بعد بيان عدم انطباق الشروط القانونية عليها، وثانياً أن من المجمع عليه دستورياً أن ترويج مثل هذا الأمر وبناء الموقف عليه من شأنه أن يقضي على كل ما في الدستور من مسؤولية وزارية، لأن من أهم واجبات الوزير هو تطبيق القوانين على الجميع بالعدالة التي نص عليها الشرع والدستور وبين المواطنين، كما أن من واجبه، أي الوزير، البيان للجهات العليا وللقيادة السياسية ما قد يكتنف بعض التوجيهات والطلبات من مخالفات ونواقص بعد دراستها، وإذا لم يفعل ذلك فإن هذا لا يعفيه من المسوؤلية.

لهذه الأسباب أعتبر شخصياً أن جلسة طرح الثقة تمخضت عن سوابق كارثية على الممارسة النيابية ومستقبلها في الكويت، والله المستعان.

back to top