لذّة الخطيئة!

نشر في 02-05-2019
آخر تحديث 02-05-2019 | 00:05
 مسفر الدوسري للخطيئة لذة شيطانية، وللخطأ ألم إنساني!

للخطيئة طعم الحلوى الطرية والسكّر الحرام، وللخطأ وجع شوكة حادة ونفْسٌ مغموسةٌ بمرارة اللوم. تولد الخطيئة سفاحاً من رحم القصد المسبق والنية المشتهاة، وترمى خلسة على قارعة الطريق، وتلف في مهد التبرؤ منها. أما الخطأ، فهو ابن شرعي يُولد من دون قصد في غفلة الحسابات وغياب زغاريد البشارة، إلا أن حقه في النسب لا يسقط، ولا حقه في الرعاية، وواجب التقويم من قبل مرتكبه، من خلال تربيته تربية صالحة. الخطيئة سباق للقفز على الحواجز في مضمار المُثل السامية والمبادئ وفطرة الإنسان السوية. أما الخطأ، فمحاولة غير موفقة للعبور من تحت سقفها وضمن شروطها. الخطيئة مفسدة للضمير الحي، ومؤامرة لقتله غيلة، وتحين الفرصة للقيام بذلك خلال نومه، فيما الخطأ فسحة لبذل محاولة جادة لإنعاش الضمير، وبعثه للحياة لممارسة دوره مجدداً في الرقابة والمحاسبة وتصحيح المسار قدر الإمكان.

الندم في سوق الخطيئة عملة غير متداولة، وسعر صرفها زهيد، لكنه في دكاكين الخطأ عملة صالحة، وقابلة للتبادل، ولها سعر في دفاتر الفضيلة وقيمة في بورصة الرجوع للحق والارتهان لجادة الصواب.

عند الخطيئة تتضاءل حظوظ الفرصة الثانية، لتصل حد العدم، في حين تبقى حظوظ الفرصة الثانية في الغالب قائمة ومتاحة عند الخطأ!

كلاهما - الخطيئة والخطأ- لهما ثمن واستحقاق واجب الدفع، إن عاجلاً أو آجلا، ولا مجال لتصنيف دينهما في خانة الديون المعدومة، ولا سبيل للتملص من التسديد والتهرب من الدفع، أو إيجاد نافذة للخروج لمكان آمن لا تطوله يد العقوبة أو منجى منها، إلا أن ثمن الخطيئة باهظ، واستحقاقها ثقيل ومدمر، ويشق على مرتكبها الوفاء به، فثمن الخطيئة، وإن تأجل، فهو يدفع كاملا دفعة واحدة مع كل الفوائد المتراكمة، ومن دون أي امتياز في الحصول على الحسم أو التخفيض في قيمة الدين، فيما ثمن الخطأ، وإن تعاظم وكبر، فهو أقل من ثمن الخطيئة، مع إمكانية الحصول على ميزة إسقاط جزء من الدين بقدر حجم الندم وعمقه وصدقه، فصدق الندم يغسل شيئاً من درن الذنوب، ويسقط فوائد الخطأ أو جزءا كبيرا منها، مما يقلل حجم الدين، ويجعل دفعه مأمولاً ومقدوراً عليه، إن كان بالتقسيط الميسَّر، أو حتى بالتقسيط غير المريح، فذلك يعتمد على فداحة النتائج المترتبة وسلبية الآثار الناشئة عن ارتكاب الخطأ، إلا أنه في كل الأحوال، فإن ثمن الخطأ قابل للسداد.

لا إجبار في الخطيئة، ولا استكبار في الخطأ، فالاستكبار في الخطأ قفزة في الهواء تختصر خطوات الطريق المؤدي للوقوع في «هاوية العزّة بالإثم»، مما يجعل الخطأ يصبح خطيئة، عليه ما عليها من الذنب، وله ذات ثمنها الواجب دفعه، مع افتقاده تلك اللذة الشيطانية في الخطيئة وطعم حلواها!

back to top